قوله تعالى: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" مفاده أن عقاب الله قد يشمل الذين ظلموا وغيرهم ممن لم يظلموا، لكن الاستدلال بهذه الآية بما يفيد أن الزلزال الأخير هو عقوبة إلهية فيه كثير من المجازفة من عدة جهات أولا: ليس كل الابتلاءات التي تصيب الناس عقوبات إلهية هي مثل غيرها ابتلاءات تجري وفق سريان النواميس والقوانين أو السنن الكونية التي يمكن مدافعتها بالتقدم العلمي والتكنولوجي، من باب مدافعة القدر بالقدر كما قال عمر رضي الله عنه فرص الحجر الصحي على الشام في طاعون عاموس فلما قيل له: "أتفر من قدر الله . فأجاب أفر من قدر الله إلى قدر الله". لكن التقدم العلمي والتكنولوجي لا يكون قادرا في جميع الحالات يكون قادرا على مدافعة تلك الأقدار علما إن كان التقدم العلمي قد استطاع التغلب على كثير من الكوارث والأوبئة الفتاكة مثل الطاعون والجذري وغيرها ومؤخرا وباء كورونا. أي أن العلم قد استطاع أن يتقدم في مجال "الفرار" من قدر الزلازل خلال العلم من خلال مثلا الأبنية المقاومة للزلزال وتجنب المناطق والبؤر الزلزالية وتوقع وقوعها ... والتقدم العلمي لا حدود له ... وقد تظهر كشوفات أخرى في هذا المجال. الملاحظة الثانية: الآية صريحة أن الأصل هو معاقبة الذين ظلموا ... وأن بعض الذين لم يظلموا قد يفتنون ويصابون والزلازل أو غيرها من الكوارث ... أي الأصل أنها تصيب الذين ظلموا وقد يصاب بها الذين لم يظلموا. والحالة هذه أن زلزال الحوز لم يصب الجهات والفئات الأكثر ظلما .. مما قد يفيد بأن الزلزال الأخير هو عقاب إلهي أصاب الذين ظلموا خاصة وتعدى أثره لغيره ممن لم يظلموا .... فلو وقع ذلك لصح الاستشهاد بالآية أعلاه.. والحالة هذه أن كارثة زلزال الحوز والمناطق الجبلية لم نصب الذين ظلموا أي كبار الظالمين وإنما أصابت المستضعفين بل فريقا من المواطنين هم أبعد عن الموبقات والمخالفات الكبرى و"المعاصي " والفساد السياسي وتزوير الانتخابات ... لذلك دخل الأستاذ عبد الإله دخل في ضيق كبير ... في وقت المناطق المتضررة لا تزال تضمد جراحها. ومسألة أخيرة ؛ هل هذا الزلزال بالضبط عقاب إلهي؟ . علم ذلك عند الله ... .. ولا يمكن لأي كان في هذه الحادثة المعينة بأن يجزم بأن ذلك هو التأويل الأصوب... ولا نجزم بأن هذا البلاء عقاب إلهي أو غير ذلك إلا إذا كان لنا في ذلك برهان من الكتاب والسنة من قبيل ما جاء فيهما مثل ما ذكره الله عن إهلاك القوم الظالمين قوم نوح والطوفان وعاد وثمود وفرعون وقومه... وغير ذلك .... والا فإن الزلال والبراكين وانهيار التربة .... تجري وفق أقدار الله أي وقف سنن كونية ليست بالضرورة مرتبطة بمعاصي الناس ... والله تعالى " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " وقوله ص " أوشك الله أن يغمهم بعقاب " وذلك يفترض أن العقوبة الأصلية تتوجه للظالمين ... أي أنها تصيب أصلا الذين ظلموا ولكنها قد تعم غيرهم مما قد يكون فيه تنبيه غير الظالمين إلى إنكار المنكر ودافعته خشية أن تصيب عواقبه الجميع. وأخيرا لا يمكن لأحد أن يجزم بكون الظواهر القصوى عقاب إلهي ولا في غيرها تعيينا إلا فيما ورد فيه نص صريح من القرآن والسنة ... ومعنى ذلك أن كارثة الحوز كي نفسرها بفرضية شمول العذاب للظالمين وغير الظالمين بالفساد السياسي وتزوير الانتخابية ،، كان يفترض أن تصيب الظلمة الذين أفسدوا في الأرض وأقسدوا الانتخابات .. فشمل العقاب غيرهم ممن لم يقترفوا ذلك الإفساد ... كما هو واضح في قوله تعالى :" لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " أي أنها تصيبهم وتصيب من لم يظلموا . وقوله صلى الله عليه وسلم : أوشك أن يعمهم ) بعقاب " ( تأمل قوله ص أن يعمهم !!! ) فهل شملت العقوبة الذين ظلموا خاصة وشملت الذين لم يظلموا من المستضعفين ... أم أن العكس صحيح !! هذه أمور دقيقة لا يقال فيه بالانطباعات وبالظن.. ويتعين فيها الدقة والحذر . ناهيك أن الأمر يتعلق بحزب سياسي ... وأولى به أن يركز على وظيفته وتخصصه .... والا لما كان هناك معنى لما نسميه بالتخصص والوظائف الأساسية كما تبلور ذلك في النهج الذي انطلقنا ولا زلنا نسير عليه ... ولو صدر هذا الخطاب عن الحركة فلربما كان أقرب للقبول مع تدقيق الصياغة والتنسيب ... والله تعالى أعلى وأعلم