دعت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة يوعياش، إلى تجاوز التردد بشأن إلغاء عقوبة الإعدام في القانون الجنائي، معتبرة أنه لم يكن لها منذ 1962 لليوم، أي أثر في الردع من الجريمة، وأنها تتعارض مع حماية الحق في الحياة، المنصوص عليها في الفصل 20 و22 من الدستور الخاص بالمس بالسلامة الجسدية. وأوصت بوعياش في كلمة لها، ضمن ندوة وطنية، نظمها حزب التقدم والاشتراكية، حول "مراجعة القانون الجنائي وسؤال راهنية التحديث"، (أوصت) بضرورة إثارة جوانب الغموض في القانون الجنائي والتي تعيق في رأيها دوره في حماية حقوق الإنسان، بما يمكن من التمييز بين الثوابت وبين الإجرام الذي يشكل خرقا للقانون. داعية إلى الأخذ بعين الاعتبار العناصر المتصلة بالمكان والزمان عندما نتحدث عن موضوع الملاءمة. وشددت على أن تجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية خارج علاقة الزواج، "يطرح تساؤلات حول المدى الذي ينبغي فيه للقانون أن يتدخل في حياة الأفراد وخصوصياتهم عندما يكون هناك اتفاق ورضى بين الأشخاص المشاركين في تلك العلاقات، في الحالات البعيدة عن أنواع الاستغلال الجنسي وخاصة في حق القاصرين، وعن متطلبات حماية الحياء العام بدون مبالغة في توسيع مدلوله". وسجلت عدم وجود تشريع محدد في المغرب يجرم الاغتصاب الزوجي بالرغم من وجود تجريم عام للاغتصاب في المادة 486 من القانون الجنائي المغربي، فإن الزواج قد يكون مبررا للاعتداء الجنسي والاغتصاب بسبب الفهم الخاطئ للقانون والتقاليد الاجتماعية التي تتعامل مع الزواج كمبرر للنشاط الجنسي دون مراعاة رغبة الشريك. واستحضار منها للمعطيات ذات الصلة بتحليل اللغة المعتمدة في صياغة التشريع الجنائي، دعت على إعادة صياغة بعض العبارات المعتمدة في تحديد بعض الجرائم والجنح، على سبيل المثال "القدوة السيئة، الممارسة الجنسية خارج إطار الزواج، المواقعة، زعزعة عقيدة مسلم، الإخلال العلني بالحياء، هتك عرض، عذر شرعي، الآداب، الأخلاق"، والتي تفترض بصفة ضمنية عبارات لا تتلاءم مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان. وأشارت إلى عدم "مواءمة القانون الجنائي وكذا التعديلات المقترحة لقانون الجريمة في حالة الإجهاض، مع التحولات المجتمعية وتطور العلاقات بين الجنسين، وعدم استحضارها بشكل كاف المشاكل الاجتماعية التي تنشأ نتيجة الإجهاض السري في المغرب ". وأوصت بضرورة "بناء النص القانوني المتعلق بالإيقاف الإرادي على صحة المرأة الحامل، وتحديدا مفهوم الصحة كما يعرفها دستور المنظمة العالمية للصحة باعتبارها حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا، لا مجرد انعدام المرض والعجز" وذلك تفاعلا مع توصية لجنة حقوق الإنسان لسنة 2004، و2006، والتي تدعو كلاهما إلى تأطيره بشكل يخرجه من دائرة المسائلة الجنائية. وأشارت إلى أن هناك بعض الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي، تكتسي خطورة بالغة ويقرر لها القانون الجنائي عقوبات قاسية، لكن تعريفها وتحديد عناصرها التكوينية لا يتسمان بالدقة اللازمة، وهو ما يترك يترك الباب حسب يوعياش مفتوحا للتوسع في تأويلها بشكل قد يؤدي أحيانا إلى المس بحقوق الأفراد وحرياتهم. ويتعلق الأمر على سبيل المثال بالجنايات والجنح ضد أمن الدولة بما فيها المؤامرة. وسجلت أن عدم دقة عبارة "زعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية وللمؤسسات"، وطابعها الفضفاض قد يؤدي إلى استعمالها استعمالا غير مناسب، مما ينأى في رأيها بالنص عن مبادئ الشرعية والضرورة والتوقعية الدقيقة التي ينبغي بداهة أن يتسم بها كل نص قانوني وهو ما يستوجب من المشرع تعديل الفصل وتضييق نطاق تطبيقه حتى لا يسري سوى على الحالات الأشد خطورة والمحددة عناصرها بدقة بمقتضى القانون. واعتبرت أن الفصل 206 بصياغته الحالية لم يعد قادرا على مواكبة التطور المؤسساتي الذي يعرفه النموذج الديمقراطي الناشئ ببلادنا، حيث أن استعمال عبارة مؤسسات الشعب المغربي" دون تدقيق وتحديد لايتماشى مع المستوى المتقدم للتمايز الهيكلي الذي يعرفه النظام المؤسساتي المغربي، والذي تسارعت وتيرته منذ إقرار دستور 2011.