من سيدي سليمان كان الجواب سريعا، قاسيا، مؤلما ومريعا، وتتويجا لمسار أربعة اشهر من صناعة الفوضى. تلاميذ يستمتعون بتخريب مؤسسة عمومية ويحتفلون بذلك، في مشهد صادم ، نتيجة انهيار الجدار الاخير. ما وقع اليوم نتيجة طبيعية لاقحام تلميذ في مواجهة لا تعنييه، حين اغلقت المدارس و تركنا اطفالنا في الشوارع ، ماذا نتوقع منهم : هل ننتظر منهم ان يرددوا النشيد الوطني بصوت واحد ؟ هل ننتظر منهم الانصباط و الحرص على احترام الحياة المدرسية ؟ هل ننتظر منهم ان يحولوا دروس الاخلاق إلى فعل ملموس ؟ هل ننتظر منهم أن يلعبوا كما يلعب الاطفال ! مشهد التخريب ربما يوحي هو نوع من اللعب، كل الفرضيات ممكنة، وأن ماوقع خطورته فيما سيأتي، فبعد العواصف تصفو الأجواء ، هذا قانون يصلح في الطبيعة فقط! حسب تصريحات بعض التلاميذ التي توصلت بها من طرف بعض الاباء ، ان حصة الدرس القليلة تتحول إلى لحظة يترافع فيها الاستاذ امام تلاميذته ، لاقناعهم بصوابية معركتهم ضد" العدو " الذي باع المدرسة العمومية لفائدة البنك الدولي ! ويجتهد الاستاذ لرفع منسوب الكراهية لدى تلميذ، لا علاقة له بعالم الكبار ومشاكل الكبار و خطاب الايديولوجيا و شعارات تشي و طوفان الجماعة ! وان كنت اعتقد أننا أمام ايديولوجيا شديدة التاثير ، مادمت قد جمعت بين ما لايجتمعان ، يمين متطرف و يسار متطرف ! خطاب عاطفي لكي ينحاز التلميذ الى صف الاستاذ ، من اجل تحرير المدرسة العمومية و التخلص من العدو و استعادة الكرامة و الحرية و الهوية! هنا جوهر الازمة ، حين تخلى الأستاذ سلطته أمام تلميذه ! الاستاذ أصبح تلميذا و التمليذ أصبح أستاذا، و النتيجة عالم مقلوب . مفارقة جديدة ان زلزال الحوز اخرج أجمل وأروع من لدى المغاربة ، حس تصامني بمثابة إعجاز مغربي . واحتجاجات عبثية أخرجت أسوأ مافي مدارسنا . اعرف ان تدوينتي ستثير الكثير من ا لانفعال هواة الإضراب، لكنني مؤمن ان العلاج الوحيد هو خطاب الحقيقة حتى لو كان مرا وقاسيا. وأن كنت اعتبر ان الحكومة لم تفكر جديا في الازمة الا تحت الضغط، فكان تصرفها غير طبيعي لأزمة ولدت طبيعية و انتهت عبثية ! اليوم أمامنا فرصة مناسبة للإصلاح، ربما السيد الوزير بنموسى من اكثر الوزراء حظا لكل من سبقوه ، لأول مرة تنكشف امامه الحقيقة عارية لمنظومتنا التعليمية، من اجل اصلاح حقيقي عنوانه استعادة النظام و ترسيخ منطق الاستحقاق و الأمر الايجابي على التمليذ و وضع شبكة للتقييم الاداء وتسهيل مسطرة من لا يحب المهنة و يريد الترحيل و الانتصا ر للوطن أولا واخيرا كتجسيد حقيقي لخطاب الجدية الذي دعا اليه جلالة الملك .