الحب هو صيرورة الحياة بين الأحياء من جنسين متقابلين، كما في الحياة البشرية، وغيرها، إذ الأجناس على بعضها تقع، كما في النظام الكوني، من النظام الشمسي والنظام الفضائي، اللذين يوفران الحياة من النبات والحيوان والانسان، من مدارهما حول نفسهما من بعضهما . الحياة البشرية : تبدأ الحياة البشرية من مهد الصبا، في التدرج من النضج العقلي وتدبير الحياة من التجارب العمرية، التي تعيشها الانسانية أفرادا وجماعات . وتبدأ ملامح الحب عند الانسان مع سن البلوغ، حيث يصبح ملزما بالتكاليف من أعباء الحياة العامة، وهي الفترة العمرية التي تنزع في الفرد التحرر، من قيد الوصاية المحروسة نحو الحرية، التي يجدها مع القرين الآخر، الذي ينشد معه الحياة . ومن تمة ينشا الحب بين طرفين اثنين متكاملين، يبدأ بالفطرة وغريزة الحياة البشرية، ويؤسس على العقل، الذي يبني الحياة المشتركة، التي تخرج الانسان من أنانية الفردانية المنعزلة، إلى دائرة الاجتماع . الحب من المنظور الأدبي : اهتمت اللغة في نصوصها وخاصة الشعرية، بجانب الحب كما في حياة العرب بجانب الاسرة، التي يحكمها البيت قبل الفضاء العام، والذي كان له الأثر المتميز على أدبهم، الذي عرف أدبيا بالحب العذري، وهو الحب البعيد عن الدنس الذاتي، إذ ينبني على أدب في المعاملة، من رقة النفس وحسن التعبير باللغة التي تطرب النفس وتنعش الجسم وتحفز العقل من المتكلم والمخاطب في جانب الرجل أو المرأة، تعبيرا عن إعجاب وافتتان، من طرف نحو آخر، يقدم المثل التاريخي للأجيال الحية . وعرف ذلك الأدب بالمناظرة والمغازلة الشعرية، التي تجمع من الحب طرفين ودودين، يعشقان بعضهما لعقود، قد لا تتعدى مرحلة الشبيبة، التي غالبا ما تقع في شراك الحب وهو الطعم الحلو من الحياة، الذي يسجل بمداد من الأدب . وهذا الحب قد يكون عذريا، كما في حياة العذارى من فترة ما قبل الزواج، وقد يكون زوجيا من منظور فقهي، كما في حياة المغازلة الزوجية من بيت الخلوة . الحب من منظور عام : ارتبط هذا النوع من الحياة، حين خروج حياة الفرد من قيد الاسرة، للاندماج مع الوسط الاجتماعي، الذي ينفتح على الحياة الجديدة، التي جاءت من منظور عام، فيه حق الشغل للرجل والمرأة، وطلب العلم الذي أصبح تحكمه السواسية بالمؤسسة في المعاملة الاجتماعية، وخيار الارتباط والشراكة في الحياة، الذي تطور من الوصاية الأهلية، إلى الخصوصيات الشخصية كتعبير رضائي من الفرد، والذي أضحى اجتماعيا مستقلا وسط الحياة الاسرية الانتقالية، في عمله وإعالة نفسه وبناء عش بيته، الذي يؤهله للحياة الاجتماعية . ومن هذا المنظور رفع الحجاب عن المرأة من البيت ومن الشارع العام، وأصبحت المرأة تطلب العمل والشغل، من خارج البيت إسوة بالرجل . ومن هذا السياق الاجتماعي أصبحت الحياة العامة تخطوا بالقدمين، وتتعاضد أسريا من الطرفين، غير أن الاختلاط العام من الساحة الاجتماعية، جاء بعلاقات جديدة من الحب، خرجت من أدبيات العقل كما في الأدب الانساني، إلى أدبيات السلوك كما في ساحة المجتمع . ومن هاته العلاقة الانسانية، ظهر في أوساط الشبيبة المقبلة على الحياة الكريمة، حب الشارع الذي يجمع طرفي الناشئة في حوارات عذبة، ترخي ظلال النفس على حرارتها، وتطور المنظوم الشعري من الأدب العذري، إلى منثور فني من الرسائل الغرامية، متبادلة بين طرفي المحاورة الثنائية . وقد خلق هذا الجو الشبابي في الحياة الاجتماعية، أناقة في المظهر، وزينة من الرؤية، ولباقة لفظية من المحاورة، تقرب طرفي الشبيبة من بعضهما، كما ينشدان الحياة المفعمة بالحب بينهما . معاناة الشبيبة من العذرية : يمكن إرجاع هاته المعاناة الاجتماعية، من الوجهة القانونية إلى مراجعة قواعد قانون الاسرة، وخيار الفرد من المرحلة العمرية مع جيله من الفئة الاجتماعية، بالانسلال نحو سلبيات من المرحلة العمرية على الشبيبة، ووقوع كثير من الشبيبة ضحايا لانعكاسات ذلك الحب على حياتهم بالعذرية، التي أفقدتهم هوية الاندماج في بناء الاسرة المجتمعية من محيطهم الاجتماعي، مما جعل المرأة المثقفة بعد نضجها، تنخرط في حملة اجتماعية ضد التحرش، التي تعتبر ضحيته الأولى، والذي أفقدها بوصلتها كنواة نشيطة بالحياة الانجابية من خلية الاسرة . وهكذا تجد معاناة الشبيبة من الحياة العامة، منهم من يرجعها إلى قيود الاسرة التي تقف دون إبداء الزينة، من الرؤية بالشارع العام، ومنهم من يرجعها إلى تفسخ الحياة الفردية والانزلاقات الشخصية، التي تجاوزت بالحرية من النفس حدود الذات، والتي تدفع الى العزلة نحو الحياة العقيمة، والانكماش عن الانخراط في الحياة الاسرية والاجتماعية، لأسباب مهنية أو دوافع شخصية، تحبذ الخيار المادي عن الخيار الاجتماعي .