لا أحد يجادل في أن اللائحة الوطنية، حين التوافق على اعتمادها بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية، كان لها أهداف وغايات نبيلة تتمثل أساسا في الرفع من تمثيلية الشباب داخل مؤسسة البرلمان وإدماجهم في تدبير الشأن العام، إلا أن التنزيل الميداني أظهر كثير عيوب ونقائص تمثلت أساسا في طريقة تدبير واختيار الأسماء التي حظيت بالمراتب الأولى في اللائحة. إن تنزيل العمل باللائحة الوطنية للشباب بين أنها حق ومكتسب مهم أريد به باطل، فعوض ان تكون آلية لتجديد النخب أصبحت مدخلا للريع والمحسوبية والزبونية وذلك على حساب الكفاءة والانتماء الحزبي والسياسي. حتى أنها استعملت في كثير من الحالات، حتى لا أقول في جلها، في إغراق التنظيمات الشبابية في تشنجات وصراعات لا حصر لها، بسبب التسابق المحموم والعنيف في كثير من الأوقات نحو تصدر هذه القوائم وانفراد طرف دون غيره بهندستها وتشكيلتها بعيدا عن مؤسسات وأجهزة الحزب المعنية بالأمر. والنتيجة الكارثية لذلك هو ما نراه قبيل كل محطة انتخابية من صراعات وكولسة وتقرب وتملق للنافذين من داخل الحزب للحصول على "تعيين" في اللائحة عوض إجراء الأمر عن طريق الانتخاب أو التوافق بين شابات وشباب الحزب الواحد كأقل ما يمكن إقراره. اللائحة الوطنية للشباب اجتهاد تم العمل به في سياق وطني ودولي معين، وهي ليست قرآنا منزلا ولا صكا موثقا في حوزة القيادات الحزبية، وبما أن الواقع يؤكد أن إجماعا قد تحقق على عدم نجاعتها وفعاليتها بالشكل المطلوب والمنتظر منها، فلن يكون من الأجدر الاستمرار في العمل به، والتفرغ للبحث عن صيغ أكثر إبداعا، تمكن من الاستفادة من الكفاءات والطاقات التي يزخر بها الوطن، والتفرغ، بالمقابل، للانكباب على تقوية البنية التنظيمية للشبيبات الحزبية وتنويع وتجويد فضاءات الاستقبال وطرق وآليات الاستقطاب ومجالات التكوين والتأطير والترافع. إن القضايا الوطنية الراهنة والتي تتواتر متغيراتها في سياق وطني ودولي متسم بالتفاعل والتجدد وتزايد المعطيات والمستجدات، يتطلب منا الترفع على حصر الذات التنظيمية في صراعات هامشية لا تقدم ولا تأخر، بل لا تسهم في الإسهام في بناء شبيبة مواطنة، قوية وقريبة من هموم وتساؤلات وانتظارات الشباب المغاربة.