لا زلت أومن بإمكانية ولادة مغرب جديد، من وسط فيروس كورونا، ويمكن لهذا البلد الجميل، أن يكون أول أسد إفريقي، على وزن النمور الآسيوية، ولكن الانبثاق تبدأ فصوله الأولى، من قلب أزمة كورونا. ومن حلم جميل، لتمرين تصدي مغربي لفيروس كورونا، تتالى مرور كوابيس تنغص على الحالمين، لتعيدهم إلى أرض الواقع من جديد. فأخيرا وليس آخرا، استجابت الحكومة المغربية لنبض جزء من الشارع المغربي، المعبر عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بتعليق مناقشة مشروع قانون تفصيل أكبر كمامة، لمواقع التواصل الاجتماعي، تمرين حاولت القيام به دول أوروبية وغربية، ولكنها وضعت المشاريع في ثلاجات البرلمان. في بداية القصة، كان المغاربة في صف موحد، يعزفون نشيدا وطنيا واحدا، للالتزام بالحجر الصحي المنزلي الجماعي، في مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات، مع جائحة غير مسبوقة، في الزمن الحديث اسمها فيروس كورونا. ولضرب هذه اللحظة الوطنية الجديدة، ولنسف ثورة جديدة في المغرب، يين الملك والشعب، أطلت علينا تسريبات مشؤومة لمشروع قانون الكمامة. أعتقد أن واضع هذا المشروع، يفكر خارج الزمن السياسي، وبعيدا عن مغاربة تطببقات ومواقع التواصل الاجتماعي؛ ويريد عن قصد أو عن غير قصد، نسف كل تراكمات المغرب الحقوقية والقانونية، منذ الاستقلال، ومرورا بالتناوب الحكومي ، وبتجربة العدالة الانتقالية، وبدستور الربيع المغربي الناعم. وبيننا في المغرب، للأسف الشديد، من ينتظر فقط انهيار البلد، أو فشله في مواجهة فيروس كورونا، ليرفع رايات النصر، لأنه يعتبر بلده عدوا أو مجرد بقرة حلوب، يلعب معها رياضته السياسية المفضلة أي الابتزاز. وبيننا من يمارس رياضته المفضلة أيضا في المعارضة، ولو في جائحة تهدد استمرار الجنس البشري، ويطلق نيران كلماته وبياناته اتجاه كل شيء، لأن رأسماله قائم على المعارضة، لأنه معارض يلبس جلباب الصحافي أو الحقوقي أو الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي. ففي زمن الأزمات، وفي زمن الحرب على فيروس كورونا، نسيت الشعوب خلافاتها، ووحدت أسلحتها في اتجاه عدو غير مرئي، تسبب في أكبر إغلاق وانهيار، يعيشه كوكب الأرض، منذ الحرب العالمية الثانية. ولما وقف جانب من الرأي العام المغربي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ضد مشروع قانون الكمامة، تبرأت العائلة الحزبية من هذا المولود، وخرجت الأحزاب السياسية المشاركة في التحالف الحكومي، تعلن أنها براء من هذا النص. تشبه الأحزاب السياسية المغربية في النهاية، جمهورا ينتظر الفرجة على أي شيء، وقبض الثمن دسما سواء في المعارضة أو في التحالف الحكومي المغربي. وتمارس ما بقي من الصحافة المغربية، دورها في تسليط الأضواء بمهنية، على المشهد المغربي في زمن فيروس كورونا، بإنجازات البلد، وبأخطاء الطبقة السياسية، وسط غياب احترافي لتواصل حكومي، حيال تفاصيل المرحلة المقبلة من تدبير المعركة مع الجائحة. وأرفع القبعة عاليا لما تبقى من العائلة الصحافية المهنية المغربية، في أسوأ مرحلة تعيشها المهنة، بعد خضوعها لمسلسل إضعاف تاريخي، وضرب الصفوف، نهاية بإدخال وافدين جددا، اسمهم الكهربائيون، فأصبحوا يحملون البوق ويجولون في كل سوق، وينسفون كل ذوق، مع عبارات رنانة كعاجل وكحصري وكشاهد قبل الحذف. تحتاج الصحافة المغربية في زمن فيروس كورونا، إلى من يخرجها من محنتها، عبر إعادة الاعتبار المالي والمهني، لأن الصحافيين واقفين في الصفوف الأمامية، إلى جانب الجيش الأبيض، ولكن الحكومة المغربية قدمت 0 مبادرة، لدعم المهنيين في بلاط صاحبة الجلالة، وسط أخبار عن تقليص في الرواتب، في مؤسسات إعلامية مغربية، فهل يعقل أن يقبض صحافي مهني دعما ماليا ب 2000 درهم مغربي، من صندوق مواجهة جائحة فيروس كورونا في المغرب؟؟؟ وتستمر التجربة المغربية في مواجهة فيروس كورون، والجديد زيادة الحكومة المغربية، في جرعة مطالبة المواطنين بالتزام الحجر الصحي المنزلي، وقواعد التباعد الاجتماعي، في انتظار 20 ماي 2020، أي نهاية الشهر الثاني على التوالي من قانون الطوارئ الصحية. ففي المعارك الكبرى ذات الطابع المصيري، وهذا درس تاريخي، يقع الفرز بين من يرى وطنه، وعاء كبيرا، يسع كل الأحلام، وبين من يرى الوطن مجرد مصعد سريع للوصول، أو سلم خشبي بدرجات محدودة، ولكن مستعمله يحاول معانقة السماء.