تعيش مناطق الواحات منذ سنوات جفافا حادا، بفعل تراجع التساقطات المطرية ومنسوب السدود، ونضوب المياه الجوفية، وهو ما أثر بشكل كبير على "نظام الخطارات" الذي يعتبر "شريان الحياة" بعدد من مناطق جهة درعة تافيلالت. والخطارة هي نظام تقليدي للسقي بمناطق الواحات، حيث انتشر العمل بها منذ أزيد من 1000 سنة، ويقوم هذا النظام على نقل المياه عبر أروقة تحت أرضية، دون تعرضها للتبخر مهما كانت ظروف الطقس، مما يضمن معه استمرار الواحات واستمرار الفلاحة المعيشية بها. وفي هذا الإطار، أكد رئيس قسم الشراكة بين القطاعين العام والخاص بمديرية الري وإعداد المجال الفلاحي بوزارة الفلاحة، محمد أوحساين، أن "الخطارات ليست فقط نظام ري، بل هي نظام حياة في الواحات، لأنه بها يتم سقي الأراضي الفلاحية"، مؤكدا أن "فقدان الخطارات يعني فقدان الحياة". إقرأ أيضا: من تحت الأرض.. العمق تكشف عمل نظام الخطارات منذ ألف عام (صور وفيديو) وأضاف المسؤول الفلاحي ضمن مداخلته خلال منتدى الاستثمار المنظم على هامش الدورة 12 للملتقى الدولي للتمر بأرفود، أن أول ما قامت به الوزارة في بداية الألفية الثالثة هو إنجاز جرد للخطارات بالواحات، وتوصلت إلى وجود 570 خطارة، 170 منها هي التي كانت مشتغلة فقط. وزاد أن مديرية الري بالوزارة قامت مؤخرا بدراسة معمقة حول الخطارات، حيث قامت لحد الآن بجرد 1030 خطارة، ولازال هناك 700 خطارة أخرى، مبرزا أن 170 خطارة التي كانت تشتغل قبل سنوات، قد تراجع عددها بشكل كبير. وسجل أوحساين، أن هذا التراجع ليس سببه نضوب المنابع، بل يكمن المشكل في الساكنة التي لم تعد تعتمد على هذا النظام، ولم يعد السكان يدفعون مصاريف إعادة صيانتها (الفريضة)، لأن غالبية السكان اضطروا إلى الهجرة إلى المدن بسبب الجفاف. وأشار إلى أن ما يصطلح عليه ب"أمغار نتخطارت"، و"الشيوخ" أي المشرفين على تدبير نظام الخطارة، وتوزيع الماء على الفلاحين، أخذوا في الاندثار أيضا، مشددا على أن فقدان هذا النظام في الواحات يعني فقدان الحياة. ولفت المتحدث إلى أن "نظام الخطارة" هو نظام أكثر من عصري، قد يظن البعض أن المغرب استقدمه من أستراليا، في حين أنه نظام من إبداع مغربي، مبرزا أنه يتم العمل به حاليا في الداخلة في إطار الشراكة بين القطاع العام والخاص، حيث تم إدخاله في نظام تبادل الحصص للري عبر تحلية مياه البحر. وأردف المسؤول الفلاحي أنه لا يمكن الحفاظ على نظام الخطارة دون الماء، في ظل تراجع الموارد المائية بالمغرب ب30 بالمائة، والسدود المتواجدة بجهة درعة تافيلالت بالكاد تفكي لمياه الشرب، مبرزا أنه "إذا لم يكن الماء في وادي زيز وغريس فلا يمكن أن تكون هناك مياه في الخطارات". وأشار أوحساين، إلى أن الواحات تمر من مرحلة جفاف خطيرة، والخطارات تموت، وهو ما يدفع بالسكان إلى الهجرة، مسجلا أن بعض السكان الذي هاجروا ديارهم في الريصاني وأرفود مثلا عاودوا إليها بعد عودة الماء، داعيا إلى منع حفر الآبار واستعمال المضخات للمحافظة على المياه بالخطارات.