منذ تأسيس إسرائيل سنة 1948 وعينها على افريقيا، لأنها تدرك عمق الروابط بين افريقيا والدول العربية كما انها تريد أن تخرج من عزلتها الجيوستراتيجية التي تعيش فيها ضمن وسط عربي معادي لها . إسرائيل تمكنت في الفترة الأخيرة، من تحسين علاقاتها بالدول الإفريقية بعد فترة جفاء، بداية من تشاد بوابة الجنوب الإفريقي كما انها قامت بجهود مضنية في العقود الماضية لتوطيد العلاقة والتغلغل في داخل القارة الأفريقية، وهذا ما يفسر الزيارات المكوكية لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو والمسؤولين الإسرائيليين للعديد من الدول الإفريقية إضافة إلى تحسين العلاقات الاقتصادية التجارية مع كثير من الدول الافريقية. وبعد 19 عاما من إحباط محاولاتها، الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي الذي تاسس قي 9 يوليو 2002، ، أعلنت إسرائيل رسميا، انضمامها بصفة عضو مراقب إلى التكتل الإفريقي، البالغ عدد أعضائه 55 دولة. حيث أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الخميس الماضي ، انضمام إسرائيل بصفة عضو مراقب، إلى الاتحاد الإفريقي، مؤكدة أن تل أبيب تتمتع بعلاقات مع 46 دولة في إفريقيا، ولديها شراكات واسعة النطاق وتعاون مشترك، في المجالات المختلفة، بما في ذلك التجارة والمساعدات. وسبق لإسرائيل أن حصلت على صفة مراقب في منظمة الوحدة الإفريقية، إلا أنه بعد حل منظمة الوحدة عام 2002، واستبدالها بالاتحاد الإفريقي، جرى إحباط محاولاتها لاستعادة هذه الصفة بسب أن مبادئ الاتحاد الافريقي تمنع أن دولة احتلال تكون عضوا مراقبا به، وتلك المبادئ تقوم على التعاون وتسوية المنازعات بطرق سلمية، وعدم اللجوء إلى القوة المسلحة فى تسوية النزاع، وأن تكون دولة محبة للسلام، ومتعاونة ومحترمة للمواثيق الدولية، لذا فوجود إسرائيل كعضو مراقب فى الاتحاد يخرق مبادئ الاتحاد ويخالفها. وتتمتع فلسطين ايضا بصفة عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي، حيث منح الاتحاد الإفريقي عام 2013 للسلطة الفلسطينية مكانة مراقب، تعبيرا عن دعمه للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية وغالبا ما كان الاتحاد الافريقي يدين الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وهو ما كان يشكل مصدر إزعاج لإسرائيل . صفة مراقب هي امتياز تمنحه بعض المنظمات، لغير أعضائها لمنحهم القدرة على المشاركة في أنشطتها، وغالبا ما تُمنح صفة المراقب، من المنظمات الحكومية الدولية، للأطراف غير الأعضاء والمنظمات الدولية غير الحكومية، التي لها مصلحة في أنشطة المنظمات الحكومية الدولية. المراقبون الذين يحصلون على هذه الصفة، يتمتعون بإمكانية المشاركة في المنظمات الحكومية الدولية، ويفتقرون إلى القدرة على التصويت . يقلل البعض من أهمية وضعية "العضو المراقب" في المنظمات الدولية المختلفة لاسيما وإنه لا يضمن للدولة المراقب حق التصويت على القرارات الصادرة عن تلك المنظمات. بيد أن صفة المراقب في منظمة الاتحاد الافريقي تترتب عليها مجموعة من التداعيات أو النتائج التي تصب في صالح إسرائيل ، ويتضح ذلك على عدة اصعدة: فعلى المستوى التنظيمي يحق للدولة المراقب أن تقدم المقترحات والتعديلات وأن تشارك في المناقشات التي يشهدها الاتحاد، كما يحق لها أن تطلب الانضمام للكثير من الاتفاقيات العالمية التي يعد الاتحاد طرفا فيها. وتتعدد من ثم المكاسب التى سوف تعود على إسرائيل بعد انضمامها للاتحاد الأفريقى، بفضل تواجدها وإطلاعها على كافة المعلومات التى تخص المنظمات التابعة للاتحاد الافريقي مثل الجمعية العامة للاتحاد الافريقي واللجان المتخصصة ومحكمة العدل الافريقية. على مستوى التغيير الاستراتيجي في مركز إسرائيل على الصعيد الدولي، فمن بين المزايا التي ستحصل عليها تل أبيب جراء صفة المراقب بالاتحاد هو الاستفادة من كتلة التصويت الإفريقية الضخمة التي تضم 54 دولة في المحافل الدولية لتأييد القرارات التي في مصلحة إسرائيل، لاسيما في الجمعية العامة للأمم المتحدة وغيرها من المحافل التي لا تتمتع فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية، الحليف والراعي الأول لإسرائيل، بحق النقض/الفيتو. على مستوى التداعيات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، يطالب الاتحاد الافريقي إسرائيل في كل قمة يعقدها بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967، فضلا عن أن الاتحاد الافريقي معروف عنه مواقفه الثابتة في دعم إقامة الدولة الفلسطينية، ويدين باستمرار الاستيطان الإسرائيلي. ويرى البعض أن تمتع فلسطين بوضعية الدولة المراقب بالاتحاد الافريقي يجعل إسرائيل ترى أن هناك حاجة ملحة لإيصال صوتها خلال اجتماعات الاتحاد الأفريقي، لتحدث حالة من التوازن بين الطرح الفلسطيني و الطرح الإسرائيلي. على مستوى التداعيات الاقتصادية على الرغم من كثافة الوجود الإسرائيلي الاقتصادي في القارة السمراء في الوقت الحالي، إلا أن وجودها بصفة مراقب في الاتحاد الافريقي يتيح لها العديد من القنوات الشرعية و الكثير من المنظمات التي تهتم بموارد القارة السمراء مثل السوق المشتركة لإفريقيا الشرقية والغربية، المجتمع الاقتصادي لوسط افريقيا، تجمع دول الساحل والصحراء، وهي منظمات تتحكم وفق بعض التقديرات في 30% من موارد افريقيا، وهو ما يجعل وجود إسرائيل في الاتحاد الافريقي له مكاسب اقتصادية مباشرة بالنسبة لتل أبيب. في السياق ذاته يكون بمقدور إسرائيل عقد بعض الاتفاقيات الاقتصادية بتسهيلات يوفرها الاتحاد للدول التي تنضوي تحت لوائه بشكل أو آخر. أخيرا لا يمكن إغفال التداعيات ذات الأبعاد الاستراتيجية التي ترتبط بشكل مباشر بملف مياه نهر النيل، والذي يشهد خلافات متصاعدة بين دول المنطقة بسبب اتفاقية عنتيبي التي تهدد الحقوق التاريخية لدولتي المصب، مصر والسودان، في مياه النيل، فضلا عن قضية سد الألفية/النهضة الإثيوبي. ويمكن القول إن حضور إسرائيل لاجتماعات الاتحاد الافريقي بصفتها مراقب سيكون له تأثيرات مباشرة على هذه الملفات لدى مناقشتها، إذ سيسمح ذلك لإسرائيل بالتأثير على قرارات الاتحاد وأصوات الدول الاعضاء.