هي "الكونديسة" و"الحمامة البيضاء"، و"بنت غرناطة" التي آوت الأندلسيين بعدما طردوا من الفردوس المفقود، هي الحاضرة التي رعتها عيون الحراس قبل قرون، وتفجرت في أديمها عيون ماء جارية لا تنضب.. إنها تطوانالمدينة المغربية العريقة ذات السبعة أسماء. اتفق المؤرخون على أن اسم تطوان ليس عربيا، إذ أنها أسست قبل ظهور الاسلام ووصول اللغة العربية إلى الشمال الإفريقي، فالأمازيغ الذين استوطنوا المنطقة قبل قرون سمو المدينة بلغتهم، لكن المؤرخين اختلفوا في نطقه بين سبع صيغ؛ تطوان- تطاون- تطاوين- تيطاوين- تطاوان- تيطاوان- تيطاون، بحسب ما ذكر محمد داود في "تاريخ تطوان". تطاوين ذكر الحسن الوزان المعروف ب"ليون الإفريقي"، في كتابه "وصف إفريقيا"، المدينة باسم تطاوين، مشيرا إلى أن من أسسها هم "الإفريقيون الأقدمون"، وأن المسلمين افتتحوها في نفس الوقت الذي افتتحوا فيه مدينة سبتة. ولما افتتح المسلمون هذه المدينة الصغيرة، صاروا يسمونها باسم (كونته- كونديسة)، وهي امرأة عوراء كانت تأتى إليها مرة في الأسبوع لتستخلص الجبايات من سكانها. بحسب ما نقل محمد داود عن الوزان. وبحسب "ليون الإفريقي"، فإن إن كلمة تطاوين في اللغة الإفريقية (في إشارة إلى لغة الأمازيغ الذين استوطنوا المنطقة)، تعني العين، إذ ذكر أن هذه البلدة كانت بها عين واحدة. التسمية ذاتها أيدها المؤرخ الشيخ علي اليوسي قائلا، " تيط بمعنى العين الجارية أو البصيرة، والبربر منهم تجمعها على هذا الجمع سواء كانت بصيرة أو جارية، فيقولون تطاوين في لغتهم الآن، فنظرنا في تلك المدينة فوجدناها ذات عيون من الماء، فعلمنا أن ذلك هو المراد بلا إشكال"، بحسب ما نقل عنه محمد داود. بدوره صاحب المخطوط التطواني، وهو تطواني عاش بهذه المدينة في أوائل القرن الثالث عشر، فسر: "تطاوین بكسر التاء وفتح الطاء المشددة" بأنها "جمع تيط؛ العين بلغة البربر جارية أو غير جارية، وتصدق أيضا عندهم بعين البصر، والمراد هنا الأولى بقسميها لكثرتها حتى سميت حومة منها بذلك"، ورجح أنها سميت كذلك، مجازا، لحراسة أهلها لمن وراءهم. أحمد بن خالد الناصري صاحب "الاستقصا" ذكر هذه المدينة دائما باسم تطاوين، وعن معناه قال: "قالوا ولفظ تطاوين مركب من كلمتين (تيط) ومعناها في لسان البربر العين، و(وین) وهي كناية عن المخاطب نحو يا فلان وما أشبه ذلك". وتابع الناصري أن من التفسيرات لسبب تسميتها بذلك أنهم في وقت تخطيطهم لها كانوا يضعون الحرس على أسوارها مخافة أن يفاجئهم العدو، فكان الحرس ينادون بالليل أو بالنهار (تطاوين، تطاوین)، أي "یا فلان افتح عينك.. فصار هذا اللفظ علما عليها". و"كذا قول بعضهم (تيط) معناها العين و(وين) معناها المقلة، ومجموع الكلمتين مقلة العين، والإضافة مقلوبة كما هي في لسان بعض الأمم العجمية"، بحسب ما نقل محمد داود عن صاحب "الاستقصا. تطوان أما المؤرخ التطواني أبو محمد سكيرج، فقال إن اسم هذه المدينة هو "تطوان"، مشيرا إلى أن هذا اللفظ غير عربي، موضحا أن "طیط" تعني "العين"، و"وان" معناه "نظر"، ثم تحدث عما قيل إن سكانها كان ينادى بعضهم بعضا أثناء الحراسة، دون أن يذكر لفظ "تطاوين"، بحسب ما نقل عنه صاحب "تاريخ تطوان". وتطوان بكسر التاء وسكون الطاء وفتح الواو، يقول محمد داود، "لا أعرف بالتدقيق تاريخ إطلاق هذا الاسم على هذه المدينة، ويظهر أنه غير قديم جدا وإن كان غير حديث جدا أيضا، لأنه كان مستعملا في القرن العاشر للهجرة". وورد اسم المدينة بهذه الصيغة في كتاب "دوحة الناشر" لمحمد بن عسكر الشفشاوني، المتوفى سنة 1578، كما ورد بالصيغة ذاتها في كتاب "درة الحجال" لابن القاضي المكناسي المتوفى سنة 1616، كما وورد أيضا في "نزهة الحادي" لمحمد الصغير الإفراني، وكتاب "الدولة السعدية"، و"القرطاس" لابن أبی زرع. تطاون "تطاون" بتاء محركة فطاء مشددة مفتوحة فألف فواو محركة، وقد ورد اسم المدينة بهذه الصيغة في كتاب "نزهة المشتاق في اختراق الأنفاق" للشريف الادريسي، وورد كذلك في "نفح الطيب" لأحمد بن محمد المقري، بل كانت هذه الصيغة معروفة حتى في القرن الثامن الهجري لأنها وردت في مقدمة ابن خلدون، كما وردت أيضا في كتاب "مرآة المحاسن". وهذه الصيغة هي المستعملة إلى الآن بهذه المدينة ونواحيها وربما نطق بعض الناس بها "تسطاون"، "وهذه السين إنما هي ناشئة لدى أهل الحضر"، يقول محمد داود الذي ألف كتاب "تاريخ تطوان" سنة 1959. أربع صيغ "تيطاوين".. مثل الصيغة التي قبلها مع زيادة ياء بين التاء والطاء، وقد ذكر هذه الصيغة ابن خلدون، كما وردت أيضا في كتاب "البيدق"، ووردت أيضا في كتاب "النفحة المسكية في الرحلة التركية"، بحسب ما قال صاحب "تاريخ تطوان". أما لفظ "تطاوان" فقد جاء في كتاب "المسالك والممالك" لأبی عبید البكرى الأندلسي، وهو من رجال القرن الخامس الهجري، بينما "تيطاوان" فإنها صيغة جاءت في كتاب "المسالك والممالك" لأبي عبيد البكري و"الاستبصار في عجائب الامصار". بينما ورد اسم المدينة بصيغة "تطاون" في كتاب "البيان المغرب" لابن عذاري المراکشی، ووردت أيضا كذلك في مواضع متعددة من كتاب "مناهل الصفا" لمؤرخ الدولة السعدية عبد العزيز الفشتالي، وفي "لقطة الفرائد" لابن القاضي وفي "النفحة المسكية".