لثروات الطبيعية بالصحراء ملف قانوني وسياسي هام، عكفت البوليساريو على محاولات حثيثة لتوظيفه لأجل التضييق على المغرب، حيث رفعت شكايات بزبناء المكتب الشريف للفوسفاط الذي يستغل منجم فوسبوكراع في الصحراء، وأطرت بعض المتضامنين الأجانب معها لأجل منع استيراد دول أوروبية لمنتجات الصحراء البحرية الفلاحية، كما أسست هيئات سياسية وقانونية لمتابعة الملف في تيندوف- جنوب غرب الجزائر، وفي الخارج أيضا. جهود لم تكلل بالنجاح عقب رفض معظم شكاوي البوليساريو القضائية ذات الطابع الدولي، وتعذر تنفيذ حكم وحيد صدر لصالحها في محاكم جنوب افريقيا التي تعد أبرز الداعمين لها، في حين تعكف الحكومات والشركات الراغبة في التعامل مع المغرب، على إيجاد الطرق القانونية التي تشرع تعاملاتها رغم تسعي البوليساريو لمنعهم. غير أن البوليساريو نفسها قد ساهمت في التأكيد على شرعية استغلال الثروات الطبيعية في المناطق الخاضعة للمغرب، بعد أن قامت بتوقيع اتفاقيات عقود تنقيب عن النفط والمعادن مع مجموعة من الشركات الأجنبية في ماي سنة 2005، حيث سعت من خلال تلك الخطوة التصعيدية إلى توريط الدول الحاضنة لتلك الشركات في دعم موقفها إزاء النزاع، لكن الشركات الموقعة معها سرعان ما تنصلت من تجديد عقود التنقيب الموقعة مع الجبهة، في ما فضل بعضها التعامل مع المغرب مباشرة أو بيع الدراسات التي أنجزتها لشركات تتعامل معه. اللافت مؤخرا، أن البوليساريو نفسها باتت تطبع مع استخراج الثروات الطبيعية في مناطق شرق الحزام، وأن بطرق غير قانونية، حيث تعمل منذ سنوات على السماح للمنقبين عن الذهب بطرق بدائية في بعض المناجم غير المرخصة بالصحراء، في محاولة للتنفيس عن الواقع الإجتماعي المتأزم في مخيمات تيندوف – جنوب غرب الجزائر، التي تسيرها الجبهة، في ظل انعدام فرص التشغيل فيها، بسبب السياسات الرامية لمكافحة التهريب العابر للحدود التي ضيقت على معاش اللاجئين بتيندوف، والتي انتهجتها بلدان المنطقة المنضوية في عديد التفاهمات الدولية حول مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. تسيب بمناطق شرق الجدار، جذب ممتهني التنقيب غير القانوني من مخيمات تيندوف ومن بلدان المنطقة الأخرى، لكنه أثار هواجس الأمين العام الأممي أنطونيوا غوتيريس الذي يؤشر في تقاريره حول الصحراء على ارتفاع المخاطر الأمنية في مناطق شرق الجدار، كما دفع بالمغرب سابقا عبر خطاب ملكي إلى الإعلان عن رفضه لأي شكل من أشكال نهب الثراوات الطبيعية في المناطق العازلة، معتبرا أن التصرف في تلك الثروات شأن سيادي مغربي. يبقى الأهم بالنسبة للساكنة أن ينعكس تشريع استخراج الثروات الطبيعية بالإقليم على وضعهم الإجتماعي وأن يفتح المجال لتحسين الأوضاع الاقتصادية في المنطقة عبر زيادة فرص الاستثمار والتشغيل التي سيتيحها، إضافة إلى الرفع من الموازنات العمومية المخصصة للجهات والأقاليم الجنوبية. في ظل عديد التقارير التي تتحدث عن الإشكالات التنموية التي تشهدها المنطقة، في مقدمة هذه التقارير تلك الصادرة عن المجلس الإقتصادي الإجتماعي البيئي، واللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق حول أحداث كديم إيزيك، بالإضافة إلى تقرير معهد ماكينزي حول الإقليم، حيث أحالت جميعها على ضرورة القطع مع اقتصاد الريع. معطيات ستكرس أيضا أهمية مشاركة ساكنة الإقليم في العملية السياسية، وتعزز أيضا فرص التوصل إلى الحل السياسي المنشود لإنهاء نزاع عمر أكثر من اللازم، ويسمح للبوليساريو هي الأخرى بالانخراط في تسيير الأن المحلي، وفي و تدبير ثرواته الطبيعية، الى جانب بقية الفاعلين السياسيين المحليين.