في وقت تقوم فيه الجزائر بعملية التصعيد ضد المغرب على كافة المستويات، وتجند فيه وسائل الإعلام الرسمية وغيرها للهجوم على المغرب وعلى رموزه، اختار المغرب الاتجاه المعاكس ليخاطب الجزائر كدولة جارة تربطها بالمغرب الجغرافية والتاريخ والإرث الحضاري المشترك ، عكس كل التوقعات التي كانت تراهن على أن المغرب سيقوم بنفس التصعيد ضد الجزائر ، ولكن في الحقيقية هو تصعيد من نوع آخر ، تصعيد لبناء جسر جديد لأجيال جديدة قادمة ستواجه تحديات كبيرة، في عالم متنافس لا يرحم، ومحيط يعاني من الحرمان والفقر وقلة التنمية، لقد بات واضحا أن السنوات المقبلة سيعرف فيها العالم صراعا جيوسياسيا وحروبا إليكترونية قادمة، إن المغرب والجزائر كما عبر عن ذلك جلالة الملك بلدان توأمان، وهو تعبير قوي، لأن التوأمان لا يخرجان إلا من رحم واحد، إن خطاب العرش لهذه السنة يعتبر مفاجأ للجميع بما فيها الجزائر، وتمكن هذه المفاجأة فيما يلي؛ -أختار الخطاب الملكي تغليب منطق الحكمة والتبصر وإستشراف المستقبل قال تعالى (ومن يؤتي الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا)،خطاب جلالة الملك الجزائر منفردة بدون ذكر تفاصيل الخلاف، وكأن التاريخ والجغرافية للدولتين إستبقا معا الأحداث بكل هدوء، في عملية تركت الجميع يبحث عن الأحداث وكأنها غير قائمة، -الخطاب طالب الجزائر ببناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار، وهي فرصة للجزائر لن تجد مثلها أبدًا لحل أزمتها الداخلية، كما أن عقيدة توحيد الجزائر يكمن ضد مواجهة المغرب أصبحت متجاوزة بقناعة من داخل النظام الجزائر، كما أن هناك قناعة تامة بأن الجزائر لن تتمكن من الخروج من أزماتها إلا بتعاون تام مع المغرب بدل التنافس المضر لجميع الأطراف، -الخطاب أكد بأن الوضع الحالي للعلاقات بين البلدين لايرضي أحدًا، مع إشارة مهمة في الخطاب، أن العديد من الدول غير راضية عن هذا الوضع، وهنا يمكن نسجل بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أول هذه الدول، لأن هذا الوضع القائم بين المغرب والجزائر لايساعد المغرب ولا الجزائر على القيام بدورهما الإقليمي والإفريقي، -أن المغرب ليس من مصلحته أن تكون الجزائر دولة فاشلة كدولة جارة، لأن هذا سيكلف المغرب أضرارا كثيرة، خصوصا وأن المغرب والجزائر تجمعهما حدود جغرافية أكثر من 1500 كلم مربع، فأي مشكل يقع في الجزائر ستكون هناك هجرة جماعية من الجزائر للمغرب، كما يقع في بلدان الشرق الأوسط، ويبدو أن المغرب أراد أن سياعد الجزائر ويخرجها من أزمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخصوصا وأن هناك موجة جديدة من الإضطرابات بدأت تظهر في كل من تونس وليبيا، وعلى الجزائر إستعاب رسالة المغرب بسرعة وعدم تفويت الفرصة لصالحها، -أن تأكيد الخطاب الملكي على الجزائر وتجاهل دول الجوار الأخرى مثل إسبانيا، هي رسالة غير مباشرة لإسبانيا التي تلعب بالعلاقات الإسبانية الجزائرية ضد المغرب وتفويت الفرصة على الأحزاب الإسبانية المتطرفة المعادية للمغرب، وإعطاء تصنيف تراتبي جديد لسياسة الجوار بالنسبة للمغرب، -أن مضمون الخطاب سيقطع على كل المتربصين من خارج المنطقة للنيل من المغرب وغيره من دول المغرب العربي التي تم إختراقها من كل القوى الإنتهازية التي تريد أن تعبث بخيرات هذه البلدان، وبأمنها وإستقرارها، مثل إيران وغيرها، أن الخطاب الملكي ذكر كلمة التاريخ أكثر من مرة، ليعبر بالأحداث إلى تسجيل مبادرة جلالة الملك التاريخية في العلاقات بين المغرب والجزائر ، ويتحدث عنها الباحثون والمؤرخون من كلا البلدين، في دراساتهم وأبحاثهم، وحسب الأصداء الأولية فإن الخطاب الملكي وجد صدى قويا لدى فئات واسعة الشعب الجزائري الشقيق،