قلل المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك من تأثير قانون العقوبات البديلة الذي صادق عليه البرلمان مؤخرا، على معالجة ظاهرة الاكتظاظ التي تعاني منها سجون المملكة، والتي وصفها ب"الوضع الشاذ". وقال التامك خلال تقديمه لمشروع الميزانية الفرعية لإدارة السجون، بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، الثلاثاء، إن المؤسسات السجنية سجلت ارتفاعا قياسيا في عدد السجناء حيث تجاوز 100.000 بنسبة 6% ما بين متم السنة المنصرمة ومتم أكتوبر 2023 بعدما انتقل من 97.204 إلى103.302 سجينا خلال هذه الفترة. وأضاف المتحدث، أن "معدل الاعتقال في بلادنا في تصاعد مستمر إذ يقارب حاليا 272 سجين لكل 100.000 نسمة، وذلك مقابل 265 سجينا لكل 100.000 نسمة خلال السنة الماضية، ما يعني أن هذه النسبة لازالت في ارتفاع مستمر وهو ما يجعل بلادنا وللأسف تتبوأ الصدارة على الصعيد العربي ومحيطها الإقليمي". وفي هذا الإطار، أوضح التامك، أن "أثر العقوبات البديلة في التخفيض من عدد السجناء يبقى نسبيا، حيث أنه ومن خلال استقراء تجارب عدد من الدول تبين أن هذه الأخيرة لازالت تسجل ارتفاعا في ساكنتها السجنية رغم تفعيلها للعقوبات البديلة". وزاد بالقول: "إذ كان مشروع القانون 23-10 المنظم للمؤسسات السجنية، والذي تمت مناقشته بمجلس النواب، سيعزز المقتضيات الرامية إلى حماية حقوق السجناء وصون كرامتهم، فإنه في نفس الوقت يرفع من سقف تحديات المندوبية العامة على مستوى أنسنة ظروف الاعتقال، الشيء الذي سيزيد من صعوبة ربح هذا الرهان دون إيجاد حلول فعالة لظاهرة الاكتظاظ". وسجل المندوب العام لإدارة السجون، أنه لتنفيذ قانون العقوبات البديلة، "يلزمنا منذ البداية 4 آلاف موظف، للسهر على هذه العملية دون الحديث عن الجانب التقني"، مضيفا أن إدارة السجون تعاني من نقص حاد في الموارد البشرية يصل إلى 12 ألف موظف، في الوقت الذي تخصص 1000 منصب مالي فقط للمندوبية سنويا. وأشار التامك إلى أن "طبيعة هذه الظاهرة المعقدة تستدعي تبني حلول عملية في إطار مخطط مندمج يشمل الجوانب التشريعية والقضائية والإدارية"، مشددا على ضرورة تجويد الترسانة القانونية الجنائية، ومعالجة ظاهرة الجريمة بشكل عام. وأردف المتحدث، أنه "كان بإمكان المندوبية العامة أن تنظر إلى مشكل الاكتظاظ من منظور قطاعي محض يقتصر على التماسها من الحكومة إمدادها بالاعتمادات المالية اللازمة لبناء مؤسسات سجنية أخرى لاستيعاب الأعداد المتزايدة للمعتقلين". إلا أن ذلك، يوضح التامك "لا يتوافق وقناعتها بأن بناء سجون إضافية لا يشكل لوحده حلا فعالا، وخير دليل على ذلك هو استمرار ظاهرة الاكتظاظ رغم العدد الهام للمؤسسات السجنية التي تم بناؤها منذ سنة 2014 والبالغ 27 مؤسسة سجنية، حيث تقوض الوتيرة المتسارعة لتزايد عدد المعتقلين كل جهود البناء والتوسعة التي تقوم بها المندوبية العامة".