راهن المغرب منذ سنوات الاستقلال الأولى على الخيار اللامركزي كأسلوب من أساليب التنظيم الإداري متوخيا فسح المجال لوحدات ترابية لامركزية لتضطلع بمسؤولية تدبير الشؤون الترابية بكل أبعادها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية و البيئية. حيث توصل المغرب إلى مشروع الجهوية المتقدمة، كإطار ملائم لبلورة استراتيجية موازية للمتطلبات التنموية، لتنفيذ توجهات الدولة القائمة على تعبئة الموارد والطاقات المحلية، من أجل ترسيخ الديموقراطية و تطوير البناء الجهوي. و يقصد بالجهوية هنا، تقسيم المجال المغربي إلى وحدات ترابية وفق معايير محددة بناء على الخصائص الطبيعية و الاقتصادية و الثقافية…، وبالتالي نكون أمام مفهوم مجالي إداري و اقتصادي مرادف للمفهوم اللاتيني la régionalisation، الذي يسعى إليه المغرب و المتمثلة في لامركزية موسعة تخول للجهات صلاحيات أوسع كما لممثلي السلطة المركزية. كذلك بنقل بعض الاختصاصات والموارد من السلطة المركزية إلى الوحدات الجهوية، باعتبارها مشروع استكمالي لسياسة اللامركزية واللاتركيز . فما هي مراحل تطور الجهوية في المغرب؟ وماهي المرجعيات التي بنيت عليها، وماهي أسسها ومرتكزاتها؟ و أي دور تلعبه الجهوية في تحقيق التنمية الاجتماعية و الاقتصادية وكذا التنمية المندمجة؟ سنحاول الإجابة عن هذه التساؤلات وفق ثلاثة مباحث رئيسية: المبحث الأول: مرجعيات الجهوية المتقدمة, المبحث الثاني: الجهوية المتقدمة: الأبعاد و المبادئ, المبحث الثالث: الجهوية المتقدمة مشروع لتحقيق التنمية. قبل التطرق لمعالجة هذه النقاط لا بأس أن نلقي نظرة على الإطار التاريخي الذي مهد لبلورة مشروع الجهوية المتقدمة. و كما ذكرنا سابقا فإن بوادر التفكير الأولى ظهرت منذ الاستقلال، كان الهدف منها إيجاد صيغة تنظيم إداري يستجيب للإكراهات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية، لهذا الغرض تم إصدار ميثاق جماعي في 23 يونيو 1960 ليتم بذلك وضع أول أساس تشريعي لإقرار مبدأ اللامركزية الإداري كخطوة أولى في إطار النهوض بالتنظيم المحلي. بعد ذلك سنة 1963 تم وضع قانون جعل من العمالات و الأقاليم بمثابة وسيط بين السلطة المركزية و الجماعات المحلية، حيث شكلت أهم التقسيمات الإدارية خلال تلك الفترة، التي سعت من خلالها الإدارة المركزية إلى مراقبة و تأطير المجتمع لفرض سلطاتها الإدارية والسياسية. منذ دستور 1971م. بدأ يتطور مفهوم الجهة، حيث تم تحديدها كإطار اقتصادي لتنفيذ و تنسيق الأشغال و الدراسات و الأعمال المتعلقة بالمناطق بهدف ازدهارها، و عرفت تقسيما يضم سبع جهات اقتصادية، حيث تكون الجماعة المحلية هي النواة و ذلك بمقتضى ظهير 1976م. ثم تم الارتقاء بالجهة إلى جماعة محلية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي على إثر تعديلات دستورية محدثة سنة 1992. و في سنة 1996 أنيطت بالجهة اختصاصات واسعة، حيث تم إحداث 16 جهة. هكذا تابع المغرب أشواطه في ترسيخ و تعميق اللامركزية قصد النهوض بالتنمية البشرية المحلية، مضيفا لهذه المراحل عدة إجراءات تنظيمية و نصوص قانونية، سواء لتوضيح اختصاصات المجالس المنتخبة أو لتنظيم العمالات و الأقاليم. إلا أن التجربة الجهوية السابقة قد أفرزت بعض النقائص و الإكراهات، وذلك راجع لعوامل أساسية تتجلى في طبيعة النظام المؤسساتي للجهات المتسمة بضعف الفعالية كتداخل الاختصاصات مابين الجهة و الوحدات اللامركزية، و أخرى تعزى للجوانب الهيكلية ذات الصلة بالنظام الانتخابي و ضعف النخب، وثقل الوصاية الإدارية و تشعبها، كذلك محدودية التقسيم الترابي و عدم مواكبة سياسة عدم التركيز. هذه الاختلالات دفعت بالنظام السياسي في بلادنا إلى إعلان رغبة قوية للارتقاء بالنظام الجهوي، كنظام يحظى بمكانة قانونية متميزة و قائم بأدواره التنموية. المبحث الأول: مرجعيات الجهوية المتقدمة جاءت الجهوية المتقدمة كإعادة نظر في الأدوار الجديدة للدولة بما يتيح تقاسم المسؤوليات بينها و بين الجهات، و بالتالي فإن تحديث بنية هياكل السلطة المركزية واللامركزية و إعادة النظر في علاقتها نحو تكريس التدبير التشاركي، دون الإخلال بصلاحية السلطة العمومية التي تمكنها من ضمان سيادة القانون و صدارة السياسة الوطنية على المحلية. و تعد الخطب الملكية السامية أهم مرجعية بنيت عليها الجهوية المتقدمة، ومن هذا المنطلق أخذت حيزا كبيرا من اهتمام الدوائر العليا للدولة نظرا لأهميتها على مختلف الأصعدة، هذه المكانة توطد صيتها مع الدستور الجديد لسنة 2011 الذي أوضح دورها التنموي الكبير على المستوى المحلي و الوطني. المحور الأول: التوجيهات و الخطب الملكية السامية كمرجعية أساسية أولى المرجعيات التي بني عليها وضع النموذج المغربي للجهوية المتقدمة تتجلى في التوجيهات و الخطب الملكية السامية مما أبان عن مكانتها و أبعادها التنموية بما تحمله من دعامات أساسية في تعزيز النظام اللامركزي في المغرب. ولعل أول خطاب فتح الباب لمشروع الجهوية المتقدمة كان يوم 6 نونبر 2008 حيث حدد جلالته تصورا مفصلا وأعلن عن انطلاق مسار جديد في هذا المجال، أما خطاب 30 يوليوز 2009 يعد حلقة ثانية في هذا المشروع للارتقاء بالحكامة الترابية و تعزيز الديموقراطية. حيث أدت هذه التوجيهات أولا إلى التعجيل بإعداد ميثاق اللاتمركز الإداري، كما تعزز هذا الورش على أرض الواقع منذ خطاب جلالته يوم 3 يناير 2010 الذي حث على تنصيب لجنة استشارية للجهوية، و التنصيص على أهم المرتكزات، و قد ظلت الخطب الملكية بمثابة خارطة طريق لمسلسل الإصلاح المؤسسي من أجل المضي قدما بالإجراءات التطبيقية التي تحدد مصير الجهوية المتقدمة، كخطاب 9 مارس 2011 الذي أعلن عن التكريس الدستوري للجهوية المتقدمة و مقوماتها. المحور الثاني: المرجعية الدستورية للجهوية المتقدمة إذا كان ورش الجهوية يتطلع إلى بلورة الإرادة الملكية الرامية إلى تكريس لامركزية موسعة ديموقراطية الجوهر، متناغمة الأهداف مع التنمية المستدامة و التنمية المندمجة، فإن كل ذلك تم التنصيص عليه دستوريا سنة 2011 لترسيخ هذه الأهداف. حيث تمت دسترة مجموعة من المقتضيات منها ما يتعلق بالتدبير الجهوي و الحكامة الترابية للجهوية، التنمية الجهوية و المندمجة،و تعزيز اللاتركيز الإداري…، إذ حظيت الجهوية بمكانة متميزة بين باقي المؤسسات الدستورية، بتخصيص بابا كاملا منه للجهات و الجماعات الترابية و 12 فصلا بدل ثلاثة فصول في دستور 1996. وقد عمل على تحديد النموذج الجهوي لبلادنا مع إبراز المبادئ الأساسية فيما يخص التنظيم و الاختصاصات و علاقتها مع السلطة المركزية. و على هذا الأساس تعتبر الجهوية جزءا محوريا ضمن السياسة العمومية للمغرب و آلية لتفعيل الإصلاحات التحديثية عبر المبادئ التي سطرتها كل من المرجعيتين السالفة الذكر، و هو ما سنعالجه في المبحث الثاني . المبحث الثاني: مرتكزات و مبادئ الجهوية المتقدمة المحور الأول: المرتكزات الأساسية تم تفعيل ورش الجهوية المتقدمة بناء على التوجيهات الملكية السامية بداية مع تنصيب اللجنة الاستشارية يوم 3 يناير 2010 لتسطير المرتكزات الأساسية للجهوية و التي تتجلى فيما يلي: التشبث بمقدسات الأمة و ثوابتها في وحدة الدولة و الوطن و التراب: فالجهوية ينبغي أن تكون تأكيدا ديموقراطيا للتميز المغربي الغني بتنوع روافده الثقافية والمجالية، المنصهرة في هوية وطنية موحدة. الالتزام بالتضامن إذ لا ينبغي اختزال الجهوية في مجرد توزيع جديد للسلطات بين المركز و الجهات. اعتماد التناسق و التوازن في الصلاحيات و الإمكانات و تفادي تداخل الاختصاصات أو تضاربها بين مختلف الجماعات المحلية والسلطات و المؤسسات. انتهاج سياسة اللاتمركز الواسع الذي لن تستقيم الجهوية بدون تفعيله في نطاق حكامة ترابية ناجعة. و قد توخى الخطاب الملكي المتعلق بتنصيب اللجنة الاستشارية بلوغ أهداف جوهرية أهمها وجود جهات قوية ذات مجالس و أجهزة تمثيلة وليست صورية، على راسها نخب مؤهلة و مؤطرة قادرة على تدبير شؤون الجهات المشرفة عليها. كما أن البناء الدستوري للجهوية كان جزءا مفصليا لإعلان الانطلاقة للتأسيس القانوني و الأهداف التي ينبغي أن تتمحور عليها . المحور الثاني: مبادئ الجهوية في إطار الدستور الجديد 2011 وفقا لأحكام الدستور الجديد يرتكز التنظيم الجهوي و الترابي على مجموعة من المبادئ الدستورية التي تعد الإطار العام الذي يحكم تنظيم و اختصاصات الجهات ونظامها المالي، و يمكن إجمال هذه المبادئ فيما يلي: مبدأ التشاركية في الجهوية المتقدمة: وهو مبدا ديموقراطي من أهم مبادئ الدولة الحديثة، حيث تسيِّر الجهات شؤونها بكيفية تؤمن مشاركة السكان في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية بشكل عام، و تتم عبر الاقتراع العام المباشر لأعضاء مجالس الجهات، و وضع آليات استشارية لتيسير المشاركة المنظمة. مبدأ التفريع: وهو أساسي لتوزيع الاختصاصات سواء بين الجهات و الدولة أو بينها وبين باقي الجماعات الترابية، إذ يعد من المواضيع المفصلية التي تحدد معالم الجهوية. مبدأ التدبير الحر: و ذلك عن طريق منح اختصاصات ذاتية للجهات لتمارسها بشكل مستقل، و منح السلطة التنظيمية للجهات بموجب الفصل 140، والتخلي عن مفهوم الوصاية و استعاضته بالرقابة في إطار العلاقة بين الجهات و السلطة المركزية، كما أن الأمر يشمل تمكين الجهات من الوسائل القانونية الضرورية لممارسة صلاحياتها الذاتية. مبدأ المعادلة بين الموارد و الاختصاصات: أقر الدستور أن الجهات كغيرها من الجماعات الترابية تتوفر على موارد مالية ذاتية، و موارد أخرى مرصودة من قبل الدولة، وأكد على أن كل اختصاص تنقله الدولة للجهات والجماعات يكون مقترنا بتحويل الموارد المطابقة له. مبدأ التعاون والتضامن: من خلال هذا المبدأ نص الدستور على إحداث صندوقين لفائدة الجهات، صندوق التأهيل الاجتماعي و صندوق التضامن بين الجهات. ربط المسؤولية بالمحاسبة و هو مبدأ يشكل دعامة أساسية للتدبير الإداري للجهوية لتحقيق معايير الجودة و الشفافية، و ترشيد و عقلنة التدبير المحلي بما يتماشى مع مخطط التنمية البشرية. المبحث الثالث: الجهوية المتقدمة رافعة لتحقيق التنمية يعد مشروع الجهوية المتقدمة ركيزة أساسية في تدبير المجال الترابي، الأمر الذي نستحضر فيه متغيرات متعددة اقتصادية، اجتماعية، مالية وإدارية و سياسية لإيجاد قنوات و أدوات جديدة لتحقيق التنمية المحلية، و لهذا سنلقي نظرة على اختصاصات الجهة، ثم التطرق إلى استراتيجية التنمية الجهوية. المحور الأول: اختصاصات الجهة بالنسبة للاستثمار العمومي في التنمية الجهوية. وفقا للتحديد القانوني للمهام التي يتولاها الجهاز الإداري للجهة، حظيت هذه الأخيرة بثلاث أنواع من الاختصاصات و هي: اِختصاصات ذاتية: و تشمل المجالات التالية؛ *إعداد برنامج التنمية الجهوية يتضمن تشخيصا للحاجيات و تحديد الأولويات وتقييم النفقات التقديرية. *التنمية الاقتصادية : تشمل أساسا الميادين ذات الأولوية المتمثلة في دعم المقاولات؛ جذب الاستثمار؛ تهيئة الطرق؛ إنعاش الاقتصاد الاجتماعي و المنتجات الجهوية. *التنمية القروية؛ *تنظيم خدمات النقل؛ *الثقافة و البيئة؛ *التكوين المهني والتكوين المستمر؛ *التعمير وإعداد التراب. ب- اِختصاصات منقولة: في إطار تمكين الجهات من تحقيق التنمية و بلوغ الأهداف، من الممكن أن تنقل الدولة بعض اختصاصاتها إلى الجهات مع تحويل الآليات و الموارد في الميادين التالية: *التجهيزات والبنيات التحتية؛ *الصناعة والتجارة؛ *التعليم والصحة والثقافة و الرياضة؛ *الطاقة والماء و البيئة. كما تتدخل الدولة باستثماراتها لصالح الجهات وفقا لمخططات السياسة العمومية في مختلف القطاعات، إلى جانبه تساهم بعض المؤسسات و المقاولات العمومية التي تعمل على الصعيد الوطني عبر حضورها في المستوى الجهوي بتهيئة وتحسين تنافسية المجالات الترابية منها: مجموعة التهيئة العمران، المكتب الوطني للسّكك الحديدية و المطارات، الوكالة الوطنية للمطارات، بريد المغرب، المكتب الوطني للماء والكهرباء، إضافة إلى الوكالة الوطنية للتنمية التي تعمل على بروز أقطاب في التنمية المستدامة و إرساء البنيات التحتية الضرورية لتثمين الإمكانات المتاحة و تطوير إجراءات القرب. المحور الثاني: استراتيجية التنمية الجهوية إن الغاية التي دعت إلى النهوض بالجهوية إلى وضع متقدم أدت إلى انبثاق مفاهيم بمثابة آليات عمل لا مفر منها لتحقيق النجاعة و السير في درب التنمية و تحقيق الرفاه و التطور، و تتجلى هذه المفاهيم في الحكامة الترابية إلى جانب التنمية المندمجة، و هي مفاهيم غالبا ما نجدها في الخطب الملكية السامية التي لا تدعو فقط للارتقاء بالجهة كهدف في حد ذاته وإنما كوسيلة لبلوغ أهداف التنمية البشرية و المستدامة، و في نفس الوقت لا يمكن إنجاح هذا الورش إلا باحترام هذه الآليات المفاهيمية الثلاث وتفعيلها على أرض الواقع. أ-الحكامة المحلية: و هي مختلف الاِمكانات و الآليات التي يمكن من خلالها للمنتخبين المحليين من ترشيد و عقلنة تدبيرهم للشأن المحلي، و كذا مأسسة الفعل و القرار الإداريين، و تدبير الموارد البشرية و المادية المحلية من خلال التركيز على مبادئ الشفافية والنجاعة. و لتجسيد ذلك على أرض الواقع، يبقى ذلك رهين بمدى وعي النخب المحلية بحجم المسؤوليات و مدى استجابتهم لطموحات المواطنين عبر جودة التواصل، و فعالية التخطيط لهذه الحاجيات و برمجة تنفيذها. و حتى تلعب الحكامة المحلية دورا رئيسا في تحقيق التنمية ينبغي مزيدا من التدعيم لمسلسل اللامركزية و اللاتركيز، وهذا يتطلب منح الجهات الحرية و الاستقلال الاداري و المالي، و التخفيف من حدة الوصاية، وتعويضها بنظام المواكبة الإدارية، و الرقابة القضائية و المالية عن بعد. إضافة إلى تعزيز دور المصالح الجهوية للدولة ( المندوبيات؛ المديريات الجهوية؛ المفتشيات الإقليمية…) كذلك نقل مزيد من الاختصاصات إليها، و هذا يساهم إلى حد كبير في خلق الانسجام مع التوجهات الكبرى للتنمية المحلية ، كما أن الحكامة _في هذا المجال_ تلعب دورا كفيلا في كيفية توزيع السلط و الموارد و الاختصاصات لمسيري الجهة، والتحديد القانوني الدقيق لصفات الأهلية المعرفية للمنتخبين، من أجل اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب لمسؤولية تدبير الجهة. ب- التنمية المندمجة: هي عمل مشترك منسجم و متناسق ووظيفي، حيث تندمج مجموعة من المؤسسات و القطاعات الخاصة مع بعضها البعض بغية تحسين ظروف معيشة السكان. كتجهيز قرية بالماء و الكهرباء، و الصحة والتعليم، والطرق، هذا يعني تدخل مجموعة من القطاعات بطريقة تشاركية مندمجة في نفس الوقت بين قطاعات الدولة و مجلس الجهة والجماعات المحلية (حضرية أو قروية). كما يتطلب الأمر من المنتخبين تحفيز كل الطاقات و تحديد الأولويات باستخدام أنماط تدبيرية ناجعة، قادرة على إطلاق مبادرات تنموية تمكنهم من تحريك كل الإمكانات الذاتية، إذ ينبغي للنخب المسؤولة استحضار التجارب الموفقة؛ تبني تدبير تشاركي مع كل الكفاءات المحلية و الفاعلين العموميين والخواص(جمعيات مهنية وجامعات و باحثين …) وهذا كي تصبح الجهة فاعلا في التنمية ومنتجا للثروة و فقا للخصوصيات الاجتماعية و الثقافية و البيئية في بعدها الاقتصادي. ج-استراتيجية قائمة على تنمية المبادرة الخاصة: هذه النقطة تستوجب مجموعة من المدخلات، من بينها: *توفير مناخ أعمال سليم: بتوفير بيئة مناسبة للاستثمار الخاص، و تهيئة الوسط الاجتماعي بمحاربة الآفات و خلق طاقات بشرية مكونة وقادرة على قيادة المبادرة الخاصة. *رد الاعتبار لمميزات الجهة: وهذا يتطلب دراسة شاملة حول خصوصيات و مؤهلات المجال الترابي من قبل الجهاز الاداري المسير من أجل خوض سياسة التسويق الترابي وتسليط الضوء على مميزات الجهة. *استراتيجية تستجيب لطموحات واقعية و ذلك برصد المشاريع ذات الأولوية و التي من الضروري أن تتوفر عليها الجهة. * النهوض بثقافة الذكاء الاقتصادي، و دعم المقاولات الصغرى. خاتمة تعتبر الجهوية إذن إجراءً يهدف إلى تكريس اللامركزية و اللاتركيز، وذلك بخلق وحدات ترابية تحظى بالاستقلال المعنوي و المالي تحت إشراف الدولة. وقد قطع مشروع الجهوية أشواطا طويلة ليتبلور في حلته الأخيرة، وفق التوجيهات الملكية السامية و الدستور الجديد، ولازال الباب مفتوحا للتعديل القانوني كلما وجد المشرع صيغة فعالة لتنظيم الاختصاصات و كل ما يخص شؤون الإدارة و التسيير المحلي ليتماشى مع سبل خدمة التنمية البشرية والمستدامة مع ما يتطلبه ذلك من تحقيق للحكامة و التنمية المندمجة و أخذ العبر من الدروس و التجارب الناجحة من الدول المتقدمة، مع مراعاة الظروف و الامكانات والخصوصيات سواء الوطنية أو المحلية، و هذا الأمر في حد ذاته يشكل تحدٍ أمام مساعي الجهوية، من حيث قدرة الجهة على توفير المخصصات المالية لعمليات التنمية و مدى قدرتها على المنافسة الاقتصادية بجذب الاستثمارات و خلق المبادرات الخاصة تنويعا للنشاط الاقتصادي. إلا أن التحديات غالبا لا تستمر في حال التشخيص و المعالجة و هو الأمر الذي يستدعي توفير كفاءات سياسية و اقتصادية مناسبة، و توحيد الرؤى بما يخدم الصالح العام، فتحقيق أهداف الجهوية يعتمد على منظومة مجتمعية مواطنة تستجيب لحاجيات تنميتها و تسعى إلى تحقيق الرفاه و التقدم. المراجع: 1-الخطب الملكية المتعلقة بالجهوية. 2- دستور 2011. 3-محمد نجيب، اللامركزية واللاتركيز، موقع شاشة المغرب التربوية. 4- اللاتمركز الاداري بالمغرب، عرض جامعي، مجموعة من الطلبة: تومي، كرامي، طلحة، بوزروري. 4- هشام بياض، المرجعيات التي بنيت عليها الجهوية المتقدمة، موقع إفادة. 5- الجهوية المتقدمة ورش ملكي من أجل مغرب متقدم متوازن الجهات، بحث جامعي من إعداد: م. العبيد ، إ.بنجنان ، ع.ر. الأطرش، أرزوقي. 6-متطلبات الحكامة الترابية، بحث جامعي من إعداد: سليم القياس، رضوان قاف. 7-محمد محمود عبد الله يوسف ، دور الجهوية في تحقيق التنمية المستدامة، موقع فضاء الموضف الجماعي. 8-جميل حمداوي، كتاب، من أجل تنمية مستديمة الطبعة الأولى 2017