يحتفل العالم ومعه المغرب هذه السنة باليوم العالمي للممرض وهو تحت وطأة جائحة فيروس كورونا، بحيث يوجد الممرضون وتقنيو الصحة والقابلات في الصفوف الأمامية لمحاربة هذا الوباء. هذا الوباء الذي أظهر للعالم وللمجتمعات الإنسانية قيمة الممرض في المنظومة الصحية باعتباره قوة فاعلة لموجهة كوفيد 19،حسب منظمة الصحة العالمية، رغم الخصاص الذي تعرفه هذه الفئة على المستوى العالمي والمغرب على الخصوص الذي يقدر ب 64000 ممرض؛ وهو الأمر الذي يؤكد العبء والمعاناة التي تعيشها ملائكة الرحمة ببلدنا العزيز، في ظل غياب أبسط شروط وظروف العمل، وجعل الوزارة اليوم مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى الاستجابة العاجلة للمطالب المشروعة والمتراكمة وتصحيح الأوضاع المادية والمعنوية والإدارية والتقنية والاهتمام بمواردها البشرية الرافعة الأساسية والحقيقية للمنظومة الصحية، ودعوة إلى الحكومة المغربية ووزارة الصحة إلى إحداث قانون خاص بالمهن الصحية والاعتراف بخصوصية القطاع. إذ بالرغم من التأكيد على ضرورة الاهتمام بالموارد البشرية الصحية وفي مقدمتها الممرضين وتقنيي الصحة، في جل المؤتمرات الصحية والمناظرات الدولية والوطنية لازالت وزارة الصحة المغربية -التي نأمل أن تفي بوعودها التي جاءت في ظل هذه الجائحة- في سياساتها واهتماماتها لم تجد بعد الطريق إلى هذه الفئة، التي يحتفي بها العالم في يومها العالمي الموافق ل 12 ماي من كل سنة؛ هذه الفئة التي تستحق كل التنويه على كل التضحيات الجليلة في أعالي الجبال والمداشر والقرى البعيدة، مضحين بالغالي والنفيس من أجل سلامة المواطنين وراحتهم، مجسدين بذلك أسمى تجليات المواطنة الصادقة، رغم غياب التجهيزات الضرورية والنقص الحاد في الموارد البشرية والفراغ القانوني والحيف الكبير في الاعتراف بما يقدمونه من خدمات عظيمة مقابل تعويضات جد هزيلة وأبرزها التعريض عن الأخطار المهنية. ورغم كونها مهنة إنسانية واجتماعية نبيلة ومن أنجع المهن عبر العالم، ورغم قدرتها على التأثير الايجابي في صحة المريض وتحسين المؤشرات الصحية وتأمين الرعاية الصحية، فإنها مازالت مهنة تواجه مجموعة من الصعوبات والعقبات التي يسببها المجتمع الذي يجب عليه أن يغير من نظرته السلبية وخصوصا أن فيروس كرورنا أظهر للجميع الخدمات والاعمال الجليلة التي تقوم بها فئة الممرضين. ويأتي هذا اليوم أيضا بعدما اعتبرت منظمة الصحة العالمية على أن يكون عام 2020 عاما للتمريض والقبالة والذي يوافق الذكرى السنوية 200 لولادة رائدة ومؤسسة التمريض الحديث فلورانس نايتينغل؛ وهو اليوم الذي اختير في يناير من عام 1974، بعدما تم رفض المقترح – الذي يعتبر أصل الاحتفال بهذا اليوم- الذي قدمه مسؤول وزارة الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية الأمريكية دوروثي سانذرلاند على الرئيس الأمريكي دوايت ديفيد ايزينهاور عام 1953، وهو الرئيس الرابع والثلاثين للولايات المتحدة. هذا اليوم الذي يتم فيه التذكير بإسهامات الممرضين في المجتمع، وكل معاني التضحية والرحمة التي يجسدونها في سبيل رعاية المرضى، وللإشادة بدورهم وتعظيم شأنهم في مجتمعاتهم وللفت الانتباه إلى رفع مكانة مهنة التمريض ليس من أجل رسل المحبة والسلم والسلام فقط، وإنما من أجل المجتمع والمستقبل ككل بما يمثل إقرارا بالدور الذي تضطلع به ملائكة الرحمة في تنمية المجتمع. فإذا كان 12 ماي من كل سنة يوافق الذكرى السنوية لميلاد الممرضة الشهيرة فلورانس نايتينغل، فإنها تمثل ذكرى تضع مهنة العطاء والإنسانية أمام مسؤولياتها التاريخية وتقييم منجزاتها ودورها في حماية ورعاية صحة الشعوب؛ كما هي مناسبة لتقييم مسؤوليات الحكومات والمجتمعات من أجل حماية وتعزيز وتقوية والارتقاء والنهوض بمهنة التمريض، ومعرفة مطالب الممرضين والاستجابة لها من أجل أن يؤدوا أدوارهم على أكمل وجه. ولعل الدور الطلائعي الذي تقوم به فئة الممرضين وتقنيي الصحة اليوم لمواجهة فيروس كورونا المستجد – كوفيد 19- يؤكد فضل الممرض وجهوده الجبارة وأهميته في الحياة، تماشيا مع تعريف منظمة الصحة العالمية التي عرفت التمريض على أنه مساعدة الفرد سواء كان مريضا أو سليما على الارتقاء بصحته، أو استعادة صحته في حالة المرض.كما يؤكد على أنه العمود الفقري وأساس المنظومة الصحية والمجتمع الناجح، ويجب علينا إعطائه جميع حقوقه التي من بينها: تشجيعه على البحث العلمي، من خلال خلق البيئة المناسبة له ودعمه؛ توفير الأمن والرضى الوظيفي؛ تقديم المكافآت والحوافز التي تزيد من دافعية الممرض وحبه لمهنته؛ …الخ، والاستجابة لكل مطالبه المشروعة والعادلة التي من بينها: إحداث الهيئة الوطنية للممرضين وتقنيي الصحة بشكل استعجالي بعدما أعطى الملك الراحل الحسن الثاني، رحمه الله، تعليماته بإحداثها سنة 1971؛ إخراج مصنف المهن والكفاءات في أقرب الآجال؛ الإنصاف في التعويض عن الأخطار المهنية؛ مراجعة شروط الترقي -الخاصة بالممرضين وتقنيي الصحة- فيما يخص النسبة المعتمدة وسنوات اجتياز امتحان الكفاءة المهنية ومسألة التسقيف؛ إنصاف ضحايا المرسوم 2.17.535، عبر تسوية وضعية جميع الفئات، سواء حاملي دبلوم سنتين أو 3 سنوات، دون شرط وبأثر رجعي؛ توظيف الأفواج المعطلة بإحداث مناصب مالية كافية؛ وفتح أسلاك الماستر في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة… الخ. محمد فدواش، ممرض مجاز من الدولة بالمندوبية الاقليمية للصحة بسيدي سليمان