عندما نغوص بحثا في التاريخ، تتفجر أنهار الذكريات و الأحداث وتلوح في الأفق عبر ومشاهد ولحظات، لطالما طبعت مرحلة من مراحل الزمن، في عالم الرياضة المغربية، للذكريات طعم أخر، أحداث ومجريات ظلت ملتصقة بالذاكرة، في شهر رمضان تحاول “العمق الرياضي” من خلال سلسلة “ذاكرة رياضية”، النبش في أغوار تاريخ الرياضة المغربية والعالمية، تفوح بنسائم الفرجة و المتعة. نجم من نجوم الكرة المغربية، فنان الملاعب الهولندية، صاحب القدم اليسرى الساحرة، أنه حكيم زياش أحد نجوم الدوري الهولندي بقميص أياكس أمستردام. رأى النور في 19 مارس عام 1993 بمدينة درونتين الهولندية، عاش طفولة صعبة في أزقة المدينة بعد وفاة والده، وقتها انقلبت حياة زياش رأسا على عقب، فقد توقف عن الذهاب إلى المدرسة، ولم يعد يجد المتعة في ممارسة كرة القدم، حيث اعترف زياش أنه كان قد بدأ في تعاطي المخدرات والخمر، دخل على إثرها في دوامة يصعب الخروج منها. وتمثل حكاية زياش مصدر إلهام للناشئين، بعدما كان قريباً من ولوج طريق الانحراف، إلا أن الدولي المغربي السابق عزيز دوفيقار، لعب دورا كبيرا في مساعدة زياش ، واعادته إلى الطريق الصحيح، حيث يعتبره زياش مثل الأب البديل له. وبدأ مسيرته في نادي “هيرنيفين”، بتوجيه من عزيز دوفيقار، حيث تدرج في الفئات العمرية للفريق حتى لعب للفريق الأول عام 2012، لينتقل بعدها إلى نادي “تفينتي” ليلعب له موسمين متتاليين (2014-2016) قدّم خلالهما مستويات رائعة، بسبب قدرته الفائقة على التحكم بالكرة، ودقة تمريراته الحاسمة، مماجعل اسمه يتردد بقوة وسط عديد من الأسماء في الصحافة العالمية. وشق “المايسترو” طريقه سريعا بالدوري الهولندي، جعله محطّ أنظار العديد من كبار الاندية الأوروبية ، ليستقر مشواره في نادي أجاكس أمستردام الهولندي بعقد بلغت مدته خمس سنوات. وتألق نجم أسود الأطلس مع فريق العاصمة منذ سنة 2016، حيث شارك معه في 160 مباراة وساهم 130 هدفا ما بين صناعة وتسجيل، حقق من خلالها 3 بطولات هي “كأس هولندا، الدوري الهولندي، كأس السوبر الهولندي”، قبل أن ينتقل مؤخرا إلى تشيلسي الانجليزي لمدة 5 سنوات بداية من الموسم المقبل. وتوج “الفنان” بعدة جوائز فردية أبرزها الخاصة بأفضل لاعب في الدوري الهولندي لموسم 2017-2018، وذلك بعد تسجيله ل9 أهداف وصناعته ل17 هدفا. وعن مسيرته الدولية اختار زياش الانضمام للمنتخب المغرب سنة 2015، رغم الإغراءات التي تلقاها من قبل الاتحاد الهولندي لكرة القدم، بعدما كان مؤهلا للعب مع منتخبي هولندا أو المغرب، حيث لعب في جل الفئات السنية لمنتخب هولندا، إلى إن تم استدعاءه لأول مرة مع المنتخب الأول للمشاركة في ودية ضد الولاياتالمتحدة ولاتفيا، حيث تعرض لحملات عنصرية، بعدما وصفه ماركو فان باستن أسطورة المنتخب الهولندي بالغبي لأنه فضل اللعب لبلده الأصلي، على بلد الميلاد هولندا. وواجه زياش صعوبات في بدايته رفقة الأسود خصوصا مع هيرفي رونار، حين استُبعد من قائمة المنتخب المغربي للمشاركة في الكان بسبب انه لا يدخل ضمن فلسفته الكروية، مما أثار حفيظة زياش وخرج بتصريحات تفيد بأنه لن يلعب للمنتخب المغربي مُجددًا طالما أن رونار هو المسؤول الأول في المنتخب، وطالما لم يتلقى اعتذارا على تصريحاته التي فتحت النار عليه وفتحت شهية الصحافة لتكهنات والتأويلات. وأمام هذا الوضع، سرعان ما هدأت العاصفة، وعاد “الفنان” للنخبة الوطنية، بعد وساطة فوزي لقجع، حيث خاض إلى الآن 32 مباراة بقميص الأسود سجل خلالها 12 هدفا، كما يعتبر واحدا من أبرز اللاعبين، بعدما قاد المنتخب عن جدارة إلى مونديال روسيا 2018، بعد غياب دام 20 عاما.