ناهى الى علمي وجود مذكرة في شكل عريضة مفتوحة للتوقيع قبل ان اعلم من خلال وسائل الاعلام انها قدمت الى قيادة الحزب ومؤسساته التقريرية والتنفيذية . وهي عريضة عنونها اصحابها بمبادرة النقد والتقويم وبرروا لها بانعدام فضاءات مؤسسية في الحزب والشبيبة للمناقشة والانصات لصوت القواعد وان النقاشات الجدية تظل حبيسة المقاهي واللقاءات والاخوية ومواقع التواصل الاجتماعي وان هذه اللحوء الى هذه العريضة املاه الملل من اعتماد الاليات التنظيمية والمؤسساتية لايصال صوت القواعد الى قيادة الحزب وفرضته خيبة الامل المعلنة من المجلس الوطني في معالجة ما عاشه الحزب من هزات وما شهده من اختلافات في وجهات النظر وانسداد الفضاءات ومراهنة قيادة الحزب والشبيبة على الوقت لاطفاء نار الغضب حسب المذكرة. وهو ما حدا بها الى الاعلان عن مطلب عقد مؤتمر استثنائي للحزب بهدف استعادة هويته الوطنية والنضالية ومنع تحوله الى حزب اداري يستنزف ما تبقى من رصيده ويفقده وطنيته واستقلاليته . وطالبت المذكرة الخزب في الختام بان بعطي نفسه فرصة ليستعيد انفاسه بعد سنوات من المشاركة في العمل السياسي لاعادة وترتيب بيته الداخلي لان الانتخابات لا تهم امام ما يقع للحزب من اجل استعادة انفاسه قبل ان يتيه في دوامة التسيير والتدبير . وهو ما يستوجب الدعوة الى مؤتمر استثنائي عبر سلوك مسطرة المادة 24 من القانون الداخلي التي تفرض نصاب ثلثي الاعضاء لعقد هذا المؤتمر الاستثنائي . وتفاعلا مع ما حاء في هذه المبادرة يمكن التنبيه الى ان هذه العريضة قد ايهبت في طرح بعض المبررات واحكام القيمة، لكنها لم تقدم اي جديد على ما سبق طرحه في العديد من المحطات والمناسبات وكذا في العديد من الهيئات ما عدا ما كررته من اتهامات تداولته بعض صفحات الفيسبوك اتجاه بعض القيادات في الحزب والشبيبة فضلا عما مارسته من اختزالية وانتقائية فيما طرحته من احكام واسئلة وتبريرات والنطق باسم قواعد الحزب والشبيبة دونما تفويض او تمثيل . ان ما استوقفني اكثر في هذه العريضة هو الشطط في الاتهامات والتعسف في ربط بعض الاسباب ببعض المسببات اثناء ما اعتبرته تقييما للمرحلة ومن تحميل الحزب ومؤسساته المسؤولية عن بعض اعطاب السياسة واراغامات الديموقراطية ببلادنا مقابل اغفال وربما تبرئة الفاعلين الحقيقيين عن الوضع والمتسببين فيه والانكار للظروف غير الذاتية . ودون رغبة في تبرئة الحزب في المنسوب اليه ولو من باب المسؤولية التقصيرية وبعيدا عن اي لغة تبريرية او منحى للدفاع عن الحزب او عن قيادته، وبعيدا عن اي حيثيات مسطرية او تقنية او قانونية في التعامل مع هذه العريضة، وبعيدا عن المجاملة التي سقط فيها بلاغ مكتب المجلس الذي غلف الموقف الطبيعي لمؤسسة يخولها القانون بعض الصلاخيات ضمن مساطر محدد مما كان يفرض عليها ان ان الدفع بسقوط العريضة لانعدام الصفة وعدم الاختصاص وليس بتوجيه المعني بالامر الى تصحيح المسطرة، الا انني اجد نفسي من باب واجب الكلمة وقياما بروح المسؤولية التاريخية والوضوح في التعامل مع هذه المسلكيات هو اعلان التمايز مع هذا الاسلوب ورفض هذه الطريقة في النضال وعدم الركون الى الصمت الذي اصبح نهجا وسلوكا في الحزب و اتجاه مؤسساته ومشروعه وقيمه، ومواصلة لمنهج الانتصار للمبدأ والفكرة والقيم والموقف ايا كان الموقع او الشخص، اجدني مضرا للتذكير بالثوابت التالية : 1- ان الدعوة الى عقد مؤتمر استثنائي للحزب تظل دعوة مشروعة وفكرة قابلة للمناقشة شرط ان تكون مؤسسة على فكرة سياسية قوية تسند هذه الدعوة وتبررها وان تتأسس على قراءة متماسكة تبرهن على ان الامكان الحزبي المؤسسي اضحى عاجزا عن حملها والدفاع عنها من قبيل الدفع بسقوط مشروعية نتائج المؤتمر العادي وانتهاء الشرعية التي اكتسبتها المؤسسات المنبثقة عنه او كنتيجة لاقالة الامين العام بالمسطرة المعتمدة لذلك او غيرها من المبررات القوية وهو ما لم تقله العريضة ولم تذهب اليه . اما الركون الى ما اوردته العريضة من نقاش في تقييم الاداء او المواقف ونقد لبعض المسلكيات فان مؤسسات الحزب تتسع لما هو اكثر جدرية منه واجرأ مما اوردته العريضة مما يجعل هذه الدعوة لا ترقى الى مستوى الاستثناء الذي يقتضي سلوك المساطر الاستثنائية لعقد مؤتمر استثنائي . يحعل الدعوة لا تنطوي على اي جرأة سوى ما قامت به من اجراة مسطرية لما طرحه البعض في ملتقى الشبيبة وما يتداوله البعض من همسات وقد كان حري بمعدي المذكرة ان يفصحوا عن بعض الاشارات المضمرة للقول ان هدف هذه الدعوة هو اتاحة الفرصة لعودة بنكيران الى قمرة القيادة ضمن عرض سياسي لكسب رهان 2021 وتأمين ولاية ثالثة للعدالة والتنمية في قيادة الحكومة المقبلة او على الاقل للرد على ما طرح اعلاميا من امكانية التحجيم الذاتي للوزن الانتخابي للحزب لتفادي البلوكاج السياسي في حال تصدر الحزب مرة اخرى للانتخابات المقبلة . ان مناقشة من هذا القبيل هو الذي يمكن ان يبرر همذا دعوة ويطلق نقاشا سياسيا جديرا بتبادل وجهة للنظر ومناقشة مآله. وهو الذي يمكن ان يسمح بمناقشة فكرة سياسية بفكرة مماثلة ومناقشة عرض سياسي بعروض سياسية منافسة او مقابلة ومن ثم امكانية النظر في راهنية وجدوى الدعوة الى مؤتمر استثنائي قبلي او بعدي بحسب مآلات النقاش ووجاهة المرافعات السياسية . 2- ان ما عرضته المذكرة/ العريضة من اراء ومبررات ليس فيه من جديد على ما سبق طرحه بلغة امتن وسقف اعلى وصوت ارفع وتجدر اكبر في محطات الحوار الداخلي بما في ذلك الدعوة الى نؤتمر استثنائي لاعادة بنكيران ومن تقييم للمرحلة بكل محطاتها ومواقفها وخطابها واطروحتها . 3- ان مسلكيات الاحتكام الى لغة العرائض وجمع التوقيعات رغم ما تظهره من حيوية موهومة وما تضفيه على الذات من شعور نفسي بالفاعلية قد تجلب بعض الثناء الاعلامي والمجاملة الداخلية الا انها لا تنتمي الى المنهج الحواري وانما تنتمي الى منهج التغالب والتصارع والتنازع المفضي الى التفرق وشق الصفوف اكثر من اندراجها في منهج بنائي نقدي بافق تطويري قادر على اجتراح نهج في الحوار والنقاش المسؤول المنتج للافكار والاطاريح وعلى تأهيل الاداة الحزبية لحمل مشروع الاصلاح والقدرة على الدفاع عنه والاقناع به . 4- ان العريضة لم تتضمن ما يقنع أو يبرر عجز الفضاءات التي أتاحها الحوار الداخلي او التي وفرتها مؤسسات الحزب وفضاءاته ومناسباته عن احتضان مضامينها، بل ان ما يتم تداوله فيها يعتبر اعلى سقفها بكثير مما اوردته المذكرة واكثر جرأة على ما اوردته من احكام بخصوص تقييم هذه الفضاءات والمؤسسات وفي كل الاحوال فان مسلك العرائض والتوقيعات يظل غريبا عن المنهجيات المعتمدة في المدرسة السياسية التي ينتمي اليها العدالة والتنمية . 5- انني انحاز الى ضرورة الانخراط الجدي في تقييم المرحلة في شرطها الموضوعي وفي شرطها الذاتي المتمثل في المؤهل الحزبي في علاقته بالأسئلة السياسية الكبرى وعدم الانغناس في مناقشة التمظرات المشخصنة او الانشغال بالاعراض الظاهرة وليس بالاسباب الفعلية، اقتناعا مني باننا لسنا امام ازمة مختزلة في بعد حزبي فقط بقدر ما هي ازمة في منظومة الوساطة بين الدولة والمجتمع ككل، وان الامر لا يمكن اختزاله في فشل قيادة حزبية سابقة او لاحقة بقدر ما هو محالة لافشال منظومة سياسة برمتها للسماح بتغول الادوات غير السياسية وتأبيد هيمنتها على القرار العمومي بعد ان اضطرارت هذه الادوات للخروج العلني للسطو على الشأن العام بعد فشل وصفاتها السابقة في انتداب كائن حزبي لتمثيلها على المستوى القطري داخل كل دولة، ضمن نسق عالمي للحكم المافيوزي العابر للقارات والساعي الى توسع مجال صراع النفوذ على منابع الثروة ومسلك نقلها ومنافذ تصريفها والسعى الى اعادة تموقع مراكز نفوذها في جغرافية الهشاشة الدينية والطائفية والعرقية والسياسية.وان ما يجري هو جزء من الهجوم الممنهج على مقدرات الشعوب والدول ومظان الصمود فيها ومصادر المقاومة لديها بما فيهاالاحزاب ذات المرجعية الاسلانية او ءات النزعة الديموقراطية ومنها حزب العدالة والتنمية ومنظومة. لذلك فأي نقاش بعيد عن هذا التأطير يظل مفتقدا للبوصلة السياسية ويحتاج الى مراجعة عميقة ولمثله تعقد المؤتمرات الاستثنائية وتعد العروض السياسية البديلة بعيدا عن الجاهز او المألوف وخارج اي اصطفاف او شخصنة . الله اعلم