أحيانا يقع خلط أو التباس في استيعاب الفرق بين كل من المفوض القضائي، والعون القضائي، والمنتدب القضائي على اعتبار أن مختلف هاته المهن أو الوظائف تندرج بشكل أو بأخر ضمن قطاع العدالة بالمغرب، وهو ما يستدعي الإلمام من لدن المواطنين بأهم الفروقات الجوهرية لهاته المهن أو الوظائف، حتى يتسنى لهم تدبير شؤونهم القضائية دون التخبط في هذا الإشكال. الأسطر التالية ترصد الفروق الجوهرية بين كل من المنتدب القضائي والعون القضائي والمفوض القضائي، مع تسليط الضوء على مهنة المفوض القضائي واختصاصاتها، والقوانين المنظمة لها، وكيفية ولوجها. المفوض القضائي والعون القضائي: العون القضائي هو الاسم الأول لمهنة المفوض القضائي، حيث أن القانون 41.80 الصادر سنة 1983 المنشئ للمهنة قد أطلق عليها اسم'' العون القضائي''، قبل أن يتم تغييرها بمقتضى القانون 81.03 الصادر سنة 2008 لتصبح المفوض القضائي. مفهوم واختصاصات المفوض القضائي: المفوض القضائي هو مساعد للقضاء، يمارس مهنة حرة وفقا لأحكام القانون المنظم للمهنة، والنصوص التنظيمية المتعلقة بتطبيقه، وعلى رأسها القانون رقم 81.03 بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، وتشرف على المهنة الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين. يختص المفوض القضائي، بالقيام بعمليات التبليغ وبإجراءات تنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات، وكذا كل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية، مع الرجوع إلى القضاء عند وجود أي صعوبة، وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحلات والبيوعات العقارية وبيع السفن والطائرات والأصول التجارية. كما يتكلف المفوض القضائي بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة قانونا، وكذا استدعاءات الحضور المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، ويمكن له أن يقوم باستيفاء المبالغ المحكوم بها أو المستحقة بمقتضى سند تنفيذي، وإن اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقولات المادية. ويقوم المفوض القضائي أيضا بتبليغ الإنذارات بطلب من المعني بالأمر مباشرة، ما لم ينص القانون على طريقة أخرى للتبليغ. ويُنتدب من لدن القضاء، للقيام بمعاينات مادية محضة مجردة من كل رأي، ويمكن له أيضا القيام بمعاينات من نفس النوع مباشرة بطلب ممن يعنيه الأمر. ويمنع على المفوض القضائي تحت طائلة بطلان الإجراء وتعرضه للمتابعة، أن يباشر أي إجراء لنفسه أو لحساب زوجه أو أصوله أو فروعه أو أقاربه إلى الدرجة الثالثة. ويُذكر أنه يمكن للمفوض القضائي عند الاقتضاء الاستعانة بالقوة العمومية أثناء مزاولة مهامه وذلك بعد الحصول على إذن من وكيل الملك طبقا لمقتضيات القانون الجاري به العمل. أجرة المفوض القضائي: يَتقاضى المفوض القضائي أجرته مباشرة من طالب الإجراء مقابل تسليم وصل بذلك من كناش ذي جذور. وَيُؤَدَّى للمفوض القضائي مسبقا المبلغ الثابت، ويمنع عليه أن يطلب أو يتسلم مبالغ تفوق الواجبات المحددة. يقوم كذلك بإنجاز الإجراءات في القضايا المستفيدة من المساعدة القضائية على أن يستخلص مستحقاته عند تصفية الصوائر القضائية. المراقبة والتأديب: يراقب رئيس المحكمة المختصة أو من ينتدبه من القضاة لهذه الغاية أعمال وإجراءات المفوضين القضائيين الممارسين في دائرة اختصاصه. كما تختص غرفة المشورة بالمحكمة الابتدائية التي يقع مكتب المفوض القضائي بدائرة نفوذها بالبت في المتابعة التأديبية المثارة بشأن كل إخلال بالواجبات المهنية المنصوص عليها في القانون، وذلك بصرف النظر عن المتابعات الجنائية المحتملة. ولوج مهنة المفوض القضائي: يشترط في المرشح لمزاولة مهنة مفوض قضائي أن يكون من جنسية مغربية، وأن يبلغ من العمر 25 سنة كاملة وأن ال يتجاوز 45 سنة مع وجود استثناءات، وأن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في الحقوق أو ما يعادلها أو على شهادة الإجازة في الشريعة الإسلامية. كما يجب أن يكون في وضعية سليمة بالنسبة إلى قانون الخدمة العسكرية، وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية، مع ضرورة التمتع بالقدرة الفعلية على ممارسة المهنة بكامل أعبائها. ويرخص وزير العدل والحريات للمترشحين الذين نجحوا في اختبار نهاية التكوين، بمزاولة مهنة مفوض قضائي بقرار يحدد فيه مقار مكاتبهم، ودائرة الاختصاص التي يمكن لهم أن يمارسوا مهنتهم فيها، بعد استشارة لجنة تضم من بين أعضائها ممثلين اثنين للمفوضين القضائيين تنتدبهم الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين. الفرق بين المفوض القضائي والمنتدب القضائي: إن المنتدب القضائي على عكس المفوض القضائي، موظف يؤدي خدمة عمومية، وعلى ذلك فإنه خاضع لقانون الوظيفية العمومية، كما يخضع أيضا للمرسوم 473.11.2 بمثابة النظام الأساسي لهيئة كتابة الضبط. ويعتبر المنتدب القضائي موظفا بهيئة كتابة الضبط على غرار، إطار المحررين القضائيين، وإطار كتابة الضبط. ويعد الموظفون المنتمون لهيئة كتابة الضبط في وضعية عادية للقيام بالوظيفة بمختلف محاكم المملكة وبالمصالح المركزية واللاممركزة لوزارة العدل. ويخضعون للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل التي تقوم بتدبير شؤونهم وفقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.