ملف دكاترة التربية الوطنية هو ملف مطلبي عمر طويلا بوزارة للتربية الوطنية دون أن يجد طريقه إل الحل الشامل رغم كل المحطات النضالية التي خاضها الدكاترة والاتفاقيات التي أبرمت مع وزارة التربية الوطنية. ويطالب هؤلاء بالإدماج في إطار أستاذ باحث الذي يتناسب مع الشهادة الأكاديمية المحصل عليها. ولعل الاستجابة لهذا المطلب ستطوي سنوات طوال (تقارب العقدين من الزمن) من الحيف التي تعرضت له هذه الفئة، كما أنها ستمكن قطاع التربية الوطنية من الاستفادة من طاقات خلاقة وكفاءات علمية تضطر إلى مغادرة قطاع التربية الوطنية لتستفيد منها قطاعات أخرى. والحال أن المنظومة التربوية في أمس الحاجة اليوم إلى هؤلاء الدكاترة الذين يملكون تجارب غنية وخبرة طويلة في التدريس والبحث العلمي. ولهذا فإدماج هؤلاء الدكاترة وتمكينهم من إطار أستاذ باحث لن يحقق الإنصاف لهذا الفئة فحسب، وإنما سيفتح الباب أمام المنظومة التربوية للاستفادة من خبراتهم والمساهمة في مشاريع الإصلاح والارتقاء بالفعل التربوي، وذلك من خلال مداخل متعددة نجملها بشكل سريع فيما يلي: – التكوين والتأطير والإشراف بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ومركز التوجيه والتخطيط ومركز تكوين مفتشي التعليم: فهؤلاء الدكاترة يتوفرون بالإضافة إلى الشهادة الأكاديمية التي تخول لهم الإدماج في إطار أستاذ باحث، على خبرة طويلة داخل الفصول الدراسية تؤهلهم لممارسة التكوين من منطلق المتمرس في ميدان التدريس والعارف بخبايا الممارسة الصفية وتعقيداتها. ولهذا فاستيعاب هذه الكفاءات داخل مراكز التكوين سيمكن الوزارة من الاستفادة من أطرها لاسيما وأن ثمة حديث عن إنشاء معهد جديد تحت اسم معهد الأستاذية، كما سيسهم ذلك في وقف نزيف "هجرة" الدكاترة إلى خارج قطاع التربية الوطنية. – الإشراف على التداريب الميدانية: فالدكاترة العاملون داخل الفصول الدراسية أساسا يمكنهم المساهمة بقسط وافر في تفعيل التوجهات الحالية الرامية إلى دعم التكوين الأساس للأساتذة الجدد وخاصة في شقه المتعلق بالتداريب العملية. هذه العملية التي تتم اليوم بصورة عشوائية تماما، بحيث يتطوع الأساتذة بشكل إرادي لاستقبال المتدربين في فصولهم الدراسية دون أن يكون ذلك جزءا من مهامهم، وهناك من الأساتذة من يرفض استقبال المتدربين بسبب عدم وجود أي تعويض مادي. وهكذا تترك عملية بالغة الأهمية كالتداريب الميدانية للتدبير الظرفي والتطوع وأحيانا التوسل للأساتذة من أجل قبول المتدربين داخل فصولهم. ولهذا فنحن حين نقترح إسناد التداريب الميدانية للدكاترة الأساتذة بعد تغيير إطارهم إلى أستاذ باحث، إنما نتحدث انطلاقا من ملاحظة دقيقة لواقع الحال في المؤسسات التعليمية ولحاجة المنظومة التربوية إلى مساهمة هذه الفئة( الدكاترة ) التي خبرت ميدان التدريس في التكوين العملي لأساتذة المستقبل، أي أن ثمة ثغرة كبرى داخل منظومة التكوين الأساس للأساتذة المتدربين سيعمل هؤلاء الدكاترة على سدها بعد تغيير إطارهم. – التكوين المستمر: تركز التوجهات الحالية لوزارة التربية الوطنية على مركزية التكوين المستمر في أي مشروع للإصلاح ويكفي الرجوع للرؤية الاستراتيجية للوقوف على الرهانات الكبرى المتعلقة بالتكوين المستمر باعتباره مدخلا أساسيا للنهوض بالمنظومة، وفي هذا السياق يمكن لدكاترة وزارة التربية الوطنية بالنظر إلى تكوينهم الأكاديمي وتمرسهم في البحث العلمي، يمكنهم المساهمة في التكوين المستمر للأساتذة لاسيما الجدد منهم ومواكبتهم. ولعل الوزارة قد أعطت إشارات في هذا الصدد حين تحدث بلاغ الوزارة عقب الاتفاق المرحلي الموقع مع النقابات ذات التمثيلية، عن الرغبة في الاستفادة من خبرات الدكاترة في التكوين المستمر. – البحث العلمي التربوي: لايمكن تصور أية نهضة تربوية في بلادنا دون بحث علمي رصين يشرف عليه باحثون زاوجوا بين العمل داخل القسم وممارسة البحث العلمي، وبالتالي فهؤلاء هم الأقدر على فهم واقع منظومتنا التربوية وإشكالاتها الحقيقية، فأهل مكة أدرى بشعابها كما يقال، ولهذا سيمكن إدماج دكاترة القطاع في إطار أستاذ باحث من التوفر على قاعدة من الباحثين المتمرسين، سيعملون ولا شك على إغناء البحث العلمي التربوي بأعمال ودراسات أكاديمية في ميادين علوم التربية والديداكتيك وغيرها من الحقول المعرفية المرتبطة بالممارسة التعليمية التعلمية.