شهد شاطئ مدينة الفنيدق يوم الاحد مأساة حقيقية في أكبر هروب جماعي للشباب سباحة إلى مدينة سبتةالمحتلة. وقد تابعنا جميعا بذهول وصدمة مقاطع الفيديو الموثقة لهذا الهروب الكبير وهي تبين مشاهد لأفواج من الشباب والأطفال القاصرين يخلعون أحذيتهم وملابسهم ويمتطون الامواج العاتية غير مبالين بسوء الاحوال الجوية، هاربين من أزمة خانقة حولت مدينة الفنيدق من مدينة تجارية نابضة بالحياة إلى مدينة أشباح . ولا زالت تتوالى مقاطع الفيديو التي توثق من مدينة سبتة لحظة وصول الناجين أو لحظات انتشال الغرقى ومشاهد قاسية محفوفة بدموع الأهالي على المفقودين . جرح آخر ينضاف إلى جراح الفنيدق والمدن المجاورة التي تعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية منذ ديسمبر2019 حيث قررت الحكومة الإغلاق النهائي لمعبر سبتة دون إيجاد بدائل للساكنة التي لم تعرف غير التهريب المعيشي مصدرا لرزقها منذ عقود . وفي ظل طول انتظار لبدائل اقتصادية عن التهريب المعيشي و إنجاز مشاريع تنموية بالمناطق المتضررة من الاغلاق ،جاءت جائحة كورونا لتعمق الازمة وتغلق الحدود في وجه العاملين قانونيا داخل مدينة سبتة ،وتغرق المدينة في ركود اقتصادي غير مسبوق دفع الشباب إلى الاحتجاج و الخروج في مسيرات منددة بالأزمة الخانقة التي يعيشونها .وقد واجهت السلطات هذه الاحتجاجات بالمنع والاعتقالات . ولا زال شباب الفنيدق يحاولون إسماع أصواتهم وإيصال رسائلهم إلى حكومة تتقن إصدار بلاغات الإغلاق دون التفكير في تعويض المتضررين .. وهاهم اليوم في مشاهد غير مسبوقة يخاطرون بأرواحهم ليهاجروا بالعشرات من مدينتهم الفنيدق إلى مدينة سبتة المجاورة المحتلة …هي نفس الأرض ونفس البحر غير أن الفرق في التدبير والتعامل مع مشاكل الساكنة جعل من المدينة الأولى جحيما ومن الثانية أرض الأحلام المنشودة . هي رسالة صادمة واضحة لمن يهمهم الأمر عسى أن يبادروا بإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان .