ما رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في كل هاته السياسات التعليمية المتسمة بالتخبط والارتجالية التي تنتهجها الحكومة؟ لماذا تبخر دوره الاستشاري رغم كونه هيئة استشارية مستقلة أحدثت بمقتضى الفصل 168 من الدستور من أجل ضمان الحكامة الجيدة والتنمية المستدامة والديموقراطية التشاركية؟ أين اختفى دوره الدستوري المتمثل في تنوير أصحاب القرار والفاعلين في المجال وكذا الرأي العام من خلال قيامه بالعملية التقيمية لأداء المنظومة التعليمية؟ هل من الحكامة أن يتم تعيين مجلس يضم 100 عضو ويكلفون ميزانية الدولة أموالا ضخمة مقابل أداء ضعيف وقطاع يوما بعد يوم تتكشف أعطابه؟ لما عجز هذا المجلس عن مواجهة عبث مالكي زمام القرار على الرغم من كون تركيبته تضم 20 عضوا من فئة الخبراء والمتخصصين يعينهم الملك من بين الشخصيات المشهود لها بالخبرة والكفاءة في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي و 26 عضوا يمثلون الحكومة والمؤسسات الأكاديمية والعلمية والبرلمان و 54 عضوا من ممثلي النقابات التعليمية والأطر التربوية والإدارية..؟ أين وصلت رؤيته الإستراتيجية للإصلاح (2015 - 2030) والتي يسعى من خلالها إلى رسم خريطة طريق من أجل إرساء منظومة تعليمية جديدة قوامها الإنصاف وتكافؤ الفرص وتحقيق الجودة والكفاءة للجميع والارتقاء بالفرد والمجتمع؟ ألا يعتبر مغادرة 431 ألف و876 تلميذا(ة) من سلكي الابتدائي الثانوي الاعدادي لفصول الدراسة قبل حصولهم على الشهادة الابتدائية بمثابة مؤشر دال على فشل المنظومة التعليمية بالمغرب؟ ألم يكن حري بالوزارة والمجلس الوصيان على القطاع أن يلتقطوا الإشارة مما خلصت إليه مذكرة المندوبية السامية للتخطيط بكون 83,5% من المتمدرسين في التعليم الأولي لم يتابعوا الدروس عن بعد. كما أن 68,3% رأوا في هذه الخيار من الدراسة بأنه لا يغطي المقرر بالكامل؟ ألم يكن اختيار 80 في المائة من أباء وأولياء التلاميذ متابعة أبناءهم الدراسة عن قرب بمثابة مؤشر على فشل منظومة التعليم عن بعد وكشف عورها وأعطابها؟ أليس من غير المستساغ أن تقرر الحكومة ليلة الدخول المدرسي إغلاق جميع المؤسسات التعليمية واعتماد إلزامية التعليم عن بعد بمدينة البيضاء رغم سابق تخيير أباء وأولياء التلاميذ في نفس الأسبوع بين التعليم عن بعد والتعليم عن قرب،وبعد تحديد آخر أجل للتسجيل في 03 شثنبر، وبعد تحصيل واجبات التسجيل والتأمين وأداء الأقساط الشهرية واقتناء اللوازم الدراسية؟ * محام وباحث في القانون الدولي الانساني