أحالت الحكومة على المجلس الأعلى للتربية والتكوين مشروع مرسوم رقم 2.21.448، المتعلق بتحديد تطبيقات الهندسة اللغوية بالتعليم المدرسي والتكوين المهني والتعليم العالي، والذي تحدد بمقتضاه تطبيقات الهندسة اللغوية في مختلف أسلاك التعليم المدرسي والتكوين المهني والتعليم العالي، وذلك من أجل إبداء رأيه فيه وفقا لاختصاصاته الاستشارية كمؤسسة دستورية من مهامها إبداء الرأي في السياسات العمومية المتعلقة بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. وجدير بالذكر أن الحكومة السابقة كانت قد أحالت نفس مشروع المرسوم سنة 2021، وتوصلت برأي المجلس في مضامينه في غشت من نفس السنة (رأي رقم 2021/9). ففي الوقت الذي كان من المفروض فيه شروع الحكومة في تنزيل تطبيقات الهندسة اللغوية أخذا بعين الاعتبار ملاحظات المجلس، تفاجئنا الحكومة الحالية بإحالة المشروع مرة أخرى على أنظار المجلس من أجل إبداء الرأي فيه، وهو الإجراء الذي يعكس من جهة تخبطا واضحا في السياسة العمومية في مجال التربية والتكوين، ومن جهة أخرى فقد وضعت الحكومة المجلس في ورطة حقيقية، تتمثل في مطالبته بإبداء الرأي في مشروع سبق أن أبدى رأيه فيه! فهل سيحتفظ المجلس برأيه الصادر في غشت 2021 أم سيغير ذلك الرأي، علما أن المشروع الجديد حافظ على أهم المرتكزات والمبادئ المتعلقة بالهندسة اللغوية المنصوص عليها في المادة 31 من القانون الإطار 51.17، مع ملاحظة أساسية، أنه قفز بشكل مريب على الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة، التي تنص على إلزام المدارس الأجنبية بتدريس اللغتين العربية والأمازيغية للأطفال المغاربة. ومن مظاهر التخبط أيضا إحالة الحكومة على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي مشروع المرسوم المذكور، في وقت تستمر فيه في فرض واقع لغوي يكرس هيمنة اللغة الفرنسية كلغة للتدريس، والتوجه نحو تعميم تدريس اللغتين الأمازيغية والإنجليزية كلغات مدرسة بدءا من الموسم الدراسي 2024 – 2023، دون انتظار إقرار المرسوم بصفة رسمية، ولا رأي المجلس في مضامينه. المجلس الأعلى للتربية والتكوين اليوم في ورطة متعددة المظاهر، نوردها في شكل أسئلة يتطلع الرأي العام التربوي لأجوبة عنها في رأيه المرتقب: – هل سيحتفظ المجلس برأيه في مسألة تطبيق الهندسة اللغوية أم سيغيره بعد أن أحيل عليه مشروع مرسوم للمرة الثانية؟ – هل سينتصر المجلس في رأيه لمضامين الرؤية الاستراتيجية 2030 – 2015، التي صاغها كمؤسسة دستورية لتشكل إطار لإصلاح يمتد ل 15 سنة، أم سينقض غزله بتبني خيارات لغوية مخالفة لمضامين تلك الرؤية؟ – هل سيرفض من خلال رأيه انقلاب مشروع المرسوم الجديد على المقتضى الذي ورد في المادة 31 من القانون الإطار، والذي يلزم المدارس الأجنبية بتدريس اللغتين العربية والأمازيغية للأطفال المغاربة؟ – هل سينبه المجلس في رأيه أن سياسة الحكومة التي تستهدف فرض واقع لغوي قبل إصدار المرسوم، لا تستند إلى أي أساس قانوني أو دستوري؟ أسئلة نتظر إجابات عنها من طرف المجلس في رأيه المرتقب حول مشروع الهندسة اللغوية.