عبر التاريخ، يشكل الضوء 1خطر ما قد تتعرض له المنظمات المافياوية، فجل عرابي هذه المنظمات يزداد نفوذهم وقوتهم بقدر غموضهم وقدرتهم على التخفي، وكلما وصلت أشعة الضوء إلى عراب إحدى العائلات المافياوية إلا وفقد هذا العراب أهميته وسطوته وغالبا ما يصبح ورقة محروقة يتم التضحية بها أو التخلص منها. لقد طور العراب عبر تاريخ المافيا خبرة مهمة في العمل من خلف الستار وفي استراتيجيات التخفي وتحريك الدمى عن بعد، ويوظف العراب في ذلك سلاح أساسي يتمثل في شبكة الاتصال، وشبكة الاتصال ليست مجرد أداة للعراب لتبادل المعلومات واستغلالها، بل هي أكثر من ذلك أداة لبناء النفوذ وتوسيع دوائر السيطرة. العراب بشكل بسيط يكفيه امتلاك رقم هاتف لمسؤول كبير في الإدارة مثلا لتحريك عجلة انتاج المافيا، فالعراب الذي يمتلك هاتف مسؤول مركزي في وزارة من الوزارات المهمة يستغل هذا الهاتف للحصول على امتياز لمقاول كبير ما يمنح العراب هيبة إمام هذا المسؤول ولا تتأخر العجلة في الدوران، ليطلب العراب من المقاول تمويل حملة سياسي للوصول إلى وزارة وبعد الحصول على الوزارة يحصل العراب من الوزير على تعيين مسؤول كبير وهذا المسؤول بدوره يشكل أداة للعراب لإرهاب رجال الأعمال ورجال الأعمال يمولون للعراب إرشاء المسؤولين، والمسؤولون يمنحون للعراب القدرة على إرهاب باقي المستثمرين ولأن الرأسمال جبان فالعراب يستغل رجال الأعمال ويتباهى بشبكة اتصالاته وينشر أسطورة انجازاته والخدمات التي قدمها لمساعديه بمجرد اتصال هاتفي وقدرته على تنصيب مؤيديه في مواقع المسؤولية وعلى عرقلة مشاريع المستثمرين الذين يعارضون العراب، إنها الأسطورة التي يستغلها العراب للضغط على رجال الأعمال لشراء الصحف وتمويل السياسيين الفاسدين الذين يشكلون أداة للعراب للتحكم في المسرحية. هكذا كان الحال في المنظمات المافياوية الإيطالية وهكذا حاولت المافيا الأمريكية في الثلاثينات وهكذا نشأت المافيا الروسية من طرف عناصر الكاجيبي بعد سقوط الاتحاد السوفياثي، معتمدة بشكل قوي على العلاقات العائلية والدموية والقبلية. إنها حياة العراب النموذجية، وعادة ما تكون نهايته النموذجية في خروجه إلى الواجهة. هذا مقال نظري حول العراب وكل تشابه في الوقائع هو من باب الصدفة والأيام كفيلة بإثبات المقصود.