عاد الهدوء إلى قطاع غزة مع بدء سريان وقف إطلاق النار بعد 11 يوما من العدوان الإسرائيلي، حيث شهدت الليلة الماضية احتفالات في كل الأراضي الفلسطينية، مما اعتُبر "انتصارا" للمقاومة. وقال مراسل الجزيرة هشام زقوت من غزة إن سلطات الاحتلال قررت فتح معبر كرم أبو سالم التجاري جنوبي قطاع غزة لعدة ساعات، وذلك بعد ما أصرت الفصائل على فتحه اليوم الجمعة بحسب اتفاق وقف إطلاق النار، مع أن يوم الجمعة يعد يوم عطلة للمعبر في العادة، وذلك لإدخال شاحنات المساعدات التي تنتظر منذ أيام للدخول. وأوضح المراسل أنه بدأ منذ الصباح تفقّد الدمار وإزالة بعض الركام والأنقاض، وإصلاح تمديدات الاتصالات. وأضاف مراسل الجزيرة أنه تم انتشال جثث 8 شهداء من تحت أنقاض أماكن تعرضت لقصف إسرائيلي في خان يونس جنوبي قطاع غزة، كما انتشل جثمان طفلة من بين أنقاض منزلها بحي تل الهوى جنوبغزة، بينما ذكر شهود عيان أنه تم إنقاذ عشرة ناجين من تحت الأنقاض. وفي المسجد الأقصى، أدى المصلون صلاة الغائب على أرواح الشهداء، وذلك بعدما دعت وزارة الأوقاف في غزة جميع المساجد وخطباء الجمعة لأداء صلاة الغائب على شهداء معركة "سيف القدس" بعد صلاة الجمعة مباشرة. ولم تُسمع في الجانب الإسرائيلي أي من صفارات الإنذار التي ظلت على مدى 11 يوما تدوي لتحذير السكان من أكثر من 4300 صاروخ أطلقتها الفصائل الفلسطينية من القطاع المحاصر. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه رفع القيود الأمنية عن سكان البلدات المتاخمة للحدود مع غزة وأبقى الحظر على قطاع التعليم، كما أعلن رفع كافة إجراءات الطوارئ التي فرضت على مناطق شاسعة من إسرائيل. وأسفر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال 11 يوما عن استشهاد 243 فلسطينيا، بينهم 66 طفلا و39 سيدة و17 مسنا، وإصابة أكثر من 1910 بجروح مختلفة، منها 90 صنفت شديدة الخطورة. ووفق إحصاءات حكومية، تعرضت 1447 وحدة سكنية في غزة للهدم الكلي بفعل القصف الإسرائيلي، إلى جانب 13 ألفا أخرى تضررت بشكل جزئي وبدرجات متفاوتة. مأساة النزوح وتوقع مراسل الجزيرة أن تشهد غزة في الأسابيع والأشهر القادمة إقامة خيام على الركام للسكان الذين فقدوا منازلهم، حيث لم يشهد القطاع مثل هذا الدمار في أي عدوان سابق، مشيرا إلى إعلان وكالة الأونروا عن لجوء 50 ألف عائلة إلى المدارس. وفي الأثناء، بدأت العائلات الفلسطينية التي لجأت إلى مدارس الأونروا في العودة إلى منازلها لتفقد أوضاعها وإصلاح ما يمكن إصلاحه وترميمه. من ناحيته، قال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين إن عشرات آلاف الأشخاص في غزة مشردون ومحرومون من ممتلكاتهم حاليا، مضيفا "يجب بدء إصلاح الأضرار وإعادة البناء في قطاع غزة بسرعة". احتفالات الفلسطينيين وبدأ عند الساعة الثانية من فجر اليوم بالتوقيت المحلي (23:00 غرينتش) سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بوساطة مصرية. وذكر مراسل الجزيرة ظهر اليوم أن وفدا أمنيا مصريا سيصل قطاع غزة للقاء قيادة حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى. ومع اللحظات الأولى لوقف إطلاق النار شهدت ميادين جنين ومخيمها وكذلك مدن نابلس والخليل ورام الله في الضفة الغربية مهرجانات فرح بانتهاء هذه الحرب، وردد المحتفلون شعارات تحيي أهالي قطاع غزة ومقاومتهم وصمودهم في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية. واحتفلت جموع من الفلسطينيين في بيت لحم بوقف إطلاق النار، معتبرين إياه نصرا للمقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، حيث رفع المشاركون العلم الفلسطيني وهتفوا ضد الانقسام، ودعوا إلى الوحدة الوطنية والتحرر. وفي القدس -التي انطلقت منها شرارة الأحداث الأخيرة- امتلأت الشوارع بالمحتفلين بالهدنة غير المشروطة والمتبادلة. وفي أراضي ال48 خرجت جموع من فلسطينيي الداخل في مدينتي أم الفحم وطولكرم للتعبير عن فرحتهم بالهدنة، حيث سجل سكان الداخل حضورهم خلال العدوان بمظاهرات دعم وتأييد للمقاومة الفلسطينية والمرابطين في المسجد الأقصى. كما شهدت شوارع رام الله (مقر السلطة الفلسطينية) خروج حشود كبيرة ومواكب للسيارات تحيي المقاومة الفلسطينية ودفاعها عن الشعب والمسجد الأقصى. احتفال غزة وفي غزة، نظمت حركة حماس احتفالا شارك فيها الآلاف فجر اليوم، وقال فيه القيادي في حماس خليل الحية إن "هذه نشوة النصر"، مضيفا "نقول لأهلنا الذين دمرت بيوتهم والذين شردوا سنبني البيوت التي دمرها الاحتلال وسنعيد البسمة". وتابع "نقول للعدو الذي يدعي الانتصار، أيها العدو لقد انتصرت على أشلاء الأطفال والنساء". وذكّر الحية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه قال "سيدمر الأنفاق على المقاومة"، وتابع الحية "أنا أقول له اليوم إن المجاهدين الآن يتبخترون في الأنفاق، نعم مجاهدونا اليوم يسرحون ويمرحون في أنفاق العزة والكرامة". بدوره، قال القيادي في حركة حماس سامي أبو زهري لوكالة الأناضول "نعتبر أن هذه المعركة أثبتت تفوق المقاومة الفلسطينية وانتصارها على الاحتلال الإسرائيلي (..)، العدو اضطر في النهاية للرضوخ لوقف العدوان على شعبنا وعلى القدس".