منذ أن أعلنت مجموعة من الدول حالة الطوارئ الصحية و توقيف الدراسة و إغلاق الحدود أمام حركة الأشخاص والبضائع، دخل الاقتصاد الدولي ومعه الاقتصاد المغربي في أزمة جديدة لم يشهدها العالم من قبل، حيث أدى انتشار جائحة كورونا إلى حالة من الركود الاقتصادي تجاوزت تلك التي سجلت في أزمة الأصول المسمومة سنه 2008 (حسب صندوق النقد الدولي سيتراجع الاقتصاد العالمي بنسبة %3). في ظل هذه الأزمة العالمية، شهد الاقتصاد المغربي حالة من الارتباك على مستوى الصادرات والواردات والقطاع المالي والبنكي والقطاع الغير المهيكل. على صعيد الصادرات المغربية، سجل تراجع ملحوظ على مستوى تصدير الفوسفاط وصناعة النسيج والسيارات والمواد الغذائية. حيث إن معظم الدول المصدر إليها وهي فرنسا و إسبانيا وكوريا الجنوبية أوقفت كل تعاملاتها الخارجية، مما أثر سلبا على المقاولات المغربية التي اضطرت إلى تقليص الإنتاج الشيء الذي قد يؤدي فيما بعد إلى تسريح فئات مهمة من الطبقة العاملة. أما فيما يخص الواردات خصوصا الآلات المصنعة و المعدات الصناعية، فإن نذرتها في الأسواق المغربية نتيجة وقف التعاملات الخارجية أثر سلبا على الإنتاج الوطني مما يهدد بارتفاع نسبة البطالة. علاوة على ذلك، فإن الطوارئ الصحية أصابت القطاع الغير المهيكل بالشلل التام، الشئ الذي أدى إلى تفشي البطالة المؤقتة بشكل كبير في هذا القطاع. في ظل هذا الركود الاقتصادي، اعتمدت الدولة المغربية على سياسة نقدية تحفيزية حيث وصل سعر الفائدة إلى نسبة %2(حسب بنك المغرب)، لكن تبقى هذه السياسة غير كافية في ظل غياب فرصة الاستثمار الحقيقية المرتبطة بتوقف الصادرات و الواردات التجارية والصناعية. إلّا أنه وبالرغم من السياسة التحفيزية المعتمدة من طرف بنك المغرب وصندوق الدعم الحكومي، فإن التحول الذي شهده ولا يزال يشهده الاقتصاد الدولي خصوصا ذلك الذي يتعلق بحل الترابط على مستوى سلاسل الإنتاج (الصادرات والواردات) ، يلزم الحكومة المغربية على البدء في مخططات استراتيجية من أجل مواجهة حالة الانغلاق الدولي التي تنبأ بانكماش اقتصادي كبير على المدى القصير و المتوسط. وفي هذا الصدد ومن أجل إيقاف حالة النزيف الاقتصادي وجب العمل على برمجة سياسة اقتصادية استعجالية من أجل إعادة الديناميكية الاقتصادية سواء على صعيد القطاع الغير المهيكل أو على صعيد الشركات الصغرى و المتوسطة أو الشركات الكبرى. على صعيد القطاع الغير المهيكل يمكن للدولة المغربية تقديم إعانات مادية على شكل قروض بفائدة صفرية) أو حتى سالبة( تسترجع في أفق 30 شهرا أي ثلاث سنوات هذه السياسة من شأنها إيقاف نزيف البطالة المرتبطة بهذا القطاع والمقدر ب 12 مليون نسمة. فيما يتعلق بالشركات الصغرى و المتوسطة فيمكن للحكومة المغربية الاعتماد على سياسة الإعفاء الضريبي خصوصا على صعيد القطاعات المتضررة من حالة الانغلاق أما فيما يخص شركات الكبرى فوجب برمجة سياسة اقتصادية هيكلية من أجل إعادة تحويل دفة الإنتاج التي كانت موجهة إلى خدمة الطلبات الدولية إلى منظومة إنتاجية جديدة هدفها تلبية الحاجات الوطنية عوض الاعتماد على الواردات التي تستنزف احتياطات المغرب من العملة الصعبة. وفي الأخير ومن أجل تحقيق هذه الأهداف يمكن للدولة المغربية الاعتماد على سياسة المديونية سواء كانت داخلية أو خارجية شرط أن يتم نفقتها في الميكانيزمات الاقتصادية المؤثرة في عملية الإنتاج أما التغني بالتوازنات الماكرواقتصادية و تأثيرها على السياسات المالية و النقدية فيمكن الحديث عنها بعد خروج الاقتصاد الوطني من حالة الركود الحاد الناتج عن تفشي فيروس كوفيد 19. *باحث في الاقتصاد