اتهمت نقابة المحامين بالمغرب، وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بما أسمته "طبخ مشاريع قوانين بشكل منفرد"، وحذرت من أن وهبي يقوم ب"خطأ فادح قد يدفع الحكومة والبرلمان لمغامرة غير محسوبة العواقب"، مهددة ب"انتفاضة غير مسبوقة". جاء ذلك في بلاغ إلى الرأي العام الوطني، أصدره المكتب التنفيذي لنقابة المحامين بالمغرب، عقب اجتماع طارئ عقده أمس الخميس، خصص لتدارس مستجدات الساحة المهنية. النقابة استنكرت بشدة "لنهج الذي تسلكه وزارة العدل في إعداد مشاريع القوانين ذات الصلة بمهام المحامين وأدوارهم كشريك للقضاء في تحقيق العدالة، وضمنها القانون المنظم لمهنة المحاماة، وقانون المسطرة المدنية، وقانون المسطرة الجنائية. واتهمت نقابة المحامين، وزير العدل ب"الإصرار على طبخ تلك المشاريع بشكل منفرد، دون اعتبار للمقاربة التشاركية الحقيقية والفعلية، المكرسة دستوريا، والقائمة على الإصغاء والتشاور مع جميع الإطارات المهنية للمحامين". وحذرت من أن ذلك "يشكل خطأ فادحا قد يدفع السلطة الحكومية والسلطة التشريعية إلى مغامرة تشريعية غير محسوبة العواقب، من شأنها أن تدخل منظومة العدالة لبلادنا في دوامة من الصراعات هي في غنى عنها، خاصة في سياق إقليمي ودولي يتطلب الحرص الشديد على كل عوامل الاستقرار وتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة كل التحديات". كما حذر البلاغ الذي توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، من "اغترار وزير العدل بفشل جمعية هيئات المحامين بالمغرب خلال الولاية الحالية في تدبير القضايا ذات الصلة بالشأن المهني"؟ وناشد المصدر ذاته "كل العقلاء والحكماء في السلطة التنفيذية إلى عدم الانجرار وراء هذا الغرور الزائف، والمغامرة بإخراج مشاريع القوانين التي طبخها الوزير، لأن النتيجة الحتمية لذلك ستكون هي إدخال منظومة العدالة في سلسلة غير منتهية من الاضطرابات التي ستعرقل الإصلاح المنشود". واعتبرت النقابة أن المحاميات والمحامين بالمغرب "لن يقبلوا بأي قانون يمس بالمبادئ الدولية المؤطرة لمهنتهم، أو ينتهك أي حق من حقوق المتقاضين". وفي هذا الصدد، قال البلاغ إن المحامين "يقينا سينتفضون انتفاضة غير مسبوقة، تكشف لمن اغتر بضعف من حاوره في "الخلوات" و"النوادي البحرية"، مكبلا بمصالحه الذاتية و الحزبية، بأن الجسم المهني للمحامين عصي على الترويض، وقادر على إعادة ترتيب أوراقه الداخلية، وسيخوض بنفس نضالي كل المعارك التي يستلزمها الدفاع عن رسالة المحاماة المهنية والحقوقية". وشدد المصدر ذاته على أن مهنة المحاماة تؤطرها مبادئ دولية التزمت الدولة المغربية باحترامها، ولا يجوز لأية سلطة أن تمس بها، وفي مقدمتها المبدأين 24 و25 من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين، معتبرة أن ذلك "يحتم على الحكومة الانتباه للمنزلقات الخطيرة التي يقودها نحوها وزير العدل". وأشارت إلى أن وهبي "يخرق واجب التعاون مع كل الإطارات المهنية للمحامين بشأن مشاريع القوانين التي تهم مهام وأدوار المحامين، وكذا حقوق المتقاضين، وهو ما ينتج عنه مشاريع قوانين تخضع لرؤية سياسوية ضيقة، وتنسف الحقوق الدستورية للمتقاضين، وغير قادرة على تحقيق الأمن القانوني باعتباره مدخلا لتحقيق الأمن القضائي المنصوص عليه دستوريا". وفي هذا الصددن دعت النقابة كل المحاميات والمحامين بالمغرب إلى "استخلاص الدروس اللازمة، والحرص على اختيار ممثلين في مستوى ما يتطلبه الدفاع عن رسالة المحاماة، والقطع مع كل عناصر الضعف والفساد لإفراز مؤسسات مهنية قوية، وقادرة على مجابهة التحديات، وقيادة معاركهم النضالية". وطالبت ب"الحرص على إبقاء الساحة المهنية في حالة تأهب وتعبئة للتصدي لأي خطر محدق، والانتفاض في وجه كل من يريد الاستبداد بتمرير مشاريع قوانين تمس بمبادئ المهنة، ورسالتها الحقوقية، أو الإجهاز على حقوق المواطنات والمواطنين، وتحويل العدالة إلى سلعة وتحويل المتقاضي إلى زبون يحصل على الجودة التي تناسب قدرته الشرائية". وقررت النقابة الإبقاء على اجتماع المكتب التنفيذي للنقابة مفتوحا لمواكبة كل مستجدات الساحة المهنية، مع الاستعداد التام لتفعيل قنوات التنسيق مع كل الإطارات المهنية المناضلة لتوحيد الصف المهني حول المواقف والمطالب العادلة والمشروعة للمحاميات والمحامين بالمغرب، وفق تعبير البلاغ.