وجّهت مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة بخصوص حصيلتها في قطاع السياحة بسبب غياب المناظرات الوطنية وضعف الدينامية لمواكبته. وقالت بنصالح، في كلمة ألقتها في المنتدى الدولي للسياحة بالرباط، إن "المغرب يجذب 11 مليون سائح اليوم، وبات منذ 2013 أول وجهة سياحية في أفريقيا، لكن منذ 2010 لم يحقق تقدماً في هذا الصدد ودخل مرحلة جمود، لأن السياحة تُعاني من عدة تناقضات"، بتعبيرها. وأضافت: "جذبنا ستة ملايين سائح جديد في ظرف 15 سنة، لكن هل هؤلاء يلجؤون إلى المؤسسات الفندقية المصنفة؟ كما أننا سجلنا تراجعاً منذ سنة 2010 في السياح الفرنسيين والإسبانيين، وهي أسواق رئيسية بالنسبة للسياحة المغربية". وأشارت بنصالح، في اللقاء المُنظم من طرف مجلس التنمية والتضامن، إلى أن مُعدل نسبة ملء الفنادق في المغرب تراجع إلى 40 في المائة، بعدما كانت النسبة تناهز 52 في المائة سنة 2000 بفضل السياحة الداخلية. بنصالح، التي تستعد لمغادرة رئاسة الباطرونا، أشارت إلى أن تناقضات السياحة المغربية تبرز من خلال "تميز مراكش بقدرة مفرطة في الطاقة الاستيعابية تصل إلى 71000 سرير فندقي، في حين لا تستطيع مدينة الدارالبيضاء احتضان مؤتمر يحضره 5000 شخص في حاجة إلى الإيواء في فنادق مصنفة". كما أشارت إلى المغرب يتوفر على ربط جوي مع 63 دولة و112 مطاراً، لكن وجهات مثل ورززات ما زالت منسية، إضافة إلى مواصلة الحكومة لتعزيز الجولات السياحية في الوقت الذي تحول فيه الطلب إلى "City break"، أي السياحة قصيرة المدى، وقالت إنه يجب على المغرب إعادة النظر في نموذج أعمال قطاع السياحة من خلال تكييف العرض مع الطلب. ونبهت رئيسة الباطرونا إلى أن الطلب السياحي توجه نحو مؤسسات فندقية سياحية بديلة، مثل دور الضيافة والإقامات الفندقية وخدمات الموقع الأميركي "آير بي إن بي" الذي يتيح لأي مواطن أن يعرض غرفة أو منزلاً للإيواء. ولفتت إلى أن المغرب أصبحت يستقبل 100 ألف سائح صيني، لكن القطاع السياحي المغربي لا يقدم أي منتجات وخدمات سياحية متلائمة مع خصوصيات ومتطلبات السياحة الصينية، واعتبرت أن هذه الأمور تجعل الصناعة السياحية تعاني من هشاشة هيكلية. وشددت على أن السياحة في حاجة إلى حكامة جيدة وإشراك حقيقي للحكومة، لأن القطاع يشغل 500 ألف شخص، كما انتقدت أيضاً انعقاد المجلس الاستراتيجي للسياحة لمرة واحدة خلال ست سنوات، إضافة إلى عدم قيام المجالس الجهوية للسياحة بدورها الأساسي. وأشارت بنصالح، في اللقاء الذي حضره وزراء من الحكومة، إلى أن مخططات التنمية الجهوية لقطاع السياحة لم يتم تفعيلها، ناهيك عن الصراع الداخلي الذي تعرفه المنظمات التي تمثل المهنيين في قطاع السياحة. ويسعى منتدى التنمية والتضامن، من خلال هذا المنتدى الدولي، إلى إشراك مختلف المتدخلين بهدف وضع استراتيجية للنهوض بالسياحة وفق مقاربة تشاركية عمودية وأفقية، لتحقيق رؤية 2020 الساعية إلى تموقع المملكة بين أكبر عشرين وجهة عالمية. وتشكل السياحة في المغرب عاملاً مهماً للتنمية الاقتصادية وقطاعاً رئيسياً في الاقتصاد المغربي؛ إذ تحتل المرتبة الأولى من حيث مداخيل العملة الصعبة بما يقارب 70 مليار درهم سنة 2017، كما أنها المساهم الثاني في الناتج المحلي الإجمالي الوطني، والثاني في خلق مناصب الشغل. لكن التحول الرقمي يحتم على المغرب تنويع وتطوير آليات العرض السياحي لمواجهة توجهات السوق العالمية. فبحسب أرقام سابقة للمرصد المغربي للسياحة، فإن 90 في المائة من السياح سبق لهم اعتماد شبكة الإنترنيت في الحجوزات؛ الشيء الذي يبين مدى تطور اختيارات المستهلك.