يرى متتبعون أن وزير التربية الوطنية، شكيب بنموسى، قد يعيد سيناريو الوزير الأسبق، سعيد أمزازي، الذي أكمل سلسلة لقاءاته مع ثلاث نقابات تعليمية فقط بدل الخمس الأكثر تمثيلية. ورجح العديد من متتبعي الشأن التعليمي في المغرب أن يكون لقاء أمس الجمعة بداية لهذا السيناريو بعد أن عقد الوزير بنموسى لقاء مع أربع نقابات في غياب للجامعة الوطنية للتعليم FNE التي رفضت التوقيع على اتفاق 14 يناير الماضي. وأمس الجمعة، أصدرت الوزارة بلاغا أشادت فيه بالانخراط الإيجابي للنقابات الحاضرة، والذي تجسد في تبنيها لمقاربة تواصلية مع أسرة التربية والتعليم، من أجل شرح مضامين اتفاق 14 يناير، وخاصة ما يتعلق بالمبادئ المؤطرة للنظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية. ونقل البلاغ شكر الوزير الهيئات النقابية الحاضرة، على تحليها بروح المسؤولية فيما يتعلق بمسك النقط، حيث لعبت دورا مهما في التوعية بعدم المس بحقوق التلميذات والتلاميذ وتغليب المصلحة الفضلى لهم. وفي هذا السياق قال الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم FNE، عبدالله غميمط، إن إقصاء نقابته جاء بسبب موقفها من اتفاق 14 يناير، مشيرا إلى أن لقاء الأمس وتعاطي الوزارة معه يشير إلى رغبتها في إقصاء الجامعة من هذا النقاش، ورغبتها في نقابات بمواقف تتماهى مع مواقفها. وقال غميمط في تصريح لجريدة العمق إن الجامعة لها مواقفها ولا يمكن أن تصفق لكل القضايا، مع انها لا حرج لديها في أن تعبر بوضوح عن موقفها المؤيد لأي قرار يخدم مصالح رجال ونساء التعليم، مؤكدا على أن الوزارة بممارستها تناقض الشعارات التي ترفعها الحكومها حول احترام الرأي والرأي الآخر. وجدد المتحدث رفضه لاتفاق 14 يناير الذي "لم يكن منصفا ولم يكن في مستوى انتظارات الشغيلة التعليمية" ، ولكن هذا لا يعطي الحق للوزارة في إقصاء الجامعة التي اعتبرها صاحبة القرار في حضور أو عدم حضور هذه الاجتماعات. وقال إن الجامعة عبرت عن موقف موجود وسط الشغيلة التعليمية التي زكت هذا الموقف في الانتخابات المهنية الأخيرة، وتزكيه الآن من خلال الاحتجاجات المستمرة للعديد من الفئات ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي يعبر فيها رجال ونساء التعليم عن غضبهم تجاه مخرجات اللقاءات خاصة تلك المخرجات الغامضة، كتلك التي تم الإعلان عنها أمس الجمعة، وفق تعبير غميمط. وقال إن هذا الإقصاء ليس الأول من نوعه، بل سبق للوزير أمزازي أن سلك نفس الطريقة، بإجرائه حوارات مع ثلاث نقابات وتهميش نقابتين، وهو ما يعيده الوزير بنموسى مع الFNE ، معبرا عن رفضه لهذا السلوك ومتشبثا بحق جامعته، باعتبارها نقابة ضمن النقابات الأكثر تمثيلية، في الحضور في النقاش الذي يهم رجال ونساء التعليم. وأضاف أن القوانين التي تنظم علاقة الوزارة بالنقابات واضحة ومعروفة، والتي تخول للنقابات التعبير عن مواقفها حول كل القضايا، ولا أحد فوق القانون. كما أكد أن الجامعة الآن تناقش مسألة إقصائها من الاجتماعات ولن تبقى مكتوفة الأيدي، وستتخذ الموقف المناسب في التعاطي مع هذا السلوك "اللاديقراطي" للوزارة. ولفت إلى أن ما تمارسه وزارة التربية الوطنية بعيد كل البعد عن ثقافة الإشراك التي يتشدق بها مسؤولوها، وقال إن موقف الجامعة من اتفاق 14 يناير كان يمكن للوزارة أن تستثمره لإعطاء الشرعية لخطاباتها وبأنها تحترم النقابات وتحترم الرأي والرأي الآخر وتحترم نتائج الانتخابات المهنية الأخيرة، خصوصا أن موقف الجامعة لن يغير شيئا ما دامت النقابات الأخرى لها نفس موقف الوزارة ومادامت النقابة لا تمثل إلا 1/5 من مجموع أصوات النقابات. وقال غميمط إن النقابات التعليمية يجب أن تتحمل مسؤولياتها فيما تتعرض لها الFNE، لأنه لا يمكن لنقابات أن تبارك ما تمارسه الوزارة رغم الاختلاف في تقديرات 14 يناير. وزاد المسؤول النقابي ذاته ضمن تصريحه أن ما يجمع النقابات أكبر بكثير من مجرد اختلاف في محطة من المحطات، مشيرا إلى أن الواجب يفرض على النقابات الأخرى أن ترفض سلوك الوزارة التي تقوم بإقصاء ودعوة من تشاء. وكانت الجامعة الوطنية للتعليم FNE قد قالت إن الوزارة أقدمت مؤخرا على دعوة النقابات التعليمية الأربع إلى اجتماع يوم الجمعة 24 مارس 2023 دون توجيهها الدعوة للجامعة كنقابة تعليمية بوأتها الشغيلة التعليمية المرتبة الرابعة ضمن النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية، معتبرة ذلك ضربا صارخا للقوانين المنظمة للعلاقة بين النقابات والوزارة مركزيا وجهويا ومحليا. وأكدت النقابة في مراسلة وجهتها للوزير بنموسى على حقها في الحضور في أي اجتماع يناقش قضايا نساء ورجال التعليم، ومعلنة تشبثها بالتعبير بكل حرية عن مواقفها من المخططات التي يتم تنزيلها بالقطاع، ومن مجريات الحوار القطاعي. وقالت إنها تتأسف على هذا القرار "غير الديمقراطي" الذي يترجم بالفعل ضيق صدر المسؤولين بالوزارة تجاه المواقف المختلفة معهم، وفق تعبيرهم. وأمس الجمعة، استقبل وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، بالمقر الرئيس للوزارة، الكتاب العامين للنقابات التعليمية الأربع الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023. وقالت الوزيرة إن هذا اللقاء يأتي في إطار مواصلة أشغال الحوار الاجتماعي القطاعي الذي يعرفه قطاع التربية الوطنية، والذي تميّز بدينامية ملحوظة جسّدت الإرادة المشتركة لإنجاح ورش الإصلاح التربوي، وتنزيل خارطة الطريق 2022-2026، وخاصة ما يتعلق بتثمين أدوار نساء ورجال التعليم من خلال تحسين الشروط المهنية والاجتماعية وتوفير الظروف المناسبة لهم ولعموم العاملين بقطاع التربية الوطنية. وبحسب بلاغ مشترك للنقابات التعليمية الأربع، فقد تم الاتفاق، خلال اللقاء الذي عرف حضور الكاتب العام بالنيابة ومدير الموارد البشرية وتكوين الأطر ومدير ديوان الوزير، على تحديد يوم 25 أبريل المقبل كموعد لعرض مشروع مرسوم النظام الأساسي الجديد لمناقشته على ضوء المقترحات النقابية والعمل على تجاوز النقط الخلافية. ويخصوص الملف المطلبي، وخاصة مشاريع المراسيم المتبقية من الاتفاق المرحلي 18 يناير 2022، قال البلاغ إن الوزارة ستعلن عن مباراة تغيير الإطار لفائدة حاملي الشهادات العليا قبل متم شهر يونيو المقبل. كما ستعلن عن برنامج التكوين لفائدة المكلفين بالتدريس خارج سلكهم الأصلي وإدماج المساعدين التقنيين والإداريين في النظام الأساسي الجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية. وأشار البلاغ ضمن السياق ذاته إلى أن النقابات قدمت مجموعة من المقترحات بشأن معالجة ملفات باقي الفئات التعليمية المتضررة بناء على ما توصلت به عبر ممثليها بعد توقيع اتفاق 14 يناير 2023، دون أن تذكر هذه المقترحات ضمن بلاغها. وأوضح المصدر ذاته أنه سيتم الشروع في تسوية ملف المكلفين بمهام الإدارة التربوية (إسناد) الذين عبروا عن رغبتهم في تغيير الإطار بداية شهر أبريل 2023 قصد تمكينهم من المشاركة في الترقية بالاختيار برسم سنة 2021. وبخصوص الترقية بالاختيار برسم سنة 2021، سيتم عقد اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء للبت في الترقية بالاختيار لسنة 2021خلال شهر أبريل المقبل، على أن تتم التسوية المالية قبل نهاية الموسم الدراسي الحالي، وفق ما جاء في البلاغ. وقال المصدر ذاته إن المجتمعين اتفقوا على التعجيل بتسوية الوضعية المالية للناجحين في امتحانات الكفاءة المهنية 2021 في أفق نهاية شهر أبريل على أبعد تقدير، والتزام الوزارة بإصدار مذكرة الترقية بالاختيار لسنة 2022 خلال شهر أبريل المقبل، والإعلان عن نتائج الحركة الانتقالية التعليمية بداية شهر ماي 2023. ولفت البلاغ إلى أن الوزارة أكدت على تفاعلها إيجابا مع المبادرة النقابية في شأن معالجة ملف التوقيفات التي طالت عدد من الأطر التعليمية.