دعا عضو المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف ومدير نشر موقع "العمق المغربي"، محمد لغروس، المجلس الأعلى للحسابات لافتحاص الأموال العمومية التي وجهت لقطاع الإعلام والصحافة في العشرية الأخيرة. وطالب لغروس، في مداخلة له خلال برنامج "بصيغة أخرى" على أمواج الإذاعة الجهوية لطنجة، بمناسبة اليوم الوطني للإعلام والاتصال، (طالب) المجلس الأعلى لحسابات بأن يضع تحت مشرحته المالية والافتحاصية حجم ومصير الأموال الموجهة للإعلام، سواء تعلق الأمر بالمقاولات الإعلامية أو جمعية الأعمال الاجتماعية أو النقابة الوطنية للصحافة المغربية أو حتى المؤسسات العمومية، بهدف تطوير القطاع. من جهة ثانية، جدد لغروس رفضه لقرار الحكومة القاضي بتمديد آجال المجلس الوطني للصحافة وعدم تنظيم الانتخابات في موعدها المقرر سلفا وتأجيلها ستة أشهر، مؤكدا أنه كان يأمل بأن يكون القطاع الإعلامي مثالا يحتذى به لباقي المجالات السياسية والحزبية، في احترام آجال تنظيم الانتخابات. وعبر عضو الفيدرالية المغربية لناشري الصحف عن رغبته في تنظيم انتخابات المجلس في موعدها المقرر بعد حوالي 4 أشهر من الآن دون تأجيل جديد لأن ذلك من شأنه أن يضر، على حد تعبيره، بالتنظيم الذاتي للمهنة، معتبرا أن جزء من النقاش تم تحويره عن مبتغاه الأصلي وإظهار المشهد الإعلامي منكبا على التهافت على مصالح مالية وتعويضات مالية شهرية. واستغرب لغروس من ربط إجراء الانتخابات في موعدها بتعديل مدونة الصحافة والنشر، مبرزا أنه مع تبقي 4 أشهر على الانتخابات لم يطلب رأي المهنيين في المواد التي تطرح نقاشا، مقرا بصعوبة تعديل المدونة في هذه المدة الوجيزة. إلى ذلك، أكد المتحدث ذاته أن المشهد الإعلامي بالمغرب يعاني من عدة جروح جديدة وأخرى تذكر بمناسبة أو بدونها، معتبرا أنه "ليس هنالك ما يفرح في المجال بشكل عام لتحويل اليوم الوطني للإعلام إلى احتفال". واستعرض مدير نشر موقع "العمق المغربي" ذاته مختلف التحديات والإشكاليات التي يعاني منها القطاع بالمغرب، من بينها هشاشة المقاولات الإعلامية لاعتبارات متعددة، مرتبطة، على حد قوله، بنموذج المقاولة، إضافة للإشكاليات المرتبطة بالنموذج الاقتصادي الذي تريده الدولة لهذا المجال. وأشار لغروس إلى أن هذا النموذج يطرح مجموعة من الإشكاليات خاصة المتعلقة منها بالإشهار ومحدودية الدعم التي لا تتجاوز، على حد قوله، 65 مليون درهم، رغم بعض الوعود بالرفع منه ل200 مليون درهم في السنة المقبلة. ولم يغفل المتحدث ذاته الدور الأساسي الذي لعبته الدولة في تقديم دعم استثنائي للمقاولات الإعلامية خلال جائحة كورونا، حيث شكل هذا الدعم، حسب لغروس، طوق نجاة لعدد من التجارب التي تم إنقاذها من شبح الإفلاس. وتطرق لغروس لإشكالية "تهريب الرأسمال الوطني" لما يسمى بمجموعة "غافا"، عبر لجوء شركات وطنية كبرى، بملايير الدولارات من الأرباح، لمواقع عالمية مثل "غوغل" و"فيسبوك" وغيرها، وحرمان المقاولات الإعلامية من الإعلانات المباشرة. واستنكر المتحدث ذاته ما يتعرض له المشهد الإعلامي من "خدش" في أخلاقيات المهنة، معتبرا أنه تحول عند البعض لممارسات "ممنهجة" وليس مجرد أخطاء غير مقصودة، إضافة لمشاكل أخرى كعدم تفعيل قانون الحق في الحصول على المعلومة فضلا عن الإشكاليات المرتبطة بحرية التعبير والرأي. وشدد لغروس على عدم إمكانية خدمة مصالح الوطن والمجتمع في ظل هشاشة المقاولات الإعلامية والتفكك الذي يعيشه القطاع، مؤكدا أن الحوار بوضوح ومسؤولية هو الحل الأنجع لتضميد شيء من الجروح التي أنهكت، على حد قوله، الجسم الإعلامي والصحافي. وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن سجل، في تقرير تشخيصي للقطاع سنة 2018، عدة ملاحظات تخص مسطرة منح الدعم العمومي للصحافة، منها صعوبة ترتيب المقاولات الصحفية وعدم مصداقية معيار حجم السحب وعدم وضوح معايير الإعانات التكميلية أو الاستثنائية ومعايير كلفة الإنتاج، واحتمال تقليص المستفيدين من دعم الصحافة المكتوبة، منتقدا معيار حجم السحب مع عدد النسخ المباعة. ونبه المجلس لاحتكار مجموعات كبرى لجزء كبير من الدعم على حساب المقاولات الصغرى والمتوسطة، مشيرا إلى أن "عملية المطابقة بين العناوين الصحفية المستفيدة من الدعم والمقاولات الصحفية الناشرة، كشف أن بعض المقاولات تراكم الدعم حسب عدد العناوين الصحفية، ففي سنة 2015، بلغت حصة الدعم الممنوحة لأربع شركات ما مجموعه 13,57 مليون درهم، أي 22٪ من مجموع إصدارات الدعم المباشر". كما كشف تقرير صادر عن المجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2015 و2016، أن "الأموال التي تقدمها الدولة للصحف لا تذهب بالأساس إلى تأهيل هذه المقاولات وإنما لصرفها في أمور تسيير محضة".