اعتمد دكاترة القطاع المدرسي على إمكانياتهم الذاتية في تحضير أطاريحهم الجامعية،وبحوثهم العلمية وإصداراتهم الأكاديمية،وكان من الأجدى ألا تفرط وزارة التربية الوطنية في هذه الكفاءات ،فقد التحق منها من التحق بالتعليم العالي .ويحسب للوزارة الوصية أنها احتفظت بنسبة لا بأس بها من الأساتذة الدكاترة وألحقتهم بمراكز تكوين الأطر بعد أن منحت لهم إطار أستاذ باحث له نفس مسار الأستاذ الجامعي .ولأسباب غير معروفة لم تستطع الوزارة أن تقطع الشك باليقين وتمنح لكافة دكاترة القطاع المزاولين لمهنة التدريس إطار أستاذ باحث رغم اقتناعها بالوضعية الاعتبارية التي ينبغي أن يحضى بها الدكتور في منظومة التربية والتكوين،فليس هناك أي مسوغ لمكوث الدكتور في القطاع المدرسي أكثر من عشرين عاما،بل هناك من الدكاترة من سيحال على التقاعد قريبا ولم يفقد الامل بعد في تغيير الإطار لا لشيئ سوى لأن ألأساتذة المتدربين و الأساتذة المزاولين لمهنة التدريس هم في أمس الحاجة إلى خبراتهم العلمية وتجاربهم الميدانية في مجال التربية والتكوين،فهل يعقل أن نبحث عن خبراء في مجال التكوين الديداكتيكي والبيداغوجي من خارج بيئتنا المدرسية والتربوية؟ وإذا كانت خارطة الطريق لإصلاح التعليم(2022.2026)التي اعدتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قد نصت في بعض بنودها على إحداث (معهد الأستاذية )لتكوين أساتذة الغد فإن الاشتغال حاليا يجب أن ينصب بالأساس على توسيع العرض التكويني من خلال بناء مزيد من القاعات والمدرجات في مراكز مهن التربية والتكوين،وتأهيل الفضاءات المناسبة لاستقبال أفواج من الأساتذة الذين سيستفيدون من التكوين الأساس والتكوين المستمر،وقبل هذا وذاك يتحتم على الوزارة الوصية أن تعتني بالرأسمال البشري الذي تزخر به منظومة التربية والتكوين،فلا يعقل أن يظل دكاترة القطاع المدرسي يمارسون التدريس في التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي،ومراكز مهن التربية والتكوين تعاني من نقص كبير في الأساتذة المكونين،فبدل إغراق المراكز بتكليفات إرضاء الخواطر ينبغي إدماج الدكاترة في هذه المراكز بدون قيد أوشرط،فقد أفنوا زهرة شبابهم في تربية الناشئة وتعليمها وأبلوا البلاء الحسن في العملية التعليمية التعلمية،والاكثر من ذلك تمثلوا مفاهيم البيداخوجيا والديداكتيك،ومارسوها ميدانيا،لذا فإن كل الشروط متوفرة اليوم لتفعل الوزارة الوصية التزاماتها تجاه فئة الاساتذة الدكاترة وأن تمنحهم إطار أستاذ باحث وتدمجهم بسلاسة في مراكز تكوين الأطر لممارسة مهام التكوين والبحث العلمي ،وصياغة المحزوءات والمصوغات التكوينية وتحيينها لتتناغم مع مستجدات التربية والتكوين ومجتمع المعرفة،ورفع التحدي التربوي المتمثل أساسا في جودة التعلمات،وإعطاء دينامية جديدة للحياة المدرسية،ومواكبة سيرورة التجديد التربوي الأكاديمي عن طريق إطلاق حركية دائمة في مجال البحث التربوي الأكاديمي . إن معهد الأستاذية مدخل أساسي لانخراط الاساتذة الباحثين في تنزيل ورش التكوين المستمر كرافعة أساسية في الرؤية الاستراتيجية (2015_2030)،خاصة في تعبئة قدرات منظومة التربية والتكوين في مجال البحث العلمي في ديداكتيك المواد،وتقوية الأثر الإيجابي على المتعلمين ولا سيما بتمكين الاساتذة المكونين (بفتح الواو)بمزيد من الانفتاح على اللغات الحية وتكنولوجيات الإعلام،والمستجدات العالمية للبحث العلمي. وبناء على ما سبق فإن أفق(معهد الأستاذية) الذي يشكل الأساتذة الباحثون حجر الزاوية فيه سيصبح واعدا بشكل أكبر إذا تم دمجه في إطار مقاربة متوازنة ومنتجة تمزج بين البحث العلمي وبين التكوين في مراكز مهن التربية والتكوين،ومراكز تكوين أطر منظومة التربية والتكوين. بقلم الدكتور امحمد امحور