في ظل الكم الهائل من الضغوطات التي أصبحت تعيشها اليوم منطقة قلعة آمكونة بإقليم تينغير ، يحق لكل إنسان أن يتمتع بأعلى مستوى من الصحة ، خاصة وأنها تعتبر أساس الحياة السعيدة والمستقرة؛ لكن ماذا لو كانت الخدمات الصحية المقدمة من طرف الجهات المسؤولة غير كافية؟ سؤال كشف في ضوء نتائج استبيان عن مدى رضا ساكنة قلعة مكونة عن الخدمات الصحية المقدمة لهم وجودتها، باعتبار الصحة أهم عنصر يمتلكه الانسان ، وبالتالي وجب الاشتغال بجدية على توفير جميع السبل والوسائل والمتطلبات اللازمة للحفاظ عليها ، لكن في "أرض الورد العطري" قلعة مكونة تبدو الأمور مختلفة، حيث يظهر استبيان حديث قمنا به نحن طلبة الصحافة والإعلام بالجامعة الخاصة بمراكش (موسم 2022/2023)، والذي كشف أن سكان المنطقة غير راضين بتاتا عن الخدمات الصحية المقدمة لهم، والتي يشوبها الشح ، سواء على المستوى الإداري أو على مستوى الكوادر أطباءا وممرضين أو تقنيين، بالإضافة إلى الإهتراء و النقص الحاد الذي يعتري المعدات الطبية والتقنية الأساسية. كما أن العديد من هذه المعدات المتوفرة قديمة وقليلة الصيانة، أو غير صالحة للتشغيل، مما يجعل بعض الأنشطة والمرافق الأساسية تتوقف، وهذا يؤثر سلبًا على عرض وجودة الخدمات الطبية المقدمة للمرضى" والتي تقدمها المراكز الإستشفائية الموجودة بإقليم تنغير أو وارزازات أو حتى على مستوى الجهة ككل ، ودون الحديث عن البنيات التحتية القديمة التي تحتاج بدورها للصيانة، وغير مناسبة لتقديم الخدمات الملائمة اللازمة، كما أن الطاقة الإستيعابية غالبا ما تكون غير كافية، وخاصة في ما يتعلق بعدد الأسرة". وقد شمل الإستبيان عينة عشوائية من ساكنة قلعة مگونة والتي تتراوح أعمارهم بين 18 و45 سنة فما فوق، كما بلغ عدد المشاركين فيه 158 شخص أجابوا عن عدة أسئلة حول مختلف جوانب الخدمات الصحية المتاحة في المنطقة مع التركيز على المشاكل التي تحول دون حصول ساكنة المنطقة على مثل هذه الخدمات. ووفقا للنتائج التي تم الحصول عليها من خلال الإستبيان فإن الأغلبية العظمى من ساكنة قلعة مگونة غير راضية بتاتا عن الخدمات الصحية المتاحة حيث بلغت نسبة الإستياء % 69 من المشاركين في حين أن%8.2 فقط من أعربوا عن رضاهم بتلك الخدمات الصحية المقدمة لهم ، بالإضافة الى ذلك يواجه السكان صعوبة في الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية، حيث أشار % 97.5 من المشاركين في هذا الاستبيان أنهم يضطرون لقطع مئات الكيلومترات للوصول لمستشفيات المدن المجاورة كورزازات ومراكش بغية تلقي العلاج ،الشيء الذي يزيد من تفاقم وضعية المرضى وأهلهم ، ويكبدهم مصاريف إضافية . كما أشارت الساكنة في الدراسة المقدمة أعلاه إلى أن مستشفى القرب الوحيد الموجود بقلعة آمكونة ما هو إلى "مبنى" لا تربطه أي صلة بمراكز الإستشفاء نظرا لافتقاره للمعدات والأطر الطبية والأجهزة وكذا الأدوية ، بل يرسلون اللاجئين إليه الإ المدن المجاورة لإجراء أبسط "العمليات الجراحية" وهذا ما أكده بعض ممن شملهم الإستبيان : "ملي توصل لمستشفى القرب ،كيعمر ليك الورقة لورززات". كما عبروا عن تذمرهم من عدم توفر الأدوية الضرورية والأمصال في الصيدليات المحلية زد على ذلك مشكل التنقل الطبي والإسعاف حيث تعاني الساكنة من شح سيارات الاسعاف ،إلى جانب عدم توفر معظم الأجهزة الطبية الحديثة مثل ( سكانير راديو... .) علاوة على ذلك ، فإن السكان المشاركين في الاستبيان قد أشاروا الى مشاكل أخرى تتعلق بالخدمات الصحية ،منها غياب الأطباء والممرضين بنسبة% 83.5 وهذا يرجع إلى كون الأطر لا يريدون العمل في المناطق النائية بالخصوص جهة درعة تافيلالت حيث أن الاغلبية يفضلون الذهاب الى المدن الكبرى كمراكش الرباط والدار البيضاء .. ويعد هذا الاستبيان هو الأول من نوعه الذي يسلط الضوء على الأوضاع الكارثية و مرارة العذاب التي يذوقها سكان قلعة مكونة من خلال النقص الحاصل والمهول في الموارد البشرية ونقص الكفاءة والخبرة في الكوادر الصحية ثم الغياب التام للتجهيزات الطبية مما يجعل مستشفى القرب كهفا مهجورا. تعكس هذه النتائج الحاجة الملحة لتحسين جودة الخدمات الصحية في المنطقة من خلال توفير أطباء وممرضين يتمتعون بكفاءة وخبرة عالية كما ينبغي ارسال رسال لجان المراقبة للمستشفيات والصيدليات وإيجاد حلول للأطباء من أجل حثهم للإستقرار بالمنطقة، كما يجب أن تتحرك الجهات المعنية بسرعة لفك العزلة عن هذه المنطقة. حياة أيت سيدي موح ( طالبة بالجامعة الخاصة بمراكش).