تسعى أجهزة البؤس التواصلي التابعة للنظام الحاكم في الجوار الشرقي، إلى ترويج الكذب و البهتان بادعاء أن المغاربة يشنون حملة إساءة و تهجمات "لاأخلاقية" على الجزائر، في إطار حرب تجري على شبكات التواصل الاجتماعي و المواقع الإلكترونية عموما. و الغرض هو إظهار المغاربة بأنهم يقودون "هجوما منظما" على تاريخ و هوية الجزائر، وبالتالي هم الظالمون. الحقيقة التي لا يجادل فيها إلا أحمق، هي أن المغاربة هم من التزموا بوضعية الدفاع عن النفس منذ 47 سنة، و هم ضحايا حرب تشن ضد وحدتهم الترابية، و يتحملون في سبيل ذلك حملات الأذى اللفظي والتهجمات على بلادهم و على مؤسسات وطنهم، بشكل مستمر منذ ثلاث سنوات. و لاشك أن أبواق جبهة العداء للمغرب على وعي بتلك الحقيقة، و ما يقومون به هو محاولة لخلط الأوراق من أجل تبرير المرور، في الأيام القادمة، إلى مستويات جديدة في حربهم اللاأخلاقية ضد المغرب و رموزه و مؤسساته. في هذا الإطار، تكفي العودة إلى مرحلة ما قبل تاريخ اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية، لنجد أن التواصل بين المغاربة و الجزائريين كان هادئا، و بالدارجة المغربية : "كلها مقابل شغلو : الجزائريين في بلادهم و حنا في بلادنا، و الأمور شبه طبيعية!". و أتحدى أيا كان أن يجد تدوينة مغربية تسب الجزائر و الجزائريين قبل تلك الفترة، أو دليلا على أننا كتبنا في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يهين الشعب الجزائري الشقيق أو يسيء إلى الدولة الجزائرية. على العكس، يشهد التاريخ أن هيستيريا السب والشتم قد انطلقت من الجزائر، على إثر الصدمة التي خلفها قرار الرئيس دونالد ترامب. من المهم استحضار ذلك السياق، لأن الأشقاء أصابهم ما أصابهم منذ اليوم الذي اعترفت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية بسيادة الدولة المغربية على صحراء المغرب، و ليس بسبب موضوع إحياء العلاقات الديبلوماسية المغرب و إسرائيل كما يروجون. و لو أن موضوع "التطبيع" هو ما يرفضه نظام الكراهية والعداء في الجار الشرقي، لما كانت للجزائر علاقات جيدة مع تركيا و مع قطر و الإمارات و الأردن و السودان و مصر، رغم أنها دول "طبعت" علاقاتها مع إسرائيل. فهل التطبيع حلال على تلك الدول الإسلامية والعربية، وحرام على المغرب، إذا قرره بناء على تقديره السيادي لما يخدم مصالحه و أمنه القومي الاستراتيجي؟؟؟ التاريخ يشهد أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، تبعته "الجذبة" بالجزائر، و انطلقت المقالات و الرسومات التي تسب المغرب و تنتهك حرمة رموزه و تسيء لمؤسساته، إلى جانب سلسلة من الممارسات التي تورط النظام الحاكم في الجزائر، و مرتزقة الرأي الذين يشتغلون لديه، في ما هو قائم من فتنة. في هذا الإطار، تستحق الأسئلة التالية أن نفكر في أجوبة عنها : – أليس النظام الجزائري هو من بعث مذكرة من وزارة الأوقاف إلى خطباء المساجد تأمرهم بتخصيص خطبة الجمعة للحديث عن "القضية الفلسطينية و القضية الصحراوية" مع ما في ذلك من ربط و تشبيه مغرض، فانطلق الدعاء علينا في المساجد ؟؟ – أليست وزارة التعليم العالي الجزائرية هي من أصدرت مذكرة تمنع الأساتذة الجامعيين من المشاركة في ندوات أكاديمية أو فكرية في المغرب و الامتناع عن نشر مقالات في مجلات علمية مغربية ؟؟؟ – أليس النظام الجزائري هو من اتخذت قرار وقف تصدير الغاز لأوروبا و المغرب عبر أنبوب الغاز المغاربي للتضييق على الاقتصاد الوطني في مرحلة ظهور مشاكل الطاقة و المحروقات ؟؟؟ – أليس النظام الجزائري هو من سحب سفيره و قطع العلاقات الديبلوماسية بشكل أحادي، و قرر إغلاق المجال الجوي الجزائري في وجه الطيران المدني المغربي، ظنا بأن ذلك سيجعل بلادنا محاصرة ؟؟؟؟ – أليست أجهزة الاستخبارات الجزائرية هي من أطلقت العنان لضباع اليوتوب ليسبوا "المروك" كما يشاؤون دون حرج، من خلال لائحة من العبارات المشينة في حق المغاربة و المغربيات؟؟؟ – من اتهم الآخر بأن اقتصاده قائم على "السياحة الجنسية"؟؟؟ – من كفر الآخر و اتهم الناس بالركوع لغير الله ؟؟؟ – من أول من استعمل عبارة "بلاد بوسبير" و "تجار مخدرات" ضد الآخر؟؟؟ – من اتهم الآخرين بأنهم "صهاينة و أعداء الله"...؟؟؟ – من نظم حفل سب جماعي في افتتاح "الشان" بعبارات "اعطوا لو البنان، مروكي حيوان!!!!"، إلى غير ذلك من السلوكات الخبيثة الموثقة لدينا بالصوت و الصورة ؟؟؟ – من ألقى خطابا في إحدى الثكنات العسكرية، قال فيه بضرورة الاستعداد لمواجهة "العدو الكلاسيكي" المغرب بكل الوسائل ...؟؟؟؟ – من رصد إمكانيات مالية ضخمة لتجهيز وحدات عسكرية متخصصة في الحرب الإلكترونية، و شكل مجموعات تضم أكثر من 3000 عسكري لإدارة حسابات وهمية على كل منصات التواصل الاجتماعي، مهمتها رصد الصفحات المغربية و نشر السب و الشتم على نطاق واسع؟؟؟ – من يجند حاليا بعض "الصحافيين" المرتزقة، من جنسيات غير جزائرية، لكتابة مقالات ضد المغرب و رموزه ؟؟؟ – من يؤطر ديبلوماسيوه حملات التحريض ضد الآخر في البرلمان الأوروبي و مجلس أوروبا، و في أوساط حزبية من فلول يسار متطرف في إسبانيا و في بعض دول أمريكا اللاتينية و إفريقيا؟؟؟ من ... و من ... و من ... من أطلق، إذن، هذه الحرب القذرة على المواقع التواصلية ...؟؟؟ من بدأ العدوان الفاحش الذي يشتكي منه، هذه الأيام، مرتزقة الرأي و ضباع اليوتوب الجزائري الذين يتألمون من الردود المغربية على الجرائم الأخلاقية التي يسيؤون بها، أولا، للشعب الجزائري قبل الإساءة للمغرب ؟؟؟ لاشك أن الإجابة عن هذه التساؤلات كفيلة بإظهار تسلسل الأحداث في الزمن، و إظهار حقيقة ما جرى من جولات في حرب تواصلية قذرة سبق أن حذرنا من خطورتها، على اعتبار ما ستخلفه من أضرار نفسية صعبة العلاج. و للأسف، رغم ذلك أصر دعاة الفتنة في الطرف الآخر على أن لا يتوقفوا حين كان ممكنا التوقف عن العبث. فهل يوجد رجل رشيد في النظام الحاكم في الجوار الشرقي، يستوعب عبث ما يجري و يساهم في وقفه...؟؟؟ أم أن الهوة السحقية و المستنقع الذي نزل البعض إليه، لا حدود لقذارته و عمقه ... ؟؟؟ نحن، اليوم، جميعا في دائرة لاأخلاقية لا تليق بأي كان، وتقتضي الحكمة أن نسارع جميعا، جزائريين و مغاربة، لمحاولة الخروج منها، بإرادة حكماء السياسة و بهمة المثقفين و العلماء من الطرفين، لعلنا نحافظ للشعبين الشقيقين المغربي و الجزائري على حظوظ بناء مستقبل، أعتقد أنه لازال ممكنا رغم ما تراكم من أحقاد نمت خلال 47 سنة من التحريض والبروباجندا ضد المغرب، و صارت في زمن مواقع التواصل الاجتماعي، قنابل موقوتة قد تنفجر في أي وقت في وجه الجميع.