أقدم إليكم نبذة مختصرة عن مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 2.23، مع مناقشة لبعض مضامين هذا المشروع و ايجابياته و سلبياته حسب وجهة نظرنا باعتبارنا دارسين للقانون و ممارسين له في آن واحد. مشروع قانون المسطرة المدنية هو من المشاريع التي تأتي في إطار تنزيل ورش إصلاح منظومة العدالة الذي انطلق منذ أكثر من 10 سنوات، كما يحظى هذا المشروع باهتمام مختلف فئات المجتمع المغربي بداية من المواطن العادي (المتقاضي) وصولا إلى الممارسين و المهنيين بمجال العدالة. باستقراء مواد مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 2.23، و مقارنتها مع قانون المسطرة المدنية الحالي يتبين أن هناك بعض المقتضيات القانونية التي ظلت كما هي و لم يطرأ عليها أي تغيير. بالنسبة لأهم المستجدات التي جاء بها مشروع قانون المسطرة المدنية فنذكر التغييرات التي طرأت على إجراءات التبليغ بحيث تم التخلي عن مسطرة القيم التي تستغرق وقتا طويلا ولا تحقق أية فائدة، و إتاحة الإمكانية للقاضي من أجل التحقق من عناوين الأطراف الحقيقية عبر استخدام نظام بطاقة التعريف الوطنية (المادة 86). كما يلاحظ أيضا أن المشرع يتجه نحو حذف مسطرة التبليغ بالبريد المضمون داخل التراب الوطني، و الاقتصار على استخدام هذه الوسيلة بالنسبة للاستدعاءات التي توجه للخارج، رغم أن هذه الوسيلة كانت ناجحة و تحقق الهدف المنشود من عملية التبليغ في ظرف وجيز. و من ضمن المستجدات أيضا التي جاء بها مشروع قانون المسطرة المدنية هو التنصيص على ضرورة البت في الملفات داخل أجل معقول، و ذلك تناسبا مع ما هو منصوص عليه في الدستور المغربي و كذا مدونة الأخلاقيات القضائية و قانون التنظيم القضائي، بالإضافة إلى تعزيز هذا المبدأ بضمانات قانونية جديدة من بينها التنصيص على غرامات مالية بالنسبة لمن يتعمد تأخير وعرقلة الإجراءات القضائية أو يتعمد سلوك بعض الإجراءات التي تؤدي إلى إطالة عمر القضية كالزور الفرعي و تحقيق الخطوط مثلا. ويلاحظ أيضا على مستوى المستجدات أن المشرع يتجه نحو تقنين الطعون و ضبطها بشكل يقلل من عدد الطعون التي يمارسها الأفراد في مواجهة الأحكام القضائية، لاسيما الطعن بالنقض الذي أصبح يقتصر على الأحكام التي تتجاوز الطلبات فيها 100 ألف درهم . من ضمن المستجدات أيضا إدخال الوسائل الرقمية و التكنولوجية في التقاضي، بحيث تم التنصيص على إمكانية رفع الدعاوى و مناقشتها والاطلاع على الأحكام الصادرة بشأنها بشكل الكتروني دون الحاجة للتنقل للمحاكم وهي خطوة جيدة جدا، إذا ما تجهيز المحاكم بما يمكن من تنزيل هذه المقتضيات على أرض الواقع. كانت هذه باختصار نبذة عن أهم المستجدات التي جاء بها مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 2.23، في انتظار الصيغة النهائية لهذا المشروع و التي ستتحول قريبا إلى قانون ساري المفعول. ذ. ياسين الصبار باحث في القانون الخاص و محام بهيئة المحامين بمراكش