أعلن المغرب، اليوم الأربعاء، عن تنصيب اللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما، كما أعلن عن إطلاق مباشرتها لمهامها. جاء ذلك في جلسة عرفت حضور كلا من وزير العدل، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، رئيس النيابة العامة، والي بنك المغرب، رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، إلى جانب ممثلي قطاعات حكومية وهيئات ومؤسسات أخرى. وتهدف عملية تنصيب اللجنة المذكورة، إلى تفادي تصنيف المغرب ضمن اللوائح الرمادية لمجموعة العمل المالي، مع ما قد ينتج عن ذلك من عواقب وخيمة بالنسبة للاقتصاد الوطني، خاصة بعدما تم منح المغرب درجة "غير ملتزم" أو "ملتزم جزئيا" في 28 توصية من أصل 40 توصية لمجموعة العمل المالي الدولية. يأتي ذلك بعدما كشفت عملية التقييم المتبادل في جولتها الثانية، للمنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من طرف مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عن مجموعة من أوجه القصور على المستوى التشريعي والتنظيمي، بحسب وزير العدل عبد اللطيف وهبي. وقال وهبي في كلمته خلال أشغال تنصيب اللجنة، إن أوجه القصور المسجلة جعلت المغرب ينخرط في مسلسل المتابعة المعززة من طرف مجموعة العمل المالي ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأشار الوزير إلى أن التعديل التشريعي والتنظيمي يبقى هو السبيل الوحيد للانتقال من مسلسل المتابعة المعززة إلى المتابعة العادية، وكذا تفادي تسجيل المغرب ضمن اللوائح الرمادية لمجموعة العمل المالي. وأضاف أن التزام المغرب بالمعايير الدولية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح نابع من انخراطه في المنظومة الدولية واحترامه للإطار المؤسساتي الدولي والإقليمي وبالإطار القانوني الدولي لمكافحة الجرائم ذات الصلة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح. وأفاد بأن المملكة تعمل جاهدة على ملاءمة منظومتها الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع التوصيات الأربعين لمجموعة العمل المالي والنتائج المباشرة الإحدى عشر، وذلك بهدف تدارك أوجه القصور، التقنية وتلك المتعلقة بجانب الفعالية، التي أثارتها تقارير المتابعة والمتابعة المعززة التي تخضع لها منظومتنا الوطنية منذ تقييمها الأول سنة 2007 من جهة، والالتزام بخطة العمل التي يتم اقتراحها من طرف مجموعة العمل المالي لتدارك أوجه القصور الاستراتيجية التي تعرفها المنظومة من جهة أخرى. واعتبر أن الجهود الوطنية المبذولة في هذا الإطار تهدف إلى تفادي إدراج المملكة في قائمة اللوائح السلبية لمجموعة العمل المالي، لما قد تكون له من تداعيات خطيرة على النظامين الاقتصادي والمالي الوطنيين، والتأثير السلبي على صورة بلادنا على المستوى الدولي وعلى إمكانية جلب الاستثمارات الخارجية وتطوير المعاملات مع الخارج وانتعاش بعض القطاعات الحيوية. ولفت إلى أن اللوائح السلبية التي تصدرها مجموعة العمل المالي تعتبر مرجعا دوليا في إطار تقييم المخاطر ذات الصلة بالدول الأعضاء، أو في إطار تطبيق التدابير المعززة تجاه الدول المدرجة في اللوائح من قبل المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي وباقي الدول. وتتولى مجموعة العمل المالي باعتبارها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بغسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، مهمة دراسة وإعداد وتطوير التقنيات والسياسات في هذا المجال، كما تتولى مهمة تتبع التقدم الذي أحرزته الدول الأعضاء في تنفيذ هذه التدابير. وفي هذا الصدد، كشف وهبي أن وزارة العدل بصفتها مشرفة على اللجنة، بادرت إلى مراسلة القطاعات المعنية لتعيين من يمثلها داخل اللجنة، كما بادرت إلى تخصيص قاعة لها بمقر مديرية الشؤون الجنائية والعفو، وإحداث موقع إلكتروني لها وأرضية للنظام الداخلي سيعرض على مكونات اللجنة للمصادقة، وكذا مشاريع قرارات لتسهيل عملها. وأبرز أن هذه اللجنة ستسهم في تعزيز وتقوية منظومة التصدي لتمويل الإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما، وتأكيد إرادة المملكة المغربية الصادقة في تجفيف منابع المال غير المشروع والالتزام بالمنظومة القانونية الدولية، وفق تعبيره. وفي هذا الإطار، يرى وهبي أنه من حيث المنهجية، تم تشكيل لجنة تتكون من ممثلي القطاعات الوزارية المعنية وسلطات إنفاذ القانون وسلطات الإشراف والمراقبة على القطاع البنكي والمالي بتنسيق من وزارة العدل. وأوضح أن هذه اللجنة قامت بصياغة مشروع القانون رقم 12.18 المغير والمتمم لمجموعة القانون الجنائي والقانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، والذي تمت المصادقة عليه بالإجماع. وتابع بأن اللجنة كانت واعية بضرورة الاقتصار على إدخال التعديلات الضرورية بهدف الملاءمة مع توصيات مجموعة العمل المالي والمعايير المتفرعة عنها، وتدارك أوجه القصور الرئيسية التي أثارها تقرير التقييم المتبادل. وبالفعل، يضيف وهبي، "فقد عمد القانون 12.18 على تتميم وتغيير بعض المقتضيات سواء في الشق الجنائي أو الشق الوقائي، لعل من أهم هذه التعديلات هو إحداث آلية لتطبيق العقوبات المالية المستهدفة تنفيذا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالإرهاب وتمويله بمقتضى المادة 32 منه، والذي يعد من الالتزامات الأساسية والاستراتيجية التي تنص عليها المعايير الدولية، وتؤثر بشكل مباشر على درجة تقييم الدول". وأشار المتحدث إلى أن ذلك جاء "بعدما كان المغرب يفتقد إلى ألية وطنية لتدبير الحالة المذكورة واتجه إلى سد القصور وفق مقاربات مختلفة ومتدرجة، تارة قضائية وتارة أخرى إدارية في شخص مؤسسة بنك المغرب أو وحدة معالجة المعلومات المالية حسب الحالة". وصرح بأن إحداث هذه اللجنة الوطنية يأتي في إطار احترام المغرب لالتزاماته الدولية وملاءمة منظومته مع المعايير الدولية، ولاسيما قرارات مجلس الأمن وتوصيات مجموعة العمل المالي، وخصوصاً التوصية رقم 6 و7 التي تنص على وجوب توفر الدول على الإجراءات والآليات الفعالة لتطبيق القرارات المذكورة وتنفيذ العقوبات ذات الصلة. وتلزم هذه المعايير كل الدول بضرورة تحديد سلطة مختصة تتولى مسؤولية تقديم اقتراحات إلى اللجنة المنشأة عملاً بالقرار 1267؛ وتقديم اقتراحات الإدراج إلى اللجنة المنشأة عملا بالقرار 1373؛ إلى جانب تقديم اقتراحات إلى اللجنة المنشأة عملاً بالقرار 1988 و1989؛ كما تُلزم هذه المعايير الدول بالسهر على تطبيق العقوبات المالية المستهدفة دون تأخير على الأشخاص والهيئات المصنفة من قبل مجلس الأمن، وتجميد الأموال أو الأصول الأخرى الخاصة بالأشخاص والهيئات المدرجة في لوائح مجلس الأمن ذات الصلة أو في اللائحة الوطنية التي يتعين أن تتضمن أسماء الأشخاص والهيئات التي لها صلة بالإرهاب وتمويله، والتي تقرر الدولة إدراجها أو بناء على قبول طلب إدراج من دولة أجنبية. وشدد وهبي على إحداث هذه اللجنة، جاء استجابة لتوصية صادرة عن المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن والرامية إلى اعتماد آلية قانونية لتنفيذ القرارات وذلك طبقا للتوصية رقم 6 لمجموعة العمل المالي وللنتيجتين المباشرتين 10 و11. وكان المجلس الحكومي قد صادق على المرسوم رقم 2.21.484 يقضي بتحديد تأليف اللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بالإرهاب وانتشار التسلح، وتمويلهما وكيفية اشتغالها. وتضمن هذا المرسوم إسناد رئاسة اللجنة الى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، والتنصيص على تأليف اللجنة وفق تمثيلية متنوعة تضم العديد من القطاعات الحكومية والهيئات والمؤسسات العمومية المعنية؛ كما نص على تحديد كيفية اشتغال اللجنة سواء تعلق الامر بعقد الاجتماعات أو الدعوة لها، وكذا كيفية التصويت والمشاركة في المداولات، وكيفية نشر وتبليغ القرارات الصادرة عنها، إلى جانب تحديد طريقة مسك وضبط وحفظ ملفات اللجنة وتقاريرها.