خلفت الأعطاب المتكررة التي تطال تزويد شبكة المياه الصالح للشرب بصبيب الماء في عدد من قرى ودواوير إقليمتاونات، إلى جانب استمرار انقطاع الماء منذ أسابيع على عدد منها رغم حلول عيد الأضحى، (تسببت) في خروج العشرات من سكان قرية عين باردة، في مسيرة احتجاجية لساعات. المسيرة التي نظمها ثالث أيام عيد الأضحى، قطعوا خلالها نحو عشر كيلومترات مشيا على الأقدام، مطالبين باستئناف تزويد حنفيات البيوت بالماء بشكل مستمر ودون انقطاع، داعين إلى الالتزام بالعقدة التي تربط بين المستهلك المكتب الوطني للماء الصالح للشرب. وأسفرت المسيرة عن استقبال المحتجين من طرف قائد قيادة ودكة بمحيط دائرة غفساي، من أجل عقد حوار معهم، سرعان ما أثمر وعدا صريحا بحل الأزمة بشكل دائم في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، حيث تلا المسيرة مباشرة استئناف إطلاق الصبيب من جديد في عموم صنابير مدشر عين باردة. المسيرة كانت قد انطلقت من ساحة العين التي تتوسط بلدة عين باردة، بعد أن قرر المشاركون تحويل الشكل الاحتجاجي من وقفة إلى مسيرة طويلة المسار، في مسعى لإيصال صوت الساكنة إلى آذان المسؤولين بمدينة غفساي التي تبعد عن القرية بنحو 10 كلم. وردد المحتجون شعارات تستنكر "أزمة العطش" التي ظل يرزح تحت وطأتها أهالي المنطقة منذ أسابيع طوال، من قبيل "الرُّوبيني تَيْصفّر والمسؤول ماجايب خبر"، "علاش جينا واحتَجِّينا على الما لِّي بغينا"، مطالبين بتوفير صبيب الماء لصنابير بيوت الساكنة. وألقى المحتجون باللائمة على المسؤولين المعنيين بالقطاع، مستنكرين استمرار استغلال الماء من قبل أطراف من خارج القرية لسقي نبتة "الخردلة" بعد العبث بقنوات المياه، حسب تعبيرهم. وفي تصريح لجريدة "العمق" قال مفضل العاطفي، ناشط محلي ومهتم بتدبير السياسات العمومية المحلية، إن "المسيرة الاحتجاجية بالعفوية تأتي في ظل كثرة انقطاعات الماء، سيما أن آخر انقطاع استمر زُهاءَ شهرين من الزمن، وتزامن مع أيام عيد الأضحى وبداية موسم الصيف الحار". وتابع قوله: "عندنا عقد مع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، العقد يقول حنا نخلصو وهوما يوفرو لينا الما، من خان الاتفاقية هو الذي يستحق العقاب، واجبنا نؤدي ما علينا من التزامات مالية، وإن كان هناك من خلل أو تخريب يفضي إلى تسرب قنوات الماء من قبل أطراف تستغل الوضع لسقي ضيعاتها، فالعقاب ينبغي أن يطال هؤلاء، لا أن يطالنا نحن، لأننا نؤدي ما علينا شهريا". وأضاف: "انتهت المسيرة بالحوار مع قائد قيادة ودكة، الحوار كان بناء وشفافا، تطرق لمكامن الخلل وتوجه بالاتفاق على تدبير الأزمة مؤقتا، تدبير تلقينا وعدا بأن يسهر عليه القائد شخصيا، في انتظار الانتهاء من أشغال محطة المعالجة الجديدة خلال الثلاثة أسابيع القادمة والتي من المرتقب أن توفر الماء لعين باردة طيلة ساعات اليوم دون انقطاع". بدوره، أوضح محمد المسعودي، مستشار جماعي بدوار إيرملود جماعة سيدي المخفي، بأن دوار "إيرملود" يعيش على وقع أزمة الماء منذ أن جفت الآبار والعيون السطحية بفعل قلة الأمطار قبل 5 سنوات، لكنها لا تستفيد من الماء الشروب، فرغم أن الدوار مزود بالسقايات منذ نحو من 10 سنوات إلا أنها لا تشتغل". وكشف المسعودي في تصريح ل"العمق" عن مراسلة ساكنة قريته للمكتب الوطني للماء بتاونات، عدة مرات، بطلبات وشكايات مذيلة بتوقيعات المواطنين، (تتوفر العمق على نسخ منها) لمد الساكنة بالماء الصالح للشرب، مضيفا: "سبق وأن نظمنا وقفة احتجاجية أمام مقر قيادة وجماعة سيدي المخفي حصلنا عقبها على وعود بتزويد الدوار بالماء، لكن لحدود اللحظة ظلت حبرا على ورق". وأعرب المسعودي عن استغرابه من مرور قناة الماء الشروب القادمة من تاونات وسط الدوار لصالح جماعة أخرى دون الاستفادة منه، مضيفا: "المشكل أن الماء الشروب يمر بوسط دوارنا إلى جماعة أخرى ولا نستفيد منه، يمر إلى دوار عين باردة". وأشار إلى أن أزيد من 13 دوارا يعاني الأزمة نفسها، محملا المسؤولية بدرجة أولى للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بتاونات الذي "يتقاعس في التفاعل مع مشاكل المواطنين ويعطي الأسبقية لذوي النفوذ من الجماعات التي يترأسها برلمانيون، وبدرجة ثانية للمجلس الجماعي لأنه لا يحرك ساكنا بسبب ضعف أعضائه وخوفهم من أي تحركات قد تؤثر سلبا على مصالحهم الذاتية و على محاصيل ضيعاتهم". يذكر أن إقليمتاونات يعد من الأقاليم الأكثر شساعة بجهة فاسمكناس التي تضم 9 أقاليم، ويتوفر على عديد من المنابع والمصادر للمياه العذبة إلى درجة يوصف فيها بالإقليم العائم على الماء، أبرزها حوض سد ادريس الأول شرق الإقليم، وحوض سد الوحدة المترامية الأطراف على مد البصر الذي يحد الإقليم غربا، وأحواض سد الساهلة وسد أسفالو وسد بوهودة التي تتموقع شمال الإقليم، إضافة إلى عدد من البحيرات، بينها عين كطارة وباب بوغازي ولجة السلطان وجرف الغراب ولخزاين وغربية ومقراش وعنق الجمل وبحيرة الصاف.