اثار من جديد خبر وجود مقترح انشاء مطرح للنفايات بتمتيك في مختلف اوساط قرية تمتيك و المجتمع المدني بزاكورة و البلدات المجاورة قلقا كبيرا و متزايدا، نظرا لما يشكله ذلك من خطر على حياة و صحة الساكنة و على البيئة من مياه جوفية و غطاء نباتي و هواء و استنزاف للموارد الطبيعية . لذا سنحاول من خلال هذه الاسطر تسليط الضوء على ذلك من الناحية القانونية وفق مقتضيات القانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات و التخلص منها و باقي القوانين المؤطرة لذلك مع الوقوف على الاجراءات المسطرية و الشروط القانونية لإنشاء مطرح النفايات ، علاوة على التدابير الواجبة لذلك . تاتي خطورة انشاء مطرح طمر النفايات من خلال تأثيره على البيئة و الكائنات الحية بها ، و مايمس به من حقوق دستورية للمواطنين ، اذ عدم التفكير في عواقبه و التشديد في توفر شروطه القانونية و التقنية و البيئية و ... يؤدي لا محال الى خرق دستوري يجعل اولا الجماعة الترابية و المؤسسة العمومية مسؤولة عن اثاره طبقا للفصل 31 من الدستور " تعمل الدولة المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية .....من الحق في : * السكن اللائق . * الحصول على الماء و العيش في بيئة سليمة ." فضلا عن ذلك فان هذا النوع من المشاريع يمس الحق في الحياة للإنسان (الفصل 20 من الدستور ) و سلامة شخصه و اقربائه و ممتلكاته ( الفصل 21 منه ) و يمس بالسلامة الجسدية له ايضا (الفصل 22 من الدستور) . و بناء على ذلك فان المشرع قد شدد على ضرورة توفر شروطه القانونية قبل التقنية منها ،اذ ان اي انشاء له دون التطبيق السليم للقانون يجعله عشوائي الانشاء ، و سيبقى عشوائيا مهما طال الامد باعتباره مبني على مخالفة صريحة للقانون ، ومن المعلوم ان القانون هو اسمى تعبير ارادة الامة و الجميع اشخاصا ذاتيين او اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون امامه و ملتزمون بالامتثال له (المادة 6 من الدستور ) . بل ان القانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات و التخلص منها نص في مادته الاولى " يهدف هذا القانون الى وقاية صحة الانسان و الوحيش و النبيت و المياه و الهواء و التربة و الانظمة البيئية و المواقع و المناضر الطبيعية و البيئية " . تنقسم المطارح وفق مقتضيات المادة 48 الى ثلاثة اصناف : * مطرح النفايات المنزلية و المماثلة لها * مطرح النفايات الصناعية و الطبية و الصيدلية . * مطرح النفايات الخطرة . ووفق المعلومات و الوثائق التي توصلنا بها نجد ان مقترح المطرح بتمتيك المتعلق بطمر النفايات يندرج ما بين الصنف الاول و الثاني . خاصة وان المشروع القديم الذي لم يتم المصادقة عليه المتعلق بمطرح النفايات المنزلية بالمنطقة ذاتها (تمتيك ) نظرا لما لقي من رفض من مختلف الفعاليات المدنية و ساكنة المنطقة ، و اخراج مشروع جديد متعلق بمطرح اخطر من المطرح الاول و الذي يتعلق بطمر النفايات الصلبة و بنفس المنطقة يطرح اكثر من تساؤل ؟؟؟؟؟؟ و يجعل البحث العمومي و مساطر ذلك منشاة مرتين لم يتغير منها إلا نوع المطرح ؟؟ وحيث ان واقع الحال ان معظم ساكنتها بالجماعة الترابية لتمكروت ، يقومون بتصريف النفايات بشكل ذاتي دون حاجة الى هذا النوع من المطارح ، فان اقامته سيهدد واحة النخيل كأكبر واحة بالمغرب و يتعارض مع مجهودات الدولة المالية و اللوجيستيكية و التقنية من اجل الحفاظ على الواحات ، اذ ان اعطاء الاولوية للنفايات و ترك مشاريع اخرى اولى من ذلك مثل التخفيف من حدة التصحر و الحد من تأثيرات المياه العادم التي تعاني منها قرية تمتيك و القرى المجاورة ، او الرفع من جودة العيش بالمنطقة و غيرها من الاولويات التي تحتج لها المنطقة. و طالما ان تأثيرات مطرح النفايات على الصحة و البيئة لا تخفى على الجميع و خاصة الهواء ، فانه بالرجوع الى المادة السابعة من القانون اعلاه نجد انها تمنع احراق النفايات في الهواء الطلق باستثناء النفايات النباتية و القش و التي وصلت الى حد التجريم في القانون السالف وفق مقتضيا المادة 76 منه بغرامة من 5000 درهم الى 20.000 درهم و بحبس من شهر الى سنة او بإحدى العقوبتين فقط . و هكذا فان انشاءه معيبا و مخالفا لمقتضيات القانون الاطار 99.12 بمثابة قانون ميثاق و طني للبيئة و التنمية المستدامة و التزامات المغرب الدولية المتعلقة بالتغيير المناخي و التنوع البيولوجي و محاربة التصحر و البرتوكولات المنبثقة عن هذه الاتفاقيات ، ومعارضا بشكل صريح مع اختصاصات المجالس الجماعية في مجال الحفاظ على البيئة و تحسين ظروف صحة و جودة العيش، خاصة ان ساكنة تمتيك تعاني من رائحة المياه العادمة القادمة من جهة اليمنى ، و انه بدل ازالة الضرر تاتي بضرر اشد و تجعلها بين دفتي المياه العادمة من جهة و مطرح النفايات من جهة اخرى ، علاوة على ان ذلك مخالفة صريحة ايضا لدليل وزارة البيئة مع وزارة الداخلية قصد ادماج البعد البيئي في التخطيط الجماعي المحلي ، سيشكل تهديدا حقيقيا على حقوق الاجيال الحالية و المقبلة ، بل القضاء على كل اشكال الحياة في وادي درعة و فناء الثرات البيئي و الطبيعي و الثقافي للمنطقة . زيادة على ذلك فان معاناة الساكنة من التصحر و نقصن المياه الصالحة للشرب ، و اضافة مطرح طمر النفايات ينبئ بكارثة قادمة تدق اخر مسمار في نعش الحياة في المنطقة ، و هو مخالفة صريحة لمرسوم 301.16.2 المتعلق بمسطرة اعداد برنامج عمل الجماعة و تتبعه و تحيينه و تقييمه واليات الحوار و التشاور لإعداده في مادته الثالثة التي اعتبرت البعد البيئي من اولويات عمل الجماعة التنموي ، بل اكدت ان انشاء مثل هذه المشاريع (مطرح طمر النفايات ) لا يجب ان يكون على حساب الموارد المائية و الطبيعية و حياة الساكنة بل يتطلب نوع من الانسجام و الالتقائية بين مختلف المشاريع . وهو ما اكده المشرع المغربي في هذا الشان في القانون رقم 11.03 المتعلق بحماية و استصلاح البيئة في مادته الثانية بضرورة اقرار التوازن الضروري بين متطلبات حماية البيئة حين اعداد المخططات القطاعية للتنمية و ادماج مفهوم التنمية المستدامة حين وضع تنفيذ المخططات " مرورا الى مسالة الموقع لماذا تمتيك و قرب مجمع سكني؟ تنص المادة 50 منها انه يمنع الترخيص " باقامة المطارح المراقبة بجوار المناطق الحساسة و المناطق المحضورة و المحمية قانونا و المنصوص عليها في قانون الماء 10.95 لا يمكن الترخيص باقامة هذه المطارح بجوار المنتزهات الوطنية و المجالات المحمية و المناطق ذات المنفعة السياحية و المواقع ذات المنفعة البيولوجية و الايكولوجية و المناطق الرطبة و الغابوية و المدارات المسقية و المناطق البورية ذات الطاقة الانتاجية الزراعية المرتفعة " فضلا عن المادة 56 الذي جاء فيها " لا يجوز منح اي ترخيص دون مراعاة حقوق الغير " و بقراءة متأنية للمقتضيات السالفة الذكر نسجل الاتي : * بخصوص المناطق الحساسة نجد قد عرفتها المادة 1 من القانون رقم 12.03 بدراسات التأثير على البيئة على انها" المناطق الرطبة و المناطق المحمية و المناطق ذات المنافع البيولوجية و الايكولوجية و المناطق الموجودة فوق الفرشات المائية الجوفية و مواقع تصريف المياه " ، و مما لاشك فيه ان المنطقة المعينة هي مناطق رطبة و من اسفلها فرشة مائية جوفية مهمة . و خاصة ان المنطقة ذات مخروط صبيبي مرتفع كونها قادمة من الجبال ، سيجعل النفايات العضوية جراء الطمر بعد هطول الامطار للمجاري الطبيعية التي هي مصدر سقي الواحة ، نظرا للجفاف التي تعاني منه المنطقة، و سيؤدي لا محال الى اندثار الواحة و هو الامر الذي يجرمه القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء الصادر بتاريخ 16/8/1995 و بالضبط المادة 54 منه : " يمنع ما يلي : 1- افراغ مياه مستعملة او نفايات صلبة في الوديان الجافة .2- القيام بايت فريش او طمر ووضع النفايات من شانها تلويث المياه الجوفية عن طريق التسرب او تلويث المياه السطحية عن طريق السيلان ." * اما فيما يتعلق بالمناطق المحظورة و المحمية قانونا المنصوص عليها في قانون الماء : جاء التحديد هنا فضفاضا يحتمل اكثر من تأويل و ربما قصد المشرع المناطق العسكرية او ما شابه ذلك ، لكن بالإطلاع على مقتضيات قانون الماء رقم 10.95 نجد التحديد لذلك بناء على حالة تمتيك محل القراءة: "سيل مجاري المياه الدائمة و غير الدائمة و كذلك منابعها و مسيل السيول التي يترك فيها سيلان المياه اثار بارزا ، و مما لاشك فيه ان مقترح تمتيك مقترح مخالف للقانون اذ ان "الواد الميت "هو مجرى غير دائم كما يعلم الجميع و عندما تهطل الامطار فالنتيجة تجدها بالمجرى الواضح وضوح الشمس يصل حد مجراه الى بعد منطقة تمكروت و يهدد الزاوية الناصرية كمعلمة تاريخية و سياحية مباشرة لان مصب المجرى غير دائم يصل مجراه مباشرة الى الزاوية الناصرية . و من جهة اخرى فان المجرى غير الدائم يترك فيها سيلان المياه اثار بارزة تستمر للشهور قبل العودة الى حالتها العادية (الشعاب). * المنطقة المسماة " الواد الميت " كمنطقة بورية تعد من المناطق التي لا يمكن الترخيص باقامة المطارح بها. * الى جانب ان المنطقة المسماة "الواد الميت" كمجال محمي قانونا وفق مقتضيات المادة 50 و ان مشروع ذلك لم يراع حقوق الغير كاراضي سلالية محمية قانونا و دستوريا (الفصل 20 من الدستور ). و لعل كل متتبع ايضا ، يطرح سؤال على اي اساس تم اختيار" الواد الميت" ، و في محاولة لاجابة على ذلك بتصفح القانون المنظم لذلك ونصوصه التنظيمية خاصة مرسوم 289.09.2 بتاريخ 8/12/2009 المتعلق بالمساطر الادارية و المواصفات التقنية المطبقة على المطارح المراقبة (المزبلات) نجد و نسجل الاتي : – شرط الزامي يتمثل في المواصفات التقنية (المادة 49) ولعل المواصفات التقنية من ناحية الموقع و غيره ، لا يمكن ان يقر فيه صاحبه بصلاحية " الواد الميت" لذلك نظرا ، علو تمتيك و الرياح تقريبا طول السنة تجعل الرائحة داخل بيوت الساكنة طيلة السنة و غيرها تجعل من التقرير المؤكد لصحتها لذلك غير قانوني من هذه الناحية . – موافقة السلطات المختصة بالبيئة و مراقبتها ، اذ بالرجوع الى المادة 2 من قانون 12.03 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة نجد ان القرار ينحصر دوره على حماية البيئة من كل شيء يحتمل ان يكون له تأثير على الوسط الاحيائي و الفزيائي و البشري ومما لاشك فيه ان التأثير لمطرح النفايات يتمتيك ليس في حاجة الى بيان . اما بخصوص الاجراءات التمهيدية لإنشائه و المنجزة لحد الان فنسجل ايضا الاتي : * ان اول ما يمكن ملاحظته غياب تحديد الموقع بالقرار العاملي لمشروع انشاء المطرح ، وان الاشارة الى ذلك بالتقرير لا يعف قانونا من تحديده بالقرار العاملي طبقا للمادتان 2 و 5 من مرسوم رقم 2-04-564 المتعلق بتحديد كيفيات تنظيم اجراء البحث العمومي الخاص بالمشاريع الخاضعة لدراسة التأثير على البيئة ، اضافة الى ان قرار فتح البحث العمومي لم يبين موقعه و تركه مبهما دون تحديد ، و هو الامر الذي اكدته الدورية المشتركة رقم D1998 بتاريخ 17/3/2009 ، وخاصة ان البحث العمومي طبقا لمرسوم مرتبط بمكان اقامة هذه المشاريع وان عدم الاشارة بالقرار العاملي لمكان انشائه يجعله مختلا مسطريا . * الاعتماد على معطيات غير دقيقة و دراسة جيولوجية غير حقيقية ، خاصة و ان الاطلاع على الخريطة الجيولوجية للمكان تشير الى المنطقة تتوفر على مخروط صبيبي مروحي قوي مصدره الجبال و هو ما يطلق عليه في العامية بزاكورة "الشعاب" و هو الذي لا شك وبناء على ما تم تدريسنا اياه سابقا معدل التعرية مرتفع ، مما يطرح اختيار مكان وضعه اكثر من سؤال ؟؟ * ان المنطقة المراد وضع المطرح بها هو واد غير دائم لذا لقب "بالواد الميت" يتحرك جريانه بهطول الامطار ،و الذي مجراه يمر من الزاوية الناصرية مباشرة كمنطقة ذات منفعة سياحية و تاريخية للمنطقة و ثقافية ، وانه غير بعيد بالرجوع الى الوراء ان هطول الامطار بالمنطقة المراد انشاء المطرح بها ظهرت اثاره بالزاوية الناصرية . – مدة الاستغلال : نجد مقترح اقامة المطرح غير محدد – نشر فتح البحث العمومي : حيث ان القانون طبقا للمادة 6 ما المرسوم الزم بتبليغ قرار فتح البحث الى علم العموم عن طريق نشره في جريدتين يوميتين 15 قبل فتحه، نسجل ايضا غياب ذلك ، اذ انه اتخذ بتاريخ 22/8/2023 و بلغ لسيد القائد بتاريخ 25/8/2023 من اجل تعليقه دون المرور بنشره بالجريدتين اليوميتين . – ان المتتبع لكيفية اجراء البحث و تحمل الساكنة عبء و مصاريف التنقل الى مقر جماعة تمكروت من اجل التعرض على المطرح بسجل الملاحظات ، يجعل مقتضيات المادة الاولى من القانون 12.03 بدراسات التاثير على البيئة ، و هو ما كرسته ايضا المادة 10 من مرسوم البحث العمومي، ان من يتقدم بطلب رخصة انشاء مطرح النفايات هو من يتحمل المصاريف المترتبة عن البحث العمومي . – غياب ترخيص و كالة الحوض المائي و اجراء بحث قبل منح ذلك : اذ ان المادة 52 من قانون الماء فرضت مثل نازلة الحال (مطرح طمر النفايات ) باعتباره يتعلق بصب او رمي او ايداع مباشر في الطبقات الجوفية اذ جاء فيها " لا يمكن القيام باي صب او سيلان او رمي او ايداع مباشر او غير مباشر في مياه سطحية او طبقات جوفية من شانه ان تغير المميزات الفيزيائية بما فيها الحرارية و الاشعاعية و الكيميائية و البيولوجية او البكترولوجية بدون ترخيص سابق تسلمه وكالة الحوض المائي بعد اجراء بحث . تحت طائلة عقوبة من شهر الى سنة وغرامة 1200 درهم الى 5000 درهم كل من خالف و لم يقم بالحصول على ترخيص بعد اجراء بحث من وكالة الحوض المائي . و هو ما جعل القانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات و التخلص منها في مادته الثانية يستثنيها باعتبار طمر النفايات هو ايداع مباشر و غير مباشر في الطبقات الجوفية التي تحتوي على ينابيع مائية . – علو ملء هذه المنطقة : المادة 3 من المرسوم السالف الذكر و لعل الواضح للعيان قبل التقني الذي يقوم بالتقرير علو" الواد الميت" و منطقة تمتيك بصفة عامة على باقي البلدان المجاورة . – ولعل ايضا ما جعلنا نقف على ما تم بسطه اعلاه ، هو مخالفة المخطط المديري الجهوي لتدبير النفايات في مادته 10 " ان يحدد المواقع الملائمة " و ليس موقع وحيد مثل نازلة الحال . هذه قراءة متواضعة و باختصار لمقترح اقامة مطرح النفايات بتمتيك ، حاولنا قدر المستطاع الوقوف فيه على اهم اوجه القصور القانونية لذلك ،وتسليط الضوء على بعض النقط الغامضة و التساؤلات التي يطرحها الموضوع و فتح النقاش بشأنها . من انجاز ذ/ عزالدين المولي محام و دكتور في الحقوق