من الصعب اليوم، أن تجد متعلما دون هاتف محمول في جيبه أوفي محفظته. هو عضو بيولوجي جديد ينضاف إلى أعضائه البيولوجية ككل، بل قد ينسى أهمية ووظائف أعضائه البيولوجية ولا يمكن له نسيان القبض على هاتفه المحمول/عضوه البيولوجي الجديد!. ماذا يفعل به؟. ولصالح من يشغله؟. أو ليس من الممكن القول إنه اليوم هو من يربيه ويصنع ذوقه وحلمه ومخياله؟. أو لا يستعمله اليوم في اتجاه معاكس ضد كل ما يتعلم في المدرسة والأسرة التي تخلت، وفي المجمل، بفعل ضغوط لقمة العيش عن التربية؟. نعتز أننا من صنع تربية أسرنا ومدارسنا ومدرسينا، والمحظوظ فينا من كان يملك تلفزيونًا يبدأ بثه على الساعة السادسة والنصف مساء وتنتهي برامجه على الساعة الحادية عشرة والنصف!. أجيال اليوم، أعناقها انتفخت من شدة الذوبان في مشاهدة هواتفهم المحمولة. المدرسة لا تملك غير لغة تطبيق القانون على المتعلمين في علاقتهم مع هواتفهم المحمولة وما يمكن أن يصوروا به. لا زلنا لم ننجح في تحويل هواتفهم الذكية لتطوير ذكائهم التربوي والثقافي والجمالي والإنساني، الخ، وجعلها في خدمة تعلمهم. لم ننجح في تحويل هذه الهواتف إلى وسائل ديداكتيكية تعلمية. نعم لم ننجح في تحويلها لأدوات ديداكتيكية نافعة جدا . نمنعه من استعماله في القسم مثلا أو في المدرسة ككل، دون تقديم بديل تربوي له. محتويات الهاتف متعددة فيها الصالح والطالح. المتعلم لا يتوجه الا نحو الطالح لانه، ممنوع، لكنه مرغوب فيه، بالنسبة إليه. الصورة، غير حاضرة في منظومتنا بالشكل الكافي والمؤدي إلى جعله يحب تصوير كل ما هو جميل وتقاسمه مع زملائه. بل إننا"ضحايا " غياب اشتغال المدرسة على الصورة وإحضار السينما فيها لنتعلم التفكير بها ولها وفيها. حينما لا يملك المتعلم مرجعيات تربوية تعلمية ثقافية قد تعلمها في مدرسته وعبر سنوات ، سيوجه هاتفه المحمول لتصوير القبح بحثًا عن "البوز"وبحثا عن شهرة غير تربوية ومهزوزة ومدمرة للقيم التي تسهر المدرسة على تمريرها. هواتف محمولة ذكية في جيوب متعلمين غير "ملقحين" تربويًا وجماليًا وثقافيًا وإنسانيًا ضد القبح والشر، سيجعلهم دومًا في وضع خطير قد يعرضهم، لا قدر الله، إلى "عقاب" قانوني مدمر لحياتهم الدراسية والأسرية. ماذا أصور كمتعلم ؟. كيف أجعل معيار التعلم في ترابط مع محتوياتي الدراسية وما هو قريب منها، معيار حقيقي لجعلي أستفيد من هذه التكنولوجيا المتدفقة اليوم مع محتويات لا حصر لها ؟. كيف من الممكن أن أخطو خطواتي الإبداعية الأولى بهاتفي المحمول هذا؟. أسئلة علينا أن نعلم طرحها للمتعلم. الهاتف المحمول في بناء التعلمات والاشتغال به وعليه ضمن ورشات تربوية وفي إطار حصص دراسية وليس فقط كأنشطة موازية خارجية، هو فعل تربوي لا مفر منه. بمعزل عن توظيف الهاتف المحمول كوسيلة للتعلم وفي أفق أنسنته ، سنبقى نلعب لعبة الفأر والقط، وهو ما يضيع زمنًا دراسيًا مهمًا للتعلم . تربية المتعلم على كيفية تشغيله لهاتفه المحمول، كجزء من بناء التعلمات والإبداع الأولي،الخ، هو اليوم مهمة جديدة على المدرسة أن تضيفها إلى وظائفها الجديدة المتعددة. عالم يتحول بسرعة دقيقة ووظائف مدرسة ثابتة منذ عشرات السنين !. السينما في المدرسة والتصالح مع ثقافة الصورة، مدخل مهم لإعطاء بعد تربوي وثقافي وإنساني وجمالي لهواتف المتعلمين كأعضاء بيولوجية جديدة في أجسامهم ووعيهم ولا وعيهم!.