منذ زمان و الآمال معقودة على انطلاقة حقيقية للسياحة المغربية عبر طلب داخلي و خارجي قويين. اغدقت الدولة على هذا القطاع منذ عشرات السنين و أنشأت معاهد للفندقة و استثمرت في بناء مؤسسات فندقية و قدمت حوافز للقطاع الخاص و للمستثمرين الأجانب. صحيح أن مداخيل الأسفار أصبحت مصدرا للمداخيل بالعملات الأجنبية و ساهمت في تخفيف عجوزات الميزان الجاري لميزان الاداءات و صحيح أيضا أن للمغرب بنيات سياحية و قدرة استيعابية في مجال الفنادق و دور الضيافة تؤهله لتسجيل أرقام جيدة في السوق العالمية للسياحة. آخر مخطط للسياحة وضع هدف إستقبال ما يفوق 10 ملايين سائح في أول مخطط سياحي ( المغرب الأزوري )ولم يتم بلوغ الأهداف وتمت صياغة منظور آخر يستهدف تطوير القطاع في أفق سنة 2020. و ركز المخطط الجديد على إستكمال أهداف مخطط 2010 و ارتفع سقف الخطاب و لم يتمكن من إنجاز ما يهدف إليه و أقيل الوزير و استثمرت الوتيرة العادية الى أن حلت الجاءحة. و نرجع إلى التبريرات المتعلقة بسوء التحولات التي يعرفها المحيط الخارجي و لا نعطي ما يلزم من إجراءات تهم إصلاح التدبير العمومي لهذا القطاع. و ظل شعار تشجيع السياحة الداخلية شعارا لا يجد أي صدى و لا يحقق أي نتائج. الفندق مهما كان نسبة ملءه ضعيفة يظل عصيا على القدرات الشرائية للأسر ذات الدخل المتوسط العالي. و في ظل هذا الوضع يشتكي المستثمر و منتج الخدمات الفندقية و مسيرو الفنادق و من يحاول الولوج إلى الفندق بإمكانيات مالية كتلك التي تتوفر للساءح الأجنبي الذي يتمتع بقدرة وكالات الأسفار على تمكينة من أسعار رخيصة. و لا يجد المغربي جوابا على غلاء تكلفة قضاء عطلته غير ضعف هيكلة وكالات الأسفار المغربية و عدم قدرتها على منافسة نظيراتها الأجنبية في مجال حجم الطلب السياحي. و حتى خلال أزمة كورونا و رغم تراجع الخدمات بالفنادق المصنفة ظل السعر مرتفعا . ولا زال السؤال مطروحا حول السبل الكفيلة بدعم الطلب الداخلي على الخدمات السياحية و ستظل الأسر تبحث على التكلفة المناسبة لقضاء العطلة في الوقت الذي تباع فيه الخدمات الفندقية للأجانب باثمان زهيدة. صحيح أن قطاع السياحة خسر بفعل الجاءحة أكثر من 67% على مستوى مداخيل الأسفار ( حتى نهاية يناير الماضي) و أكثر من 68% على مستوى مداخيل النقل الجوي و البحري، و لكن هذه الخساءر لا يجب أن تغطي على ضعف مساهمة هذا القطاع في بنية الناتج المحلي الإجمالي و الذي لا يتجاوز 7،5%من هذا الناتج أي ما يقل عن حوالي 80 مليار درهم سجلت قبل أن تظهر آثار الكوفيد و هو ما لا يزيد عن 7% من مكونات إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. و لعل الجميع يقر بأن رأسمال المغرب السياحي كفيل بأن يؤدي إلى نتائج كبيرة على الإقتصاد بكافة فروعه وخصوصا على التشغيل و استهلاك المنتوج المغربي الداخلي و على نمو الطلب الداخلي على الخدمات السياحية. وفي إنتظار أن يتم تحقيق حلم الكثيرين ،سننتظر ولوج الطبقة الوسطى إلى الفنادق و سننتظر تكون طلب داخلي مستدام على الخدمات السياحية و سننتظر مواكبة حقيقية للمهن التي تسهم في رقي العرض السياحي كالمرشدين و الممونين و المنشطين الثقافيين و رواد المشهد الثقافي و غيرهم من جنود تطوير العرض السياحي ببلادنا. لقد خصصت جزءا من مدخولي لعطلة في بلادي و أتمنى أن تكفيني لأداء فاتورة فندق و مطعم و تنقل وكفى. و قد اكتفت لجنة النموذج التنموي الجديد في عرضها على ما دأبت على عرضه لجان قبلها و لم تأت بجديد في هذا المجال ( من الصفحة 85 المربع 12، ما بع. أزمة الكوفيد: عهد جديد لقطاع السياحة).