إذا كان يوم 8 مارس مناسبة للاحتفال بالبراعة والإبداع والعطاء.. الذي ما فتئت النساء تعبرن عنه، فإن وقفة تأملية مع روح هؤلاء النسوة المبدعات اللواتي غادرن إلى دار البقاء لتفرض نفسها بإلحاح. ففي شهر يناير الماضي، رحلت إلى دار البقاء، بشكل مفاجئ، المصورة الفوتوغرافية ليلى العلوي، ما خلف حزنا كبيرا لدى كل من يعرفها سواء داخل المغرب أو خارجه، والذين كانوا يقدرون عملها وكفاءتها. وكانت هذه الفتاة النشيطة والمنخرطة ضحية هجوم إرهابي بالعاصمة البوركينابية (واغادوغو) نفذه متطرفون، حيث أصيبت بعيار ناري فقدت على إثره كميات مهمة من الدم، مما عجل بوفاتها. وتنتمي ليلى العلوي لفئة الفنانات اللواتي انخرطن في سرد القصص وإعطاء الكلمة للحظات حياة نلاقيها يوميا دون أن نوليها العناية اللازمة. وتميزت الراحلة ليلى العلوي بسلسلتها "المغاربة" التي استلهمتها من "ذي أميركنز" لروبيرت فرانك و"إن ذي أميريكن ويست" لريشارد أفيدون. وسلسلة "المغاربة" هي عبارة عن سلسلة بورتريهات لمواطنين مغاربة تم إنجازها عبر استوديو متنقل. ويعتبر هذا المشروع، الذي لا يزال متواصلا، أرشيفا مرئيا للتقاليد والعوالم الجمالية المغربية التي توشك على الاندثار متأثرة بتداعيات العولمة. وكانت ليلى العلوي، التي ازدادت بباريس سنة 1982 من أم فرنسية وأب مغربي، قد تابعت دراستها الثانوية بمراكش، قبل أن تكمل دراساتها في علم الاجتماع والتصوير الوثائقي بجامعة نيويورك. وكانت الراحلة تعيش متنقلة بين مراكش وبيروت، وتركز عملها، بالأساس، على اكتشاف الهوية والتنوع الثقافي والهجرة. وتم عرض أعمالها بنيويورك ودبي وكذا بمعهد العالم العربي بباريس. وكانت ليلى العلوي سافرت إلى العاصمة البوركينابية (واغادوغو) لإنجاز مشروع في إطار روبورتاج لصالح منظمة العفو الدولية. ويعد هذا المشروع الذي يحمل عنوان "جسدي .. حقوقي"، حملة إخبارية حول الزواج المبكر ببوركينافاصو ومالي. وفي 30 نونبر الماضي، عاش الوسط الثقافي مرة أخرى حالة حداد، إثر وفاة الكاتبة والباحثة الاجتماعية فاطمة المرنيسي عن سن 75 سنة تاركة خلفها إرثا لا يقدر بثمن. وعرفت هذه المدافعة الشرسة عن القضية النسائية، التي رأت النور بمدينة فاس سنة 1940، بأعمالها في جهات العالم الأربع. فقد تطرقت بشجاعة إلى القضايا الصعبة للمجتمع كقضية المرأة والإسلام والحداثة. كما رحل عنا إلى دار البقاء سنة 2015، الوجه السينمائي والمسرحي البارز، الممثلة فاطمة بنمزيان التي لبت داعي ربها عن سن 71 سنة بعد صراع طويل مع المرض. وكانت بنمزيان انخرطت في سن مبكر في الإذاعة إلى جانب الفنان الشهير محمد حسن الجندي. وقد أبانت عن موهبتها خلال عقود عديدة بالإذاعة والتلفزة المغربية، لاسيما في مسلسلات من قبيل "العنترية" و"مدينة الكنوز" و"نهار الخميس" و"خالد ابن الوليد" و"ابن سينا".