قال رئيس الحكومة المغربية السابق، والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، إن القاعدة الأساسية التي يجب أن يبنى عليها أي تعديل في مدونة الأسرة، هي تيسير الحلال والتضييق على الحرام، معتبرا الثوابت الدينية والتشبث بها هو "السبيل الوحيد لإيقاف هذا الطوفان، وليس هناك سبيل آخر". سعد الدين العثماني في مداخلة له، ضمن ندوة بعنوان "الأسرة والنقاش المجتمعي"، أمس الأحد، بمدينة آسفي، نظمتها جمعية مودة لحماية الأسرة، تحدث فيها عن ثلاثة مفارقات أساسية بين المنظومة الإسلامية والغربية في موضوع الأسرة، وقال إن تجار المتعة وعبادة السوق هما رأس الأفعى في موضوع الأسرة عالميا، "لأن كل شيء مخطط له في الغرب للخضوع للسوق". وتساءل العثماني معرض حديثه عن قيمة الحديث عن مدونة الأسرة التي يثار عنها كل هذا الجدل، في ظل تناقص عدد الأسر، مؤكدا على أن تعديلات مدونة الأسرة يجب أن تسعى ل"تيسير الحلال والتضييق على الحرام، دعما للزواج وتأسيسا للأسرة". وأوضح المتحدث، أن النقاش "الحقيقي"، وفق تعبيره، يجب أن يبحث عن كيفية زيادة نسبة الزواج وخفض نسبة الطلاق المرتفعة في المغرب، لا أن تتم مناقشة مواضيع لا تحصل إلا في أذهان بعض الناس فقط"، مستشهدا في هذا الصدد بموضوع زواج القاصرات، معتبرا القانون حسم في الموضوع، ولا يتم إلا بإذن من القاضي. وانتقد العثماني دعاة إنهاء زواج القاصر بصفة نهائية، في مقابل السماح بالعلاقات الرضائية خارج الزواج، واصفا الأمر ب"خالوطة"، ومعتبرا إياه قولا "لا أساسا له ولا منطق، وأننا سنصبح الدولة الوحيدة تقريبا التي تمنع زواج القاصر". وتابع المتحدث القول، بأن "حاجتنا مستمرة" لأن تستمد مدونة الأسرة تعديلاتها من المنظومة الشرعية كما نص عليها الدستور، مردفا أن "إيمان الشعب المغربي، والدستور، وإمارة المؤمنين، أمور تُسيج تعديلات المدونة بما يسير في اتجاه المحافظة على الأسرة بمكانتها وأدوارها". كما نبه سعد الدين العثماني، إلى أن الرأسمالية تربح في مستويات متعددة ، وتفكر دائما في نقل أرباحها لمستويات أخرى، وأن الأسرة المستقرة عقبة أمام جشاعة السوق. لذلك انتقلنا من اقتناء الخبز وعدم الطهي في المنزل وتدريس الأطفال خارج البيت، إلى مستوى آخر؛ هو إخراج الإنجاب إلى السوق أيضا. يوضح العثماني كلامه، ويقول إن منطلق الرأسمالية يؤمن بأن "الكل يجب أن يخرج السوق، بسند إعلامي مؤدى عنه"، بما في ذلك الإنجاب، أو ما يسمى ببنوك البويضات، الذي تلجأ له المرأة عند رغبتها بالإنجاب، والحصول على إبن بالمواصفات التي تريدها. واستدرك المتحدث القول: "أنا لست ضد السوق إذا كانت في حدودٍ معقولة، وأن يسدي خدمة للأسر، فالأمر هنا جيد، لكن ليس لدرجة إلغاء الأسرة، وتصبح بدون دور ولا مكانة". وعن أهمية الأسرة، أشار العثماني إلى هذا الموضوع يلقى اهتماما عالميا، وأصبح فيه النقاش قوي جدا، على اعتبار أدوارها المهمة في جميع الثقافات العالمية ولدى جميع الشعوب، لأنها مكون أساسي للجيل والحاضن للطفولة التي تعزز الانتماء، وهي ناقلة ثقافة المجتمعات. وأشار العثماني إلى أن ما يثار في موضوع الأسرة بالمغرب، مرده إلى الاختلافات الجوهرية بين المنظومة الإسلامية والمنظومة الغربية، وأن الأسرة اليوم في العالم تعيش تطورات مفزعة وتسير إلى إلى مستقبل غامض. ولخص المتحدث، المفارقة بين المنظومة الإسلامية والغربية، والتي تصل إلى حد التناقض في ثلاثة نقاط، الأولى، الاعتماد على الوحي بين التصديق والنفي وجعل الإنسان والعقل محور كل شيء، ثانيا، النظرة إلى العلاقات الجنسية في المجتمع والحرية الفردية بدون ضوابط، وثالثا، النظرة إلى الأسرة ومكانتها وأدوارها في المجتمع. وقال إن هناك طوفان حقيقي انتشر عبر العالم انتشر في مجتمعات وتأثرت به بعض المجتمعات المسلمة؛ طوفان يجرف الأسرة ويفككها وينقص فعاليتها على أقل تقدير، مردفا أن التوابث الدينية والتشبث بها هو "السبيل الوحيد لإيقاف هذا الطوفان، وليس هناك سبيل آخر".