تنشر جريدة "العمق"، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب "مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال"* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين. ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: "التاريخ .. مملكة ذات شرعية" ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: "الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين" ويشمل 8 فصول. أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: "المجتمع .. رصيد من التراكمات"، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع ب "الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها"، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: "السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين"، ويشمل 15 فصلا. القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: "الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة"، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث "كل شيء من أجل الصحراء". وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه "مملكة التناقضات". الحلقة العاشرة: هل المغرب كان دائما مملكة؟ لقد تعاقبت على حكم المغرب سبع أو ثماني سلالات منذ القرن التاسع الميلادي وكان يعرف منذ فترة طويلة باسم "مملكة فاس"، العاصمة التي أسسها الأدارسة، أما في المجال العربي، كان يسمى مملكة أو خلافة "المغرب الأقصى". أصبحت هذه المملكة الإسلامية، التي كانت شيعية في البداية، سنية في القرن العاشر. في ذلك الوقت، كان تدبير شؤون البلاد والعباد تمارسه باسم الدين حكومة المسلمين من خلال الخلفاء، الذين ينحدرون من سلالة استحوذت على السلطة بالقوة وخضعت لها الرقاب وقد تزعم أنها محاطة بالبركة الإلهية. بلغت القوة الإمبريالية للخلافة في المغرب الأقصى أوج قوتها خلال حكم الأسرتين الأمازيغيتين المرابطية ثم الموحدية (القرن الحادي عشر والقرن الثاني عشر) وكانت هذه الإمبراطورية تشمل الأندلس والمغرب الأوسط بل حتى الجانب الشرقي (تونس الحالية) تحت حكم الموحدين. ابتداء من القرن السادس عشر، أفسحت هذه الأسر الحاكمة المجال لعائلات عربية تزعم ارتباطها بالنسب النبوي الشريف وقد برز منها بعض السلاطين العظماء مثل أحمد المنصور الذهبي من الأسرة السعدية ثم مولاي إسماعيل من العلويين وهم الذين احتلوا (...) مصادر الذهب في تومبكتو في بلاد مالي. لم تعد القوة الإمبراطورية أندلسية بل أصبحت صحراوية وأفريقية وبحرية مع تنامي القرصنة وغدا من الضروري مقاومة الهجمات الإسبانية والعثمانية باستمرار. في هذه الظروف تتوسع الإمبراطورية طالما أن القبائل الخاضعة لها منقادة وتدفع الضرائب والمكوس وتدعو للخليفة على المنابر. عندما أصبح المغرب دولة وطنية في عام 1956، ثم مملكة في عام 1957، لم يعد إمبراطورية كما هو الحال في الماضي . في الواقع، وفي القانون الدولي، هذه الدولة الوطنية لها كل سمات سابقتها الإمبراطورية ولكن في عقلية وتصورات النخب، بقي الأمر غامضا كما تدل على ذلك "خريطة المغرب الكبير" التي رسمها الزعيم الوطني علال الفاسي عام 1958. وهي الخريطة التي تتوافق إلى حد ما مع التوسع الأقصى للسلاطين المذكورين أعلاه وتمتد جنوبا إلى نهر السنغال وقلب الصحراء الجزائرية. كان المغرب كدولة، ملزما بالاعتراف بالحدود الدولية المستمدة من الاستعمار، ولا سيما الحدود مع الجزائر وموريتانيا. ومن هذا الرفض سيولد نزاع الصحراء الذي يستمر منذ أربعين عاماً، رغم أن معظم أراضي الصحراء مندمجة بحكم الواقع في المجال المغربي. وقد انعكست بقايا هذه العقلية الإمبراطورية في أوائل القرن الحادي والعشرين، خلال جولات الملك محمد السادس الطويلة في بلدان منطقة الساحل حيث قدم نفسه كمدافع عن الإسلام المعتدل وعن السلام وعرض خدمات المغرب لتدريب أئمة مالي وبلدان الساحل الإفريقية. ترجمة: العمق المغربي يتبع ... تنويه: ما يرد في السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة "العمق المغربي".