يخلد العالم اجمع اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من شهر ماي من كل سنة منذ تم ترسيمه من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1993، ويجري الاحتفال به هذه السنة تحت شعار "صحافة قابعة تحت حصار رقمي"، لتسليط الضوء على واقع حرية الصحافة ووضعية الصحافيين التي تعرف تراجعات وانحدارا كبيرا على المستوى الدولي والوطني. فحسب تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود عن حال الصحافة في سنة 2021، فالمسجل هو تزايد إجراءات تقييد حرية الصحافة، والاعتداء على حرية التعبير من خلال إجراءات تعسفية ترمي لتقييد العديد من المنابر الاعلامية، ومن جهة أخرى تشكل محاكمة الصحفيين واعتقالهم انتهاكا جسيما لحقوق وحريات الصحفيين. خاصة بالبلدان العربية، حيث ورد في ذات التقرير لمراسلون بلاحدود أن هذه الدول تأتي في المراتب الأخيرة من حيث القائمة فيما يتعلّق بحرية الصحافة. وبالعودة إلى واقع حرية الصحافة بالمغرب، فإن الذكرى تحل في ظل واقع قاتم لحرية الصحافة ببلادنا حيث يقبع صحفيون وراء القضبان ظلما وتعسفا، منهم سليمان الريسوني وعمر الراضي وتوفيق بوعشرين، وأيضا تأتي الذكرى على وقع محاكمة العديد من المدونيين والنشطاء الإعلاميين بسبب آرائهم ومواقفهم، ومتابعتهم بنصوص وفصول القانون الجنائي، في الوقت الذي بحث فيه حناجر الحقوقيين والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان مطالبة بوقف هذه المحاكمات، وحتى عند الضرورة من المفروض أن تتم المتابعات في إطار قانون الصحافة. إن ضمان حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير، لا يتوقف فقط على التنصيص عليها في الدستور وتشريعها في القوانين، بل لابد من امتلاك إرادة سياسية حقيقية تقطع مع عقلية الرأي الأوحد وتقر بتعددية الإعلام والصحافة المستقلة، مما يقتضي تحرير المجال الإعلامي دون تقييده مسبقا بأجندات الجهات التي تموله أو تستثمر فيه، بهدف الترويج للرأي الواحد وصناعة رأي عام مساند للسلطوية، يزين أفعالها ويغطي عن فشلها ويحارب من يعارضها بكل الأدوات تشويها وتشهيرا وتشويشا. إن بناء الدولة الوطنية القوية يقتضي وجود صحافة حرة ومستقلة تنبه وتوجه وتصحح وتنتقذ وتعبر بكل حرية عن مواقف المعارضين بكل جرأة ومسؤولية دون تسقيف للفضاء العام. * د. علي المغراوي. نائب رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان.