الوعي بالطابع الإقصائي والتمييزي لمصطلح الإسلامية والحزب الاسلامي وحتى مصطلح الحركة الاسلامية من احدى المراجعات المبكرة لدى حركة الاصلاح والتجديد والتوحيد والاصلاح وروافدها المختلفة. وبالمناسبة فهي مراجعة سابقة على الاحداث الارهابية لسنة 2003 التي استغلتها بعض الاطراف ذات التوجهات الاستئصالية لاختراع مصطلح المسؤولية المعنوية عن الارهاب وذهبيت بالبعض للتفكير في حل الحركة لولا قدر كبير من الرشد في مستويات متعددة من الدولة. نتذكر انه عند الحركة التصحيحية لسنة 1981 وبسبب الارتباك التنمظيمي والتصوري تم تأسيس تنظيم جديد باسم جديد هو " الجماعة الاسلامية " وفي ميثاق الحركة الجديدة تم تعريف الاطار الجديد بانه جماعة من المسلمين وليس جماعة المسلمين. ثم بعد ستوات قليلة راجعت الحركة آنذاك تعريفها تحت اسم "الجماعة الإسلامية" لما قد يفهم منه من ايحاءات طائفية او ما قد ينتج عنه من فهم خاطئ واحتكار للاسلام وما قد يتركه في ذهن المخاطب من غير الأعضاء أنه خارج " الجماعة الاسلامية " لانه ليس له انتماء لتنظيم بهذا الاسم؛ فقررت أن تسمي نفسها حركة الاصلاح والتجديد أي أن تعريف نفسها بوظيفتها الاصلاحية وليس بماهيتها الدينية وهو تحول تصوري ستتدترتب عليه ع تدابير تنظيمية واجرائية لتنزيله في الواقع . وبالنسبة لرابطة المسقبل الاسلامي فإن الاسلامية لم ترتبط بالتنظيم وانما بالمستقبل الاسلامي أي بالعمل في افق بناء مستقبل الامة والمحافظة عليها بناء على مرجعية الإسلام . أما داخل حزب العدالة والتنمية فقد برز مفهوم المرجعية الاسلامية كاجتهاد في البيان والتوضيح نتيجة لنقاش داخلي طويل وأيضا لنقاش أو حوار مع بعض المسؤولين في الدولة بعد احداث 16 ماي الارهابية . وانتهى هذا النقاش لمواصلة عمليات المراجعة الفكرية والتصورية من خلال التأكيد على المرجعية الاسلامية باعتبارها منطلقا فكريا وقيما وأخلاقيا وأفقا للنضال من أجل الوفاء للاختيارات التاريخية للأمة المغربية وكإطار جميع لمختلف مكونات المجتمع المغربي … يتسع ولا يضيق باهل الاختيارت الدينية الاخرى كما اتسعت له دوما الحضارة الاسلامية عامة والحضارة الاسلامية المغربية .. حيث تم التاكيد من جهة على أن الحزب حزب سياسي ولكنه ينطلق من الناحية الفكرية والقيمية من الاسلام … وهو ما كانت أدبيات حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية تؤكد عليه .. وقد كان للاستاذ عبد الله بها دور كبير في إبراز هذا المفهوم والتأكيد عليه .. لكن الراحل عبد الله بها عمل أيضا على ترجمة هذا المفهوم في سلوكه مع إخوانه وفي علاقته بهم ..بل في علاقته مع خثوم الحزب السياسيين .. وهو ما جعله موضع تقدير واحترام من قبل الجميع .. بل و تقدير وثقة في تقديراته .. فكان لطيفا أليفا مؤلفا جامعا مجمعا .. بل ومرجحا في الاجتهادات التي ظهرت الحاجة اليها في مواجهة عدد من الصعوبات او الازمات الداخلية او في مواجهة بعض الصعوبات والازمات مع المحيط السياسي . لم يكتف بها بالتاكيد على مفهوم المرجعية كحل نظري ومنظومة قيمية صابطة للعمل التنظيمي وللاداء الساسي ، بل إنه قد ترجمها في سلوكه فكان نموذجا في الكلمة الهادئة والقاصدة والحامعة وكان نموذجا في التأليف والكلمة الحسنة وكان نموذجا الاستماع والانصات فكان في المجالس آخر الناس كلاما وتدخلا في المجالس.. ولذلك لم تكن مسألة المرجعية طرحا نظريا أو طرحا سياسيا أوخطابا عاما بل كانت سلوكا بوميا وخلقا مصاحبا له في كلامه وصمته في حركته وسكونه .. لذلك لم يكن عبد الله موضوعا للخلاف والاختلاف أو سببا فيه أو سببا له او سببا في إشعاله 5و إذكائه اوالنفخ فيه .. فرحم الله عبد الله أحد من اقترح المرجعية مصطلحا ومفهوما و ترجمها ممارسة عملية ! رحم الله عبد الله بها وغفر له وتقبله في الصالحين المصلحين .. وجعله لنا قدوة في تلك الصفات الحسنة التي أشرنا إليها …