عندما تعكس الصورة رجال الشرطة الصهاينة مدججين بالأسلحة يهاجمون عُمّار المسجد الأقصى العُزَّل والآمنين… وعندما لا ترى في الصورة سوى دخان القنابل وشظايا لعلعة الرصاص، ولا تسمع سوى صراخِ النساء والأطفال ودوي الانفجارات… عندما ترى في ذات الصورة زُحُوف المستوطنين من كل حدَب وصوْب نحو المسجد الأقصى للعدوان والاستفزاز.. وعندما تعلم أن ذلك كله يحدث في العشر الأواخر من الشهر المقدّس… أي عدوانٌ مُدَنّس في شهر مقدّس على مسجد مقدّس. عندما ترى كل ذلك في صورة واحدة … فاعلم أنها صورة متكررة… تكررت مرات ومرات… واعلم أن الصورة عنوان للهوان والمذلة التي وصلت إليه الأمّة الإسلامية. واعلم أنّ ما راكمته الجيوش الإسلامية من أسلحة وأموال، لم يكن للدفاع عن المقدسات والأعراض المنتهكة باستمرار من طرف المحتل الصهيوني أو الصليبي أو الهندوسي أو الشيوعي أو الشيعي… ولكنه من أجل التقاتل والتناحر فيما بينها… واعلم أن شعارات حقوق الإنسان "الكونية" أكبر أكذوبة في العصر الحديث. لا بل إنّ جلّ الحقوقيين في العالم بما في ذلك بلاد المسلمين مهتمّون فقط بالدفاع عن الشواذ والإفطار العلني في نهار رمضان ورفع قوانين التجريم عن الزنا، والمطالبة بمنع تعدد الزوجات والدعوة إلى التسوية في الإرث بين الذكور والإناث، وبمنع النساء المحجبات من ولوج المؤسسات … وبشرعنة الإجهاض وجعله من حقوق المرأة وإلغاء الإعدام في حق القتلة المجرمين… جلّ هؤلاء الحقوقيين يبتلعون ألسنتهم أمام انتهاكات الصهاينة للمسجد الأقصى وأمام توطين المستوطنين اليهود على أرضٍ ليست أرضَهم…وما إلى ذلك من جرائم متراكمة ومتجددة. هذه الصورة وصمة عار على الأمة الإسلامية المهزومة والمهزوزة وعلى الجنس البشري برمته، إذ هي صورة تعكس هزيمة الغرب في شعاراته وقوانينه ومحاكمه وديموقراطيته وتبجحاته بالدفاع عن حقوق الإنسان حيثما انتُهِكت… وأخيراً تحية تقدير وإكبار للفلسطينيين المرابطين والثابتين في الأقصى وما حوله لا يُرهِبهم سلاح ولا اعتقال ولا تهجير… * محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ