أواصل معك أيها القارئ، تأملاتي ،أثناء هذا الزمن الذي فُرِضَ على الجميع ،و سُمِي بالحجر الصحي. تشغلني كثيرا الحالة التي سيصبح عليها العالم ،بعد جائحة فيروس ” كورونا “. و يتبادر إلى ذهني سؤال جوهري و هو : ” كيف سيبدو العالم بعد وباء ” كورونا ” القاتل ؟ إن الجواب عن هذا السؤال ،أصبح محل نقاشات لدى الدارسين و المهتمين بالسياسة و العلاقات الدولية. و بمعنى آخر ،فهو يصب في الحالة التي سيكون عليها العالم و العلاقات الدولية و مدى تأثرها و تغيرها بسبب هذا الوباء الفتاك. لقد خاض المهتمون مناقشات قوية و عميقة بهذا الشأن، كما أنهم حاولوا استشراف المستقبل بناء على المعطيات الحالية . و لا غرابة في ذلك ،فوباء فيروس ” كورونا ” ،يعتبر لدى المراقبين أكبر أزمة في العالم و في هذا القرن بالخصوص ،فهو يهدد نحو 8 مليار من الأشخاص و هم سكان العالم. إن التداعيات الاقتصادية و المالية لهذا الوباء ،يمكن أن تغير بشكل دائم النظام العالمي و توازن قواه. من جهة أخرى على الصين و الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تتوقفا عن تبادل الاتهامات حول من المسؤول عن الأزمة ،فعليهما التحرك لإنقاذ العالم، لأن التعاون الدولي ارتباطا بهذه الأزمة غير كاف ،دليل ذلك هو ضعف دعم الاتحاد الأوروبي لدولة إيطاليا. و يرى بعض المحللين أنه و على المدى القصير فإن هذه الأزمة ستعطي دفعة قوية للقوميين و مناهضي العولمة و أعداء الصين في العالم الغربي ،أخذا بعين الاعتبار الانهيار الاجتماعي و الضرر الاقتصادي الذي ينكشف يوما بعد يوم ،و الذي ربما يشابه الأزمة المالية في الثلاثينات من القرن الماضي و بناء نظام عالمي جديد يحمل ضمانات لحماية الدولة و بمعنى آخر ستخرج الديمقراطيات الغربية من قوقعتها و تحاول البحث عن نماذج أكثر أمانا للتعاون. و يمكن تقديم خلاصات لهذا النقاش على الشكل التالي : – تغيير النظام العالمي و توازن القوى. – انتهاء نظام العولمة الاقتصادية. – نسف القواعد الحالية لعمليات التصنيع. -فشل المؤسسات الدولية في القيام بدورها. – توقع تفكك الاتحاد الأوروبي بعد فشله في مواجهة الأزمة على مستوى أعضائه. – الانكفاء على الداخل و تراجع القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك. -تقوية مفهوم الحكومة المركزية – بروز قوة التضامن و التعاطف و التآزر و نجاحها في مواجهة الخطر. – المنتصر في الحرب على ” كورونا ” هو الذي سيكتب التاريخ و يحدد المستقبل بشكل كلي و نهائي. بقيت الإشارة إلى أنه و بعد هذه الجائحة ستخفض القدرة الإنتاجية للاقتصاد العالمي ،كما أن خطر العزلة سيكون عظيما خاصة بالنسبة للدول النامية التي لها جزء كبير من العمالة غير المحصنة اقتصاديا. و يرى هؤلاء المراقبون المختصون و المحللون أن العالم في نهاية الأمر سيكون : أقل انفتاح ،أقل حرية و أكثر فقرا.