يعتبر العالم 25 نونبر من كل سنة يوما دوليا للقضاء على العنف ضد المرأة يتم تخليده عل إثر إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، الذي يعرف العنف ضد المرأة بأنه : "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة." وحيث أن هذه الدينامية العالمية ساهمت في خلق وعي إنساني واسع استطاع على مدار أزيد من 27 سنة في التصدي لهذه الآفة وتطوير الآليات القانونية والمؤسساتية التي تؤطر سبل الحماية والمعالجة والتكفل الخاصة ، سعيا للحد منها ومحاصرته ،.إلا أن تخليده لهذه السنة يأتي ضمن سياق استثنائي، تطبعه الأزمة الصحية التي فاقمت من معاناة النساء لاسيما إبان فترة الحجر الصحي الشامل، حيث أن العديد من الإجراءات الرامية إلى الحد من تفشي جائحة (كوفيد-19)، المرتبطة أساسا بالإغلاق الشامل أو الجزئي ، زادت من حالات العنف الجسدي والنفسي الذي طال النساء والفتيات، لاسيما أن الأزمة الصحية على مدى الأشهر الماضية ، واكبتها أزمة اقتصادية ساهمت في تراجع موارد الأسر المالية والعديد منها أصبح يعيش على مساعدات الدولة أو المحسنين، وهذا ما أكده البحث الوطني حول الأسر إبان فترة الحجر الصحي المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط. وفي كلمة لها بهذه المناسبة ، أكدت المديرة العامة لليونسكو " أنه وبينما يواجه العالم أزمة صحية، واقتصادية، واجتماعية غير مسبوقة، ينبغي أن ننتبه إلى أنه إلى جانب جائحة (كوفيد-19)، هناك جائحة لا يتم تسليط الضوء عليها بالشكل الكافي، وهي العنف ضد النساء والفتيات، مؤكدة السيدة أزولاي أن أعداد النساء المعنفات مرشحة للارتفاع إبان فترة الجائحة ، بسبب اضطرار العديد من النساء والفتيات إلى لزوم المنازل في الحجر الصحي مع معنفيهم، مبرزة أنه بحسب المعطيات المتوفرة في العديد من الدول، فقد ارتفع العنف المنزلي ب 30 بالمائة في المتوسط". ونظرا لهذه الظروف الاستثنائية سيتم خلال هذه السنة، على مدى أسبوعين ما بين 25 نونبر و10 دجنبر 2020 توحيد جبهة العمل ، من أجل دعم ضحايا العنف وتقاسم المعلومات الكفيلة بالوقاية للحد منه . ليبقى السؤال الراهن حول هذه الآفة المجتمعية والتي تجاوزت حدود الظاهرة ،على ضوء ما سبق هو ما أهمية العامل الاقتصادي في تنامي مختلف أشكال العنف ضد النساء والفتيات خلال فترة انتشار وباء كورونا، لاسيما مع فقدان العديد من النساء كما الرجال لأعمالهم وعائداتهم المالية ،وتراكم مديونية الأسر عموما . بما أن النساء كثير منهن أصبحن يدبرن موارد الأسر إما إعالة أو إعاشة ، فإنه من الطبيعي أن يخضعن لضغوط نفسية واقتصادية واجتماعية كبيرة ،تتفاقم إذا لم يجدن مساندة من الطرف الآخر أي كان موقعه ضمن الأسرة . فمن الطبيعي كمخرجات لوضع متأزم أن يتنامى العنف لاسيما إذا كانت هناك عوامل أخرى تؤججه كالإدمان أو الجنوح. يقول الدكتور حسن أوريد "أن جائحة كرونا أدخلت العالم في اللايقين ." والأكيد أن جزء من هذا اللايقين هو حدوث خلل على مستوى المنظومة العلائقية المجتمعية التي ستؤثر على التعايش التكاملي بين أفراد المجتمع ، لاسيما أن العديد من الخبراء يؤكدون أن تداعياتها ستمتد لأزيد من أربع سنوات المقبلة ، في عالم كلما قلت موارده كلما زادت التفاوتات بين مجتمعاته. و لا أحد يمكن أن يتوقع ما يمكن أن يحمله المستقبل من أزمات مشابهة ، ستزيد من حجم التحديات على كاهل النساء تترجم في غالبها إلى ممارسات عنف مباشر أو غير مباشر . * إيمان لعوينا