"شُوف سمع زياش كيخلع". هو شعار قديم تغنّت به جماهير المنتخب المغربي عند كل إعجاب بلاعبيها في إحدى المباريات، ويعني ذلك أن الاسم الذي يتم تشجيعه بلغ حدا من النجومية والتميّز، ومثال حكيم زياش، نجم "الأسود" و"أياكس أمستردام" الهولندي يؤكّد أن اللاعب محبوب في الوسط الكروي المغربي والعالمي على حد سواء. الريفي زياش صاحب ال25 ربيعا وابن "تافوغالت"، باغت الكل بظهوره وصدم العالم بموهبته التي اكتشفها مواطنه عزيز دوفيقار، وأخرجها للوجود رغم البدايات الصعبة، بحكم مسار لم يكن يكتمل دون إصرار ولا رغبة في بلوغ ما وصل إليه الآن، فاللاعب عاش أزمة نفسية لوفاة والده في سن صغيرة لم تتعد العشر سنوات، واستقر بعد مضي سنوات في "هيرنيفن" سنة 2012. أولى التجارب صادفتها مشاكل الانسجام بمدينة جديدة، وتهوره زاد من حجمها إلى أن فضّل العدول عن قرارات كادت تنهي حلمه قبل انطلاقه، وأراد فعليا الابتعاد عن حياة لم تجر عليه إلا المشاكل، واستمر نجما ل"هيرنيفن" وظفر بمكانة رسمية أهلته لكي يكون من أفضل اللاعبين في "الإيريديفيزه" موسم 2013/2014. جسمه النحيف ويسراه الساحرة سحرت عمالقة الدوري الهولندي، ففضل "توينتي" عن الجميع سنة 2014، واغترب نحو مرحلة جدية في مساره، واستسلم للأمر الواقع وفطن لكونه "مايسترو" جديد، فرصته بين أقدامه، عليه أن يحسن استغلالها لمحو كل الصور السوداء والعقبات التي صادفها في طريقه، ليفاجئ الجميع ويستهتر بمراوغاته بغالبية المدافعين، وينال رضا الجماهير المؤمنة بولادة نجم من نجوم الكرة الهولندية، ليس بالكلام، وإنما بأرقام سنته الثانية، لتسجيله 17 هدفا و10 تمريرات حاسمة في موسم 2014/2015. هولندا هي أول من يخطب وده منتخب، مر من فئاتها إلى أن وضع قدميه في المنتخب الأول بإيعاز من غوس هيدينك أواخر سنة 2014، هي فرصة كانت ستثنيه عن حمل قميص المغرب، لكن قدر الإصابة أبعده وخبّأ له أخبارا سارة، ليغيب عن "الطواحين" وتروّج بعدها فرضية لعبه ل"الأسود" بمتابعة من الناخب الوطني بادو الزاكي سنة 2015، ليتخذ قرارا وقفت له هولندا بأكملها وكرهته بسببه لاعتباره أفضل نجوم المنتخب الهولندي مهارة في الجيل الجديد. اللقاء الأوّل مع المغاربة اختيرت له مدينة أكادير في إقصائيات العالم أمام غينيا الاستوائية، ليتم ربط صلة المحبة مع اسم زياش، ويتعرف محبو المنتخب على موهبة هولندية بجينات مغربية صمّت آذانها عن انتقادات عنصرية في بلد نشأتها من أجل الانصياع وراء نداء القلب والروح. ودّع زياش الزاكي مكتشفه في المنتخب ورحب بالناخب الجديد هيرفي رونار، ولم يكن يعلم أن "الثعلب" يريد أن يختبر مدى قدرته على التحمّل، إذ "همشه" في كأس إفريقيا بحجة وجود ذوي الخبرة، فكان الطلاق مؤقتا لرفضه مواصلة اللعب للمنتخب، قبل تدخل أهل الاختصاص لفض النزاع وانتهى الحادث بلا غالب ولا مغلوب، مع تغليب مصلحة الوطن على الأغراض النفسية. الانتقال إلى "أياكس" أعطاه هيبة أكبر ونفسا جديدا، فمتع واستمتع ونقل متعته إلى المنتخب في نزال مالي الشهير المنتهي بسداسية نظيفة، استأسد فيها شبل الغابة وأسكت بها كل منتقديه ممن شكّكوا في قدرته على التأهل لكأس العالم، بعد أن واجه ماركو فان باستن بسبب اختياراته الشخصية للمنتخب، وأجابه بعد العبور إلى روسيا وإقصاء هولندا من التصفيات: "تابعني في المونديال..". عين العالم في روسيا على ميسي وصلاح ورونالدو وهازارد، وزياش يعد عدته ليفاجئ الجميع لإسكات أفواه منتقديه، والحلم اليوم يكبر والمغامرة ستنطلق ونجاحه سيجعله "أسطورة" يتغنّى بها جيله والأجيال القادمة.