الحلقة الثالثة: تأملات عقد من الزمن في كنف الحركة النسوية في هذه الحلقة التي هي سلسلة من الحلقات الموثقة لتجربة عقد من الزمن المجتمعي، الذي جعلني انخرط في العمل النسائي ، لكن برؤية واضحة ومنفتحة على جميع الاتجاهات بدون ضيق او حرج ، كيفما كان نوعه ، تجمعنا القضية النسائية والترافع على اشكالاتها ابتداء من المرأة وتمكينها ومرورا بقضايا المناصفة والمساواة وقضية العنف ضد المرأة بكل تلاوينه . فهذا التنوع في الأفكار والتجارب والاصوات النسائية شبيه بكورال حقوقي نسائي متميز ، وموسيقاه هذا الانين الذي نسمعه في كل انصات واستماع وحوار مع الضحايا الذين ماهم الانتيجة من سياسات وعقليات رجولية تتحكم في المجتمع ، ولذلك فخلاصات التجربة العقدية بينت لي ان لا احد يملك الحل السحري لهذا الواقع ، بل هو ملك للجميع ، ملك للمرأة باعتبارها جزء من المجتمع ،وملك للرجل الذي هو النصف المتبقي ، لذلك نحتاج الى هذا التدافع والترافع لبقاء حيوية المجتمع لكي نحسم في العديد من القضايا التي مازالت مفتوحة للنقاش العمومي . كما ان وضعية المرأة لاتقاس بتقدم المجتمع ، فقط بل في قناعاته بان المرأة مثلها مثل الرجل في الحقوق والواجبات ،رغم ان ما يسوق في ان المرأة تعيش في قيد الذكورية في سن القوانين والنظم والسياسات ، الا ان هذا الرأي يحتاج الى التحليل لإبراز مدى حقيقته او تفنيده بالحجة والبرهان، لذلك سنحلل أدوات الخطاب السياسي عند النسوية المغربية ، في تمثلاتها الجمعية للعديد من القضايا ،انطلاقا مما عايشناه في هاته التجربة النسائية. النسائية والخطاب السياسي سنركز على تيارين اساسين ،تيار المناصفة وتيار التمكين ،لان الحديث على جميع التيارات سيجعلنا نتيه في بحر النسوية المغربية ونحن غير مستعدين لذلك، وتحليل الخطاب يحتاج الى وضع اهم الخطوط الأساسية التي بنيت عليها هاته المقاربات افكارها ،خاصة ان هذا الصراع بين التيارين العلماني والإسلامي ،اثر كذلك على الحركة النسائية المغربية وظهر في العديد من المواقف والقضايا في نقاشات وتعديلات وسياسات عمومية طرحت برامجها للنقاش ووضعت قوانيننها قصد المصادقة وخروجها للتنفيذ ،خاصة قانون العنف 103/13المتعلق بالعنف ضد النساء . 1-تيار المناصفة والجندر: يمكن اعتبار منتصف الثمانينيات بدايةً لتعزيز موقع الحركة النسائية كحركة مدنية مستقلة، ذات مشروع منسجم وطموح. فغاية ذلك المشروع هي التأثير في البنية الأسرية والاجتماعية للمغرب، وإحداث تحولات فيهما بغية تحقيق المساواة بين الجنسين وضمان حقوق النساء وكرامتهن، بالانسجام مع ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. كما أنَّ لهذه الحركة الفضل في تنمية ثقافة المساواة بين الجنسين وترسيخ ثقافة مدنية وجمعوية نسائية تتفاعل مع الأحداث والمشاريع والأفكار، وتحللها وتكيفها وفق منظور يحتكم للمصالح الاستراتيجية للنساء. ما يلاحظ هو شح المعلومة والكتابات التحليلية في الخطاب السياسي للحركة النسائية المغربية ،وقد نذكر في هذا المجال دراستين هامتين حول الحركة النسائية في المنطقة المغاربية (على وجه الخصوص المغرب والجزائر وتونس)،حيث نجد : دراسة حول «النسائية والسياسة في المغرب الأقصى: 60 سنة من النضال » للصحفية المغربية زكية داوود، صادرة سنة 1993عن دار النشر إيديف المغرب؛ و دراسة بعنوان: «النساء من أجل المساواة في المغرب العربي: صورة ذاتية » من إعداد مجموعة 95 المغاربية من أجل المساواة، الصادرة في كانون الثاني/يناير 2003 والتي تحلل فيها الفعاليات النسائية المغاربية 20 سنة من تجربتهن. وللوقوف على المراحل التاريخية لفهم خطاب المناصفة والجندر،نحتاج الى الوقوف على اهم المراحل الأساسية ، حيث ابتدأت مع منتصف الثمانينات بعد الانفراج السياسي بالمغرب ، وتزايد الاهتمام الدولي بقضايا المرأة . وهكذا، ظهرت أول جمعية نسائية سنة 1985 ، هي الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، تلاها تأسيس اتحاد العمل النسائيسنة 1987 ، ليليها بعد ذلك تأسيس الجمعية المغربية لحقوق النساء سنة 1992 والرابطة الديمقراطية لحقوق النساء سنة 1993 .وانطلاقاً من منتصف التسعينيات، ارتفعت سرعة تواتر تأسيس الجمعيات وطنياً ومحلي ،ً وأدت إلى تنوع في تعبيراتها وروافدها، وإلى إفراز حركة رأي واسعة داعمة لكل القضايا المرتبطة بالحقوق الإنسانية للمرأة . أدت الجمعيات النسائية دوراً مركزياً في التأطير والتحسيس والتعبئة لنشر ثقافة المساواة بين الجنسين، وجعلها في أجندة صانعي القرار، ووضع الجميع، أحزابا وحكومة، أمام التحدي القاضي باتخاذ موقف و وفيما يتعلق بتعديل قانون الأسرة ومختلف التشريعات الوطنية التمييزية. وعلى وجه الخصوص، برزت الحركة في عملها على النهوض بالمشاركة النسائية في تدبير الشأن العام واعتماد مقاربة النوع في السياسات العامة، واتخاد تدابير قانونية وسياسية مناهضة للعنف ضد النساء، وبالانضمام إلى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ، ورفع التحفظات التي وضعت على العديد منها. كما استثمرت الحركة النسائية المغربية بشكل ذكي التوجه الدولي القائم ما بعد الحرب الباردة، حيث أصبحت قضية النساء وحقوق الإنسان بشكل عام تشكل محور العلاقات الدولية، وحيث كان الرأي العام الدولي يقظاً وضاغطاً في ما يخص هذه القضايا. فكانت العديد من مكونات هذه الحركة على استعداد دائم وبشكل منظم للترافع في الملتقيات الدولية من أجل قضايا النساء، ولتقديم المقترحات التي من شأنها أن تحث الدول على احترام حقوق النساء والنهوض بها. وكان انضمام الفعاليات في الحركة النسائية المغربية إلى الشبكات الدولية أيضاً عاملاً مساعداً في تعبئة الرأي العام الدولي لصالح قضايا النساء. كما كان لتقارير الظل التي تعدها الجمعيات النسائية بمناسبة تقديم المغرب لتقاريره أمام لجان المعاهدات تأثير مهم على قرارات المغرب الإيجابية اشتغلت هذه الحركة بداية التسعينات على أدوات للترافع ومناصرة لقضايا النساء وخاصة قضية المساواة والمناصفة والنوع الاجتماعي . وفي سنة 1992 ، بادر اتحاد العمل النسائي إلى إطلاق حملة وطنية لجمع مليون توقيع على عريضتها المطالبة بتغيير مدونة الأحوال الشخصية. وكانت هذه الحملة تدشيناً لانتقال عمل الحركة النسائية من مرحلة البناء التنظيمي والتأسيس الفكري والإيديولوجي للمسألة النسائية إلى مرحلة النضال المطلبي والترافع من أجل تعزيز حقوق النساء وفق ما هو متعارف عليه دوليا في منظومة حقوق الإنسان. وتضمنت العريضة المطلبية الدعوة إلى منع تعدد الزوجات، وإلغاء الوصاية على المرأة في الزواج، وإقرار المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات الزوجية، ووضع الطلاق بيد القضاء، وإقرار حق المرأة في الولاية على أبنائها. ونظرا لعدم توفر سند شرعي قوي للمطالبة بالمساواة بين الجنسين في الإرث لدى الجمعية آنذاك، لم تضمن عريضتها هذا المطلب. واعتمدت الحركة النسائية على منهجية التشبيك في تنظيم حملاتها الترافعية. لم تنحصر الحركة في اعتمادها منهجية التشبيك على الجمعيات النسائية الحاملة لنفس المشروع، بل كانت في أغلب المعارك التي تخوضها، تحاول أن تضم في تحالفاتها كل قوى المجتمع الكفيلة بالتأثير على القرار وعلى موازين القوى السياسية لصالح مطالب هذه الحركة. وفيما يخص منهجية التواصل ، اعتمدت هاته الشبكات على مؤسسات إعلامية بهدف تنظيم حملاتها التحسيسية والتعبوية، واستعمالها لأول مرة الوصلات الإشهارية في لوحات التواصل وفي وسائل الإعلام المكتوبة منها والسمعية البصرية. نجد كذلك لأول مرة الاعتماد على منهجية حل التنسيق حيث بعد المصادقة على مدونة الأسرة من قبل البرلمان سنة 2004 ، نظم ربيع المساواة ندوة صحفية أعلن فيها بشكل رسمي عن انتهاء عمل التنسيق. وتعتبر هذه أول مرة يتم فيها حل تشبيك عند انتهاء مهامه، وليس نتيجة الخلافات بين مكوناته أو استنزاف طاقاته. وأعاد الحراك الاجتماعي المغربي النقاش حول تموقع الحركة النسائية ودورها في الدفاع عن الديمقراطية والمساواة، وقدرتها على إبراز مكانة حقوق النساء ضمن المطالب الديمقراطية المطروحة من مكونات المجتمع السياسي والمدني، خصوصاً وأن الانخراط القوي للنساء ضمن الحركات الاحتجاجية المطالبة بالديمقراطية لم يضمن لهن تاريخياً حماية للمكتسبات ولم يحقق ترسيخاً لقيمة المساواة بين الجنسين. من القضايا الأساسية أيضا التي تمحورت حولها النقاشات السياسية النسائية في ظل الحراك الاجتماعي الذي عرفه المغرب في 2011 وما ترتب عنه من إصلاحات دستورية، تلك المرتبطة بالعلاقة بين النسائية ) Feminism ( والديمقراطية، والحداثة، والعلمانية، والدفاع عن الحريات الفردية. فبرزت تساؤلات تتعلق بدور الحركة النسائية في التغيير الاجتماعي، وبالضمانات السياسية المتاحة لتفعيل المساواة بين النساء والرجال وبرزت مسألتا الهوية والخطاب النسائي، لاسيما مسألة المرجعية، ضمن القضايا الأساسية التي فرضها أيضاً سياق الحراك الاجتماعي. وذلك ليس بدافع التشكيك في شرعية الحركة وتاريخها النضالي الحقوقي، أو بهاجس إعادة التأسيس، بقدر ما هو مرتبط بمعرفة الظروف التي أعقبت الحراك السياسي الاجتماعي في العديد من دول المنطقة، والتي قد تدعو إلى مراجعة نقدية لمدى انسجام الخطاب والمواقف والممارسة وأشكال التعبئة وطرق عمل مكونات الحركة النسائية مع مرجعية واضحة متبناة بوعي ومسؤولية. نتج عن هذا التعديل تحقيق العديد من المكتسبات لصالح النساء نذكر منها: ضمان سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني، وحظر التمييز على أساس الجنس، والإقرار بالمساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق، بما في ذلك الحقوق المدنية. وإلزام السلطات العامة بالعمل من أجل تفعيل حقوق الإنسان وتحقيق المناصفة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات. كما نص الدستور على آليات وتدابير دستورية تضمن تفعيل هذه الحقوق، خاصة من خلال نصه على إحداث «هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز » كهيئة دستورية مستقلة. ما يجب التأكيد عليه ان هذا النضال النسائي بحداثته سقط في نرجسية اثرت على مصداقيته حيث برز خطاب سياسي بعيد عن مطالب الحركة النسائية ،حيث اعتبر نوع من المحاكة لنضاليات الفنيمست الدولي ،خصوصا في قضايا النوع والجندر ،وكأنما هي ايحاءات على ان قضية المرأة يمكن تلخيصها في انها قضية تكونت باعتبارها قضية انسائية تحولت الى قضية جنس ونوع كما ذهبت الى ذلك (سيمون دي بوفوار) حيث اعتبرت أن "الأنثى تولد إنساناً ثم تُصنع امرأة"،وهذه الاسقاطات لما يتداول دوليا على البيئة المغربية جعل من مطالب الحركة النسائية تميل الى نوع من اللاتعاطف ،والرفض خصوصا في عدم القدرة على الميز بين البيئة المغربية بمافيها من مكونات مختلفة وبين بيئة تعد في أروقة الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة في النوع والجندر. حيث انه باستحضار السياق العام لنقاش الجندر كمعطى ،يحتاج الى الاتفاق على المفهوم وابعاده حيث نجد في (تموز/يوليو) من عام 2010 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة تكوين وكالة جديدة للأمم المتحدة للنساء، تدعى كيان الأممالمتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين النساء، أو اختصاراً الأممالمتحدة للنساء، وقد كان قرار تكوين جسم منفصل للتعامل حصرياً مع نشاطات تتعلق بالجندر بعد سنوات من تكون الأممالمتحدة لوكالات متخصصة بقضايا نوعية، وبدأت وكالة الأممالمتحدة للنساء العمل في (كانون الثاني/يناير) من عام 2011، ومن المهم بحال معرفة مفاهيم وأبعاد مفهوم "الجندر" والنشأة والسياقات التي ولد بها. ولذا فإن طرح مفهوم الجندر كبديل لمفهوم الجنس يهدف إلى التأكيد على أن جميع ما يفعله الرجال والنساء وكل ما هو متوقع منهم، فيما عدا وظائفهم الجسدية المتمايزة جنسياً، يمكن أن يتغير بمرور الزمن وتبعاً للعوامل الاجتماعية والثقافية المتنوعة. ويعد الجندر بناء على ذلك اجتيازًا لآخر الحواجز على طريق تحقيق العدالة بين الرجال والنساء؛ لأنه يشمل التحول في المواقف والممارسات في كافة المجتمعات. وبرز مفهوم المساواة الجندرية ،أي ألّا تعتمد الحقوق والمسؤوليات والفرص المتاحة للنساء والرجال على كونهم ولدوا ذكوراً أو اناثاً، وهي تعني أيضاً أن التوزيع المتساوي للمقدرات الاقتصادية يجب أن يُفهم في إطار التوزيع المتساوي للفرص والقدرة على التأثير والقوة الاجتماعية. كما برز مفهوم العدالة الجندرية، وهي هي العدالة في التعامل مع كلٍّ من الرجال والنساء بناء على الاحترام الكامل لاحتياجاتهم، ويتضمن ذلك تعاملات عادلة أو تعاملات مختلفة لكنها تعتمد على المساواة في الحقوق والمكتسبات والحريات المدنية والسياسية وكذلك الفرص. ويميل تيار الجندر الذي سيصبح عما قريب يواجه المجتمع بأفكار سيمون ولعله بدأ فيها حيث ان مفهوم الامومة سينمحي لأنه لاوجود لهذا المفهوم كما تقول سيمون : "إنَّ الأمومة خُرافة، ولا يوجد هناك غريزة للأمومة، وإنما ثقافة المجتمع هي التي تصنع هذه الغريزة؛ ولهذا نجد أنَّ الأمومة تعتبر وظيفةً اجتماعية"، ما ولّد مصطلحًا جديدًا وهو "الصحة الإنجابية"، ويهدف إلى معالجة الإشكاليات الناتجة من وظيفة المرأة بوصفها أمَّا على مستوى الإنجاب، والتي قد تقف عائقًا أمام ممارستها لدَوْرها الجندري المساوي لدور الرجل، ومِن هذه الإشكاليات أيضًا الحملُ والرَّضاعة، وغيرها من الوظائف الفيزيولوجية للمرأة، ومن هنا فلها الأحقية المطلقة في الإجهاض ،كل هذه التبريرات التي تتوخى الوصول الى ان تقاسم الوظائف لا علاقة له بالجنس سواء كان ذكرا أو انثى او جنسا ثالثا . وتزيد في ادخال مفاهيم النسوانية الجندرية حيث نجد ان شكل الاسرة وفقا لمفهوم الجندر ولكتاب "الأسرة وتحديات المستقبل" من مطبوعات الأممالمتحدة فإنَّ الأسرة يمكن تصنيفها إلى 12 شكلاً ونمطًا، ومنها أُسر الجنس الواحد؛ أي: أُسر الشواذ، وتشمل أيضًا النساء والرجال الذين يعيشون معاً بلا زواج، والنساء اللاتي ينجبن الأطفال سفاحاً، ويحتفظن وينفقن عليهم، ويطلق على هذا التشكيل اسم الأسرة ذات العائل المنفرد، وتسمى الأم ب (الأم المعيلة). وهذا التغير في شكل الأسرة يعني فيما يعنيه ضمن النسق الجندري تغيير الأنماط الوظيفية المعهودة للأب والأم في الأسرة. كما ان هذا التيار تجده في وقت ما سيطالب كما طالب العديد من الجمعيات باحقية الفئات الأخرى غير الطبيعية مثل الشواذ والسحاقيين بحقهم في العيش والاعتراف بحقوقهم الطبيعية ،حيث جاء في التقرير الذي أعدتْه لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة؛ 2004م، اعترافٌ رسميُّ بالشذوذ وحماية حقوق الشواذ، والسعي لقَبولهم مِن قِبل المجتمع، وعَدِّ ذلك تعبيرًا عن المشاعر، ودعمًا لتعليم الممارسة الجنسيَّة بمختلف أشكالها الطبيعيَّة والشاذَّة(7). ويترتب على مفهوم "الجندر" إشعال العداء بين الجنسين وكأنهما متناقضان ومتنافران كما جاء في أوراق المؤتمر الدولي لتحديات الدراسات النسوية في القرن 21 الذي نظمه مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية في جامعة صنعاء في اليمن، وعليه يُزج بالجنسين في صراع إثبات الذات بشكل فرداني متمحور حولها. كما ان مهندسو هذا التيار النسواني يميل الى إعادة صياغة اللغة، وذلك لإثبات ما يمكن تسميته بالتحيز للذكر يمكن ملاحظة الكلمات الآتية في اللغة الإنجليزية والتي تدل على تبعية المرأة للرجل وعدم إمكان وجودها مستقبلاً كإنسان إلا من خلال الرجل: إنسان (Hu-man)، امرأة (Wo-man) ولو حذفت كلمة رجل (man) لضاعت وسائل المرأة من الوجود في اللغة. المشكلة أنه عندما تطرح الأنثوية كلمات مثل "جندر" بدلاً من رجل وامرأة لوصف العلاقة بين الجنسين وكلمة "فمينيزم" (feminism) للتعبير عن حركة النساء فإن الذي تغير ليس للتعبير عن حركة النساء فإن الذي تغير ليس حروفاً وكلمات وإنما مضامين ومعاني وثقافة وفكر. وقد كانت المناداة بملكية المرأة لجسدها دعوة للإباحية الجنسية والتبرج والتعري بين مجتمع النساء و نادت الحركة النسوية وخصوصاً بعد فترة الستينيات إلى شعار مؤداه أن المرأة تملك جسدها، وهذه الدعوة الخطرة تقتضي أموراً عدة منه: الدعوة للإباحية الجنسية ومن المشكلات التي خلفتها هذه الظاهرة أمهات غير متزوجات وأغلبهن في أعمار المراهقة، ومنها أيضًا التبرج الشديد والتعري. تسعى المنظمات الدولية بدأب لفرض رؤيتها المتعلق بالمصطلح في أوساط المؤسسات النسوية العربية والمغربية رغم أن المجتمع العربي حمّال أنساق اجتماعية وثقافية وحضارية مختلفة عمّا هي عليه في البيئة الحاضنة للمصطلح والمتبنية لرؤاه، واستشراء المفهوم في نسيج المجتمع العربي وداخل المنظمات العربية النسوية وغيرها دون وعي يشكل تهديدًا حقيقيًّا لنسيج المجتمع العربي الذي يعتمد الأسرة بشكلها الأوحد ووظائف أفرادها الفطرية نواةً متماسكة حاملة له مما ينذر إلى جانب مخاطر تفكيك الأسرة التي تعدّ من آخر الحصون التي يتفاخر بها المسلمون على الغربيّين بإحداث هوَّةٍ خطيرةٍ بين الجنسين لتقوم العلاقات بينهما على التناقض والتّصادم بدلًا من التّكامل من خلال فهم كلّ جنسٍ خصائصه وقدراته ومهامه. وعليه يبقى السؤال الموجه الى تيار التمكين بخصوصياته ومرجعياته الكونية الحضارية في تفكيك أدوات الخطاب النسواني المعولم بمقومات ومرجعيات غربية ،قد تعيد توازنا جمعيا في المجتمع المغربي .يتبع . * مؤسسة تراحم للدراسات والأبحاث الاسرية