شكل قرار مجموعة العمل المالي (GAFI) خروج المغرب من اللائحة الرمادية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حدثا هاما انتظرته المملكة منذ سنوات، وذلك لما هذا القرار من تأثير ايجابي محتمل على الاقتصاد الوطني، خاصة فيما يتعلق بالحصول على القروض البنكية بشروط تفضيلية وكذا تشجيع المستثمرين الأجانب على القدوم إلى المغرب. وجاء قرار مجموعة العمل المالي، بعد زيارة قام بها خبراء المجموعة إلى المغرب بين 16 و23 فبراير الماضي من أجل الوقوف على الأرض حول مدى تطبيق القطاعات المستهدفة والمسؤولين للتوصيات التي عبّرت عنها المجموعة، حيث قررت المجموعة إثر ذلك، بإجماع أعضائها، خروج المملكة المغربية من مسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف ب"اللائحة الرمادية". ووفق بلاغ لرئاسة الحكومة المغربية، فإن قرار مجموعة العمل المالي جاء "بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، مبرزا أن القرار جاء أيضا بعد الخلاصات الإيجابية التي ضمنها خبراء المجموعة في تقريرهم أثناء الزيارة الميدانية السابقة التي قاموا بها إلى المغرب ما بين 16 و18 يناير 2023. خطة المغرب للخروج من اللائحة سبق قرار إعلان مجموعة العمل المالي (GAFI) خروج المغرب من اللائحة الرمادية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، خطة عمل عملت السلطات المغربية على تنفيذها من أجل الخروج من اللائحة، حيث تم تشكيل لجنة مُنحت لها صلاحية تطبيق عقوبات مالية ضد المتورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. كما قامت الحكومة بتوسيع دائرة الجرائم الأصلية لغسل الأموال، حيث أضيفت جرائم الأسواق المالية والبيع وتقديم الخدمات، فيما ركزت الإجراءات الحكومية كثيراً على توعية العاملين في المهن غير المالية بأهمية الامتثال للقوانين المناهضة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، مثل تجار المجوهرات والمعادن النفيسة والكازينوهات. وسبق لوالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، أن أوضح أن الخروج من اللائحة الرمادية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يعتبر أحد الشروط التي يضعها صندوق النقد الدولي بهدف تمكين المملكة من خط السيولة والوقاية المرن. تعزيز الثقة في الاقتصاد المغربي في تعليقه على قرار مجموعة العمل المالي إخراج المغرب من اللائحة الرمادية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، اعتبر المحلل الإقتصادي محمد جدري، أن "هذا الإجراء كنا ننتظره بفارغ من الصبر منذ عدة أشهر، لأن المغرب قام بمجموعة من الإجراءات التشريعية والقانونية والمالية والنقدية في هذا الاتجاه، من أجل الاستجابة لمجموعة من المعايير التي تقوم بها "مجموعة العمل المالي". وأكد جدري في تصريح لجريدة "العمق"، أن أعضاء هذه المجموعة قاموا في الشهر الماضي بزيارة للمملكة المغربية، وقاموا بعد لقاءات مع مجموعة من المؤسسات، كبنك المغرب، ومجموعة من المقاولات والمؤسسات العمومية من أجل الوقوف على حقيقة تنفيذ المغرب للإجراءات التي وقعد بها على أرض أم لا، مبرزا أن قرار المجموعة أثبت أن المغرب أوفى بتعهداته، وهو ما تُوج بمشاهدة خروج المغرب رسميا من المنطقة الرمادية لنفس المجموعة المالية. واعتبر جدري أن هذا القرار من شأنه أن يعزز ثقة المستثمرين الأجانب في المملكة المغربية، لأن الإجراءات التي قام بها المغرب تتعلق بمحاربة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وهي أمور مهمة، والمستثمرون يؤكدون عليها بدرجة أولى وأساسية. وأضاف أن مؤسسات التأمين المالي والتنقيط على المستوى العالمي سترفع من معدل تنقيط المغرب في هذا الأمر، مؤكدا أن هذا الأمر سيعزز من القوة التفاوضية للمغرب مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على خط مرن للتمويل بشروط تفضيلية، أفضل من التمويل الذي تم استعماله إبان الجائحة. وأشار جدري أن المغرب لم يقم السنة الماضية بالاقتراض من السوق الدولية، لأنه كان ينتظر الخروج من اللائحة الرمادية، لأنه لم يكن يريد تفويت فرصة الاقتراض من بعض المؤسسات العالمية والدولية خصوصا الأوربية بشروط تفضيلية وبنسب ذات فائدة مهمة. وشدد المتحدث ذاته على أن "كل هذه الأمور المهمة سوف تعزز من جاذبية الاستثمار في المملكة المغربية ومن حظوظ المملكة في التوفر على تمويلات خارجية بشروط تفضيلية، وهي أمور ايجابية لصالح المغرب، لأنها تعزز وتكسر ثقة العالم تجاه الاقتصاد الوطني المغربي من أجل جلب المزيد من الاستثمارات في السنوات المقبلة".