احتضنت مدينة أكادير، الجمعة، الدورة الثالثة للمنتدى الوطني للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، والذي اختير له كشعار" من التغطية الصحية الإجبارية إلى التغطية الاجتماعية مشروع ملكي رائد"، بمشاركة ممثلي المؤسسات الرسمية الفاعلة في التغطية الصحية وخبراء وأكاديميين متخصصين في الحماية الاجتماعية، وبحضور رؤساء تعاضديات من عدة دول إفريقية. وأكد مولاي إبراهيم العثماني، رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، في كلمة خلال أشغال هذا المنتدى، أن اختيار موضوع هذه الدورة "لم يأت عبثا أو من فراغ، بل أملته التحولات والمستجدات التي طبعت مسار التغطية الصحية ببلادنا، تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس". وأوضح العثماني، أن "الأجهزة المسيرة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وفي سياق مواكبتها لتنزيل هذا الورش الملكي المجتمعي الرائد، قامت بإنجاز مجموعة من المشاريع الاجتماعية لفائدة منخرطيها وذوي حقوقهم، عبر إحداث وحدات إدارية إجتماعية وصحية، بمختلف جهات وأقاليم وعمالات المملكة المغربية". وتهدف هذه المشاريع بحسب المتحدث ذاته، إلى "تحقيق العدالة التعاضدية مجاليا واجتماعيا، وضمانا للحق العادل والمشروع للمنخرطين في الولوج على قدم المساواة، لمختلف الخدمات التي تسديها مؤسستنا الاجتماعية ذات الأهداف النبيلة". وشدد رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، على ضرورة رص الصفوف والعمل جنبا إلى جنب من أجل مواكبة تنزيل ورش الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة، والقيام بتقييم دقيق وهادف، لما تم تحقيقه في إطار التأمين الإجباري عن المرض. كما دعا إلى "التفكير مليا، في السبل والآليات الكفيلة بخلق معادلة متوازنة، ما بين حق المواطن الدستوري في العلاج والعناية الصحية، وما بين حق المؤسسات المدبرة للتأمين الإجباري عن المرض في القطاعين العام والخاص، بهدف تحقيق توازنات مالية ولو نسبية، خاصة إذا علمنا بأن الأسعار في ارتفاع مستمر، وأن التجهيزات الطبية أصبحت متطورة ومكلفة أيضا". واعتبر أن "هذا التوازن لا بد أن يكون سببا في الإرتقاء نحو توفير التغطية الصحية الشاملة، في ظل مفهوم الدولة الاجتماعية عبر ضمان المساواة في الولوج إلى العلاج والخدمات الصحية، والإنصاف في التوزيع المجالي للموارد الصحية. وتمكين القطاع التعاضدي من لعب دوره الرئيسي، كمساهم في تحقيق العدالة المجالية والإجتماعية، والمحافظة على الصحة العامة، فضلا عن مساعدة القطاعين العام والخاص في ضمان الأمن الصحي لمواطني بلدنا العزيز". وفي هذا الإطار، ومن أجل بلوغ هذه الغاية، أكد العثماني على ضرورة الحفاظ على مكتسبات القطاع التعاضدي، خاصة الوحدات الصحية والاجتماعية التي تتوفر عليها التعاضديات، مضيفا أنه "يتعين على السلطات المختصة، تمكين الوحدات الاجتماعية التعاضدية من أداء مهامها النبيلة، دون قيد أو شرط". من جانبه، قال ميلود معصيد رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة للتربية الوطنية، إن هذا المنتدى المنظم على هامش الجمع العام العادي 75، خطوة إيجابية بكل مالها من مقاييس في تقييم الوضعية الحالية لولوج المواطنات والمواطنين للخدمات الصحية الأساسية بالوسطين الحضري والقروي ولمدى جودتها وكلفتها وسبل تمويلها. وأكد معصيد، أن التحديات التي يجب تجاوزها لضمان تغطية ضحية شاملة لجميع المواطنين تتطلب منهجيات من قبيل: تقدير الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية عن طريق توفير البنيات التحتية الصحية، وتنظيم خاصية العلاجات الصحية الأساسية بمحاربة التفاوتات في ولوج الخدمات الصحية الأساسية رغم محدوديتها. ومن هذه المنهجيات كذلك، أشار معصيد في كلمته خلال أشغال المنتدى الوطني الثالث للتعاضدية العامة، إلى اللجوء إلى الحد من الأداءات عن طريق تقليص حجم النفقات التي تثقل كاهل الأسر، والرفع من التمويلات العمومية المخصصة للمرفق العام القائم على مبدأ الحق في الصحة. في السياق ذاته، دعا المتحدث ذاته إلى ضرورة تنفيذ لحكومة لتوصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بخصوص أدوار النظام التعاضدي لاسيما في إقامة تعاقد حول الأهداف والوسائل بين الدولة وقطاع التعاضد، وإعادة إدماج النشاط الصحي ضمن نطاق نشاط التعاضديات دون ميز وبنفس الشروط التي تخضع لها مهنة الطب. وشارك ضمن أشغال هذا المنتدى، وزير التشغيل الأسبق والخبير لدى منظمة العمل الدولية، جمال أغماني، حيث أكد في مداخلته، على أنه خلال فترة توليه الوزارة اتخذ عدة قرارات قناعة منه بضرورة تعزيز مكانة قطاع التعاضد كفاعل في منظومة الحماية الاجتماعية الوطنية، ومنحه الإطار التشريعي المناسب لمواكبة حاجياته وتعزيز نظم حكامته، مضيفا أنه كان وراء إعداد "مشروع مدونة التعاضد" بمعية وزارة المالية سنة 2011، والتي لازالت تنتظر مصادقة مجلس المستشارين منذ 2016. وأشار أغماني إلى أن المنتدى الثالث للتعاضدية العامة، هو مناسبة للتفكير في الدور الذي يتعين أن يلعبه النسيج التعاضدي بالمغرب في الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، وكذا البحث في أوجه الصعوبات التي تواجه عمل التعاضديات بالمغرب، للوصول لتوصيات تنير عمل التعاضدية العامة وتمكنها من فتح حوار في شأنها مع الحكومة لإيجاد الصيغ الملائمة لتفعيلها. وخلص الوزير السابق إلى أن الورش الذي فتحه الملك للتأسيس للدولة الاجتماعية هو ورش لا يقع على الحكومة والدولة وحدها، بل هي مهمة كل الفاعلين، مضيفا أن على التعاضديات أن تأخذ مكانتها في هذا الورش الاجتماعي الكبير، مؤكدا أن التوجه نحو بناء الدولة الاجتماعية سيجد له سندا كبيرا له في تطوير الاقتصاد الاجتماعي، وقطاع التعاضد هو أحد مكونات هذا الاقتصاد، وفق تعبيره. يشار إلى أن أشغال هذا المنتدى عرفت تقديم عروض من طرف ممثليكل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعي، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والوكالة الوطنية للتأمين الصحي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.