يمكن في الوقت الراهن أم هو سابق لأوانه الحديث عن مرحلة ما بعد كورونا والخريطة الجديدة المحتملة للعالم في ضل مجموعة من التوقعات القاتمة لمجموعة من الخبراء في عالم الاقتصاد والسياسة. هناك مجموعة من السيناريوهات الممكنة، المحتملة أو كذلك المستبعدة التي يمكن التطرق لها ونحن في أوج الأزمة والضبابية التي تعتري المشهد العالمي على جميع المستويات باستثناء القطاع الصحي الذي يقاوم كائنا مجهولا لكن لا شيء أصبح مستبعدا الآن وغير متوقع فمن كان يضن أن الإتحاد الأوربي لا يحمل من الإتحاد إلا الإسم ثم من كان يخطر بباله أن كل من إيطاليا، إسبانيا، فرنسا ستنهار أنظمتها الصحية بهذا الشكل وامام ذهول الجميع ثم من كان يحلم ولو في يقضته أن أمريكا القوة العظمى في متخيلنا ستستنجد بالصين لمؤازرتها في محنتها الصحية التي أضحت عويصة خصوصا في ظل التقاعس الذي ابانت عنه الحكومة الأمريكية وتبادل الاتهامات مع الصين في فترات سابقة. كورونا حقيقة ولكن الحقيقة الكبرى أن هذا الوباء سوف يغير موازين القوى وخريطة العالم على المستوى السياسي، الإقتصادي وكذلك الإجتماعي والقومي. مجلة فورين بوليسيي الأمريكية أفردت مجموعة من اعدادها لمجموعة من الخبراء على المستوى السياسي والاقتصادي للعالم ما بعد كورونا التقارير يمكن إجمالها في النقط التالية على المستوى السياسي – إذكاء الخلافات بين مختلف المعسكرات الأيديولوجية بالدول الغربية. – تطوير شكل جديد من العولمة أكثر برغماتية ويوفر الحماية للدولة الغربية. – العالم سيصبح أقل حرية، أكثر فقرا وأكثر قومية وارتباط الفرد بالحكومات لأنها الملاذ الوحيد في المحن وتفشي الأوبئة. على المستوى الاقتصادي – فيروس كورونا نشر الكآبة والإحباط الإقتصادي في جميع دول العالم. – الوضع الحالي لن تستفيد منه سوى الدول التي استطاعت التعافي من وباء كورونا كالصين التي من المتوقع أن تحقق نسبة نمو جد ضعيفة 0.1% حسب آخر توقعات صندوق النقد الدولي الصينية تم كوريا الجنوبية وسنغافورة اللتين نجحتا دون تسجيل أضرار. – العالم سيصبح أقل أقل انفتاحا، أقل نموا وأكثر فقرا لأن آثار الوباء ستمتد لسنوات عديدة. – نهاية العولمة بشكلها الحالي التي أصبحت تخدم مصالح الصين أكثر من المعسكر الغربي، عولمة ستكون على المقاس الصيني التي استفادت كثيرا من الفترة الحرجة التي مرت بها بعد العزلة الاختيارية بين 1842 و 1949 وتداعياتها سابقا. تقارير المجلة الأمريكية لم تقم بتوقعات للعالم العربي أو للقارة السمراء وكأن العالم ما بعد كورونا سوف ينحصر في دول الغرب، أمريكا ثم الصين ودول آسيا. لكن في هذا المحيط الغير واضح على المستوى السياسي والاقتصادي يمكن أن نتوقع مجموعة من السيناريوهات الممكنة. الإتحاد الأوربي بين البقاء والزوال لنعد لأصل الحكاية والبداية من قرار بريطانيا مغادرة الإتحاد الأوربي الكل كان مساءا حتى البريطانيون أنفسهم، قرار كلف هذه الأخيرة استقالة رئيسي وزراء لكن الأحداث الأخيرة وتعامل دول الاتحاد بأنانية كبرى مع محاربة الوباء جعل دول كإيطاليا وإسبانيا مستاءتين جدا و متدمرتين من اتحاد رسب في أول إمتان حقيقي الكل غارق في معضلته . في الحقيقة ودون مزايدات يجب الجزم أن هذا الإتحاد كان مهددا بالانهيار منذ زمن ليس بالقريب فاعتماد اليورو مثلا لما يخدم سوى المصالح الألمانية بالدرجة الأولى وفرنسا بدرجة أقل لذلك يمكن توقع زوال الإتحاد مع زوال وباء كورونا لأن الوضع الاقتصادي العام للدول الأوروبية يزداد سوءا يوما بعد يوم…….. الصينوأمريكا.. المعركة الحاسمة مجموعة من الاحتمالات متوقعة أهمها أن تصبح الصين القوة الاقتصادية الأولى في العالم وتبسط هيمنتها على العالم وبذلك تمدد من نظام العولمة على مقاسها وحسب رغباتها التوسعية لاكتساح شامل لجميع دول العالم. الاحتمال الثاني أن تختفي مجموعة العشرين أو مجموعة السبعة ويصبح نظام عالمي جديد تقوده كل من الصينوأمريكا أما الاحتمال الثالث فبعد تعافي اقتصادات الدول الغربية وأمريكا يمكن للاثنين تشكيل وحدة إقتصادية جديدة في مواجهة الصين. لكن يبقى في نظرنا الاحتمال الأكبرهو أن تصبح الصين أكثر قوة على اعتبار الدور الريادي الذي تقوم به في مساعدة دول العالم في وقت أمريكا غير قادرة على حل مشاكلها الصحية الداخلية خصوصا أنه من الصعب مطالبة الشعب الأمريكي المتمرد بطباعه تطبيق الحجر الصحي. الدول العربية.. ما بعد كورونا ربما التفرقة التي تعيشها الدول العربية وانغماسها في قضايا ونزاعات إقليمية من جهة وداخلية من جهة أخرى كما هو الحال بالنسبة لسوريا و اليمن يجعل مواجهة وباء كورونا صعبة جدا بل كارثية في بعض المناطق . دول الخليج والمنتجة للنفط ستعرف أزمات إقتصادية خطيرة خصوصا مع تدهور سعر البترول واصرار السعودية على تحطيم الأسعار نكاية في الدب الروسي فمن الناجح إذن في ظل هذه العتمة التي تكتسي العالم كالجليد الصامد؟ إفريقيا في سلة مهملات العالم إفريقيا استنزفت لمدة عقود ربما الفترة القادمة مع تفشي الوباء سيجعل القارة السمراء في امتحان عسير يتطلب الاعتماد على الطاقات المحلية واستغلال الثروات الطبيعية التي تمتلكها بشكل أصح وبشراكات إقتصادية تقوم على مبدأ رابح رابح. العالم مجبر أن يتغير ما بعد كورونا التعافي الاقتصادي ربما يتطلب ما بين ثلاث أو خمس سنوات على الأقل. ما بعد كورونا النظام الصحي والتعليمي سيكون أكثر قوة ونجاعة بينما معدلات النمو سوف تعرف تراجعا كبيرا، الشعور بالقومية وتحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الطاقات المحلية، سنعيش ضعف في الاستثمارات الخارجية و تراجع النزاعات الداخلية لأن المجتمعات سيصبح أكثر ثقة في الحكومات. كلنا ترقب لمرحلة ما بعد كورونا ربما سنخرج من الجهاد الأصغر لندخل وأجيال معنا للجهاد الأكبر. * محلل سياسي